د. كمال البعداني
أني أحيي على بعد المدى "قطراً" وهم قريب إلى قلبي وإن بعدوا
تاريخهم زينة الدنيا وحاكمهم سيف مع الحق مسلولَ ومنجردّ
هكذا وصفها أحد الشعراء دولة قطر بعد حرب الإنفصال عام 94م بسبب موقفها الداعم للوحدة اليمنية آنذاك ، وقد استذكرت هذه الأبيات عندما شاهدت قبل أيام برنامج الإتجاه المعاكس في قناة الجزيرة والذي خصص لمناقشة الأوضاع في اليمن شاهدت كيف أصبحت هذه القناة تحاول إبراز كل ما هو سلبي في اليمن ويؤثر على وحدته، حتى اختيارها للأشخاص الذين تستضيفهم على شاشتها، يتم اختيارهم بعناية بحيث تعلم مسبقاً بأنهم سيخدمون سياساتها الإعلامية المستحدثة تجاه اليمن ، وما حصل في برنامج الإتجاه المعاكس خير شاهد فمع احترامي للأخ الأستاذ/ عباس المساوى أحد أطراف الحوار في هذا البرنامج والذي خصص للحديث عن اليمن ، إلا أن الأخ/ عباس قد حضر إلى هذا البرنامج وهو يحمل فقط حب اليمن ووحدته أما كيف يعبر عن هذا الحب؟ وكيف يدافع عن هذه الوحدة؟ فهذا هو الذي كان يفتقر إليه ، وهو ما كان يعلمه مسبقاً فيصل القاسم وصديقه الدكتور خالد القاسمي نقول له أنه يحمل الجنسية الإماراتية ولكنه من أصل يمني كتب للوحدة وألف الكتب وقال في الرئيس/ علي عبدالله صالح ما لم يقله المتنبي في سيف الدولة، ويبدو أن الأزمة المالية التي تمر بها بلادنا قد انعكست سلباً على الموقف الوحدوي للقاسمي والذي يملك أيضاً أرض واسعة في منطقة حدة بالعاصمة صنعاء نقول أن الأزمة المالية انعكست على موقف هذا الوحدوي فما كان منه إلا أن يقوم إلى جانب ترشيح الأخ/ عباس بتلك المداخلة الشنيعة عبر برنامج الاتجاه المعاكس والذي لا شك عندي بأن الإتفاق كان مسبقاً مع قناة الجزيرة حولها ، نعود إلى الأخ/ عباس ولن أتحدث عن الطرف الآخر في الحوار "عبده النقيب" ممثل التاج البريطاني لأنه لا يستحق الاهتمام بسبب تفاهة ما كان يطرحه في الحوار ، فقد تخلى حتى عن أصله اليمني إرضاء لصاحبة الجلالة الملكة أليزابيت حاملة التاج البريطاني وأصبح ينادي بالجنوب العربي والذي أطلقته بريطانيا عام 1952م على مدينة عدن ولحج وأبين وهاهو النقيب يحمل نفس المشروع الآن كما قلنا سابقاً أن الأخ/ عباس لم يكن يحمل معه إلا حب اليمن والوحدة فقط مع افتقاره إلى الأسلوب، فمع إنطلاق صافرة البداية من قبل الحكم الغير عادل فيصل القاسم حتى انطلق أخونا عباس بسرعة ملقياً خطبة حماسية متشنجة وبصوت مرتفع تصبب على إثرها العرق من جبينه مباشرة، وهذا الطريقة في الإلقاء تذكرني بإسلوب الأخوة الحجاج من أبناء اليمن والذين يستضيفهم التلفزيون في موسم الحج فما أن يمسك أحدهم بالميكروفون حتى يندفع مسرعاً قائلاً "أنا الأخ الحاج فلان الفلاني أهدي سلامي وتحياتي للأخ الرئيس حفظه الله ورعاه وسدد على طريق الخير خطاه وكذلك إلى أولادي محمد و. . . . . . "
