عصام المطري
القيادة الذاتية من : هم ألوان القيادة على الإطلاق ، وهي تأتي بعد معرفة الذات ، الغوص في مكامن النفس البشرية السوية إلى الأعماق ، وبعد البحث عن الذات البشرية،وتقدير الذات تقديراً كبيراً يقوم على أساس نفسي وعلمي، فالمنطوون لا يتمكنون من القيادة الذاتية ذلكم أنهم لم يخبروها على الواقع العملي المعