بقلم/ ممدوح طه
الخلاف الأميركي الإسرائيلي حول الأولويات والغايات والوسائل الذي ظهر واضحا حول سبل حل الصراع العربي الصهيوني حول القضية الفلسطينية قد يبدو هامشيا، ولكنه في ظل اعتبارات أميركية عديدة مرشح للتصاعد أهمها حرص الرئيس الأميركي على إصلاح الخلل في الموقف الأميركي السابق المنحاز لإسرائيل على حساب الحق والعدل.
وغير المتوازن تجاه العالمين العربي والإسلامي الذي أضر بالمصداقية والمصالح الأميركية، وصولا لموقف أميركي أقل انحيازا وأكثر توازنا، تحقيقا للمصالح الأميركية أولا والإسرائيلية ثانيا.
ومن هنا كانت رسالة الإدارة الأميركية الجديدة لكل من الإسرائيليين والعرب عزمها على مواصلة السعي لحل القضية الفلسطينية التي يضعها ضمن أولوياته كمدخل لحل جميع القضايا العربية والإقليمية المتصلة بتلك القضية والمترتبة على استمرار هذا الصراع للتوصل إلى السلام مهما كانت العقبات باعتبار أن تحقيق السلام في المنطقة هو مصلحة قومية أميركية مثلما هو مصلحة للإسرائيليين والفلسطينيين وجميع دول المنطقة أيضا..
ومن هنا أيضا جاء تأكيد الرئيس الأميركي باراك أوباما لرئيس الحكومة اليمينية الإسرائيلية بنيامين نتانياهو في أول لقاء لهما بعد انتخابهما، على تمسكه بإقامة دولة فلسطينية مستقلة للتوصل إلى تسوية سلمية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس «حل الدولتين»، بما يضع السعي لحل القضية الفلسطينية أولا، وبما يقطع الطريق على المراوغات الإسرائيلية لقلب الأولويات وعلى موقف نتانياهو الرافض لإقامة دولة فلسطينية مستقلة والمحرض على «إيران أولا» و«فلسطين ثانيا»..
مما دعا صحيفة بريطانية هي «الإندبندنت» إلى دعوة أوباما إلى حشد الدعم للوقوف في وجه الميول الإسرائيلية لتجميد عملية السلام مع الفلسطينيين بحجة التهديد المستمر من إيران!. ومطالبة الرئيس الأميركي لإسرائيل بثبات بضرورة وقف بناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية تنفيذا لالتزاماتها ب«خارطة الطريق»، كمدخل ضروري لاستئناف التفاوض وصولا إلى الحل، هو موقف إيجابي يتوافق مع موقف الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي يشترط وقف الاستيطان قبل استئناف المفاوضات.
فيما يشترط نتانياهو الاعتراف الفلسطيني والعربي بيهودية دولة إسرائيل لاستئناف المفاوضات، يبدو موقفا أميركيا يختلف عن الموقف المتواطئ للرئيس الأميركي السابق الذي كان دائم المطالبة للفلسطينيين للقبول بالشروط الإسرائيلية للتفاوض بما بدا أكثر صهيونية من صهاينة إسرائيل!
وهو مؤشر على أن إدارة أوباما ستتخذ موقفا أكثر صرامة مع الحكومة الإسرائيلية بشأن قضايا تتعلق بعملية السلام، مما أثار مخاوف الإسرائيليين من إحداث شق بين الحليفين.
خصوصا وأن مسألة الاستيطان أصبحت هي العقبة الكبرى بعد أن زاد عدد المستوطنين في الضفة الغربية على الضعف منذ اتفاقية أوسلو عام 1993، حيث ارتفع عددهم من 116 ألفا إلى 285 ألفا العام الماضي، بالإضافة إلى أكثر من 180 ألف مستوطن يهودي يعيشون في القدس الشرقية المحتلة كما ذكرت الصحيفة.
وفيما يبدو الرئيس أوباما أمام اختبار بين خيارين إما التعامل مع إسرائيل كدولة فوق القانون، أو إلزامها بحل الدولتين سعيا لسلام شامل بالمنطقة، كما قال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات الذي يرى أن نتانياهو لا يرغب بحل الدولتين.
قال الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى أخيرا على مسامع شمعون بيريز رئيس الكيان الصهيوني أنه إذا فشلت الجهود الأميركية لحمل إسرائيل على القبول بحل «الدولتين المستقلتين» فلن يبقى أمام العرب سوى حل «الدولة الديمقراطية الواحدة»، وإذا فشلت الحلول السياسية فلا حل أمامهم سوى المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي..<
كاتب مصري