وهنا ينقطع الميكروفون وينتقل إلى آخر دون نعلم من هم بقية أبنائه ، ولكن هذا الحاج يشعر بالسعادة بأنه قد أوصل تحياته للأخ الرئيس ودعا له أما بقية أبنائه فسوف يوصل لهم التحية بنفسه عند العودة، ولكني بالحقيقة لا ألوم الأخ عباس والذي فجر قنبلة من العيار الثقيل في هذا البرنامج عندما قال إنه لا يوجد فساد في اليمن فاعتقد أن معظم المسئولين في بلادنا قد ضحكوا بملئ فيهم بل واستلقوا على ظهورهم عندما سمعوا هذا الكلام ولسان حالهم يقول اللهم أكثر من مثل عباس في هذا البلد ، نعم لا ألوم الأخ عباس بقدر ما ألوم الجهات المعنية في بلادنا والتي لم تؤتي الأمر حقه من الاهتمام كما قال فيصل القاسم بأنه ظل يتواصل معهم طيلة شهر كامل دون استجابة، ولأن أصحابنا خفيفين عقول فقد اعتقدوا بأنهم إذا لم يرشحوا شخصاً ما لهذا البرنامج فإن الدكتور فيصل سيقوم بإلغائه وهذه من البلاهة والسذاجة التي يتمتع بها أصحابنا دون إدراك منهم بأن الأخوة في قطر قد بيتوا لنا النية مع سبق الإصرار والترصد بعد اعتذار الأخ/ رئيس الجمهورية عن حضور قمة غزة في الدوحة، وقد انعكس هذا الوضع على تناول قناة الجزيرة للمواضيع في بلادنا ابتداء بإخراجهم لمقابلة العطاس من أرشيف 2008م وانتهاء بالأتجاه المعاكس والآتي أعظم، مصيبة الجهات المعنية هنا أنها لم تدرك أن قناة الجزيرة تمثل رحمة قطر وغضبها، تصيب بها من تشاء وتصرفها عمن تشاء، في عام 94م كان معظم محيط اليمن ضد الوحدة اليمنية بينما دولة قطر على النقيض من ذل حتى أن أبناء اليمن كانوا يرفعون صور أمير قطر السابق إلى جانب صور رئيس الجمهورية ، والآن ها هي الدول المحيطة تعلن وقوفها إلى جانب اليمن ووحدته "لنا الظاهر ولله الباطن" وأني أخشى والله أن يكون موقف قطر هو النقيض وإذا حصل هذا من الأخوة في قطر لا قدر الله فإن هذا يجعلنا نعتقد أن موقفها من الوحدة في عام 94م كان يدخل ضمن المماحكات والمعاندة مع بعض دول الجوار وليس ناتجاً عن مبدأ وقناعة ، وهكذا يفسر موقفها من بقية المواضيع العربية والدولية، نسأل الله أن لا يفجعنا في قطر وأن لا يأتي الخطر من قطر.
ظهور علي سالم البيض مؤخراً في وسائل الإعلام بعد خمسة عشر عاماً من غيابه يذكرني بظهور الإمام السابق لليمن محمد البدر والذي أطاحت به ثورة سبتمبر ، فاختفى عن الأضواء من عام 70م ، المصالحة في اليمن ثم أظهرته بعض وسائل الإعلام الخليجية بعد عشرين سنة من اختفائه وتحديداً عام 90م أثناء حرب الخليج الأولى وقد تم إظهاره نكاية بالحكومة اليمنية بسبب اتهامها بالوقوف إلى جانب العراق ، وقد ظهر البدر وأعلن أنه سيستعيد عرش آبائه وأجداده، وأن الشعب اليمني في انتظاره وقد ظهر آنذاك وهو معتل الصحة بعد أن تقدم به العمر ، وما هي إلا مدة يسيرة حتى انتقل إلى جوار ربه، وهكذا يتم تحنيط مثل هذه الشخصيات لاستخدامها في وقت الحاجة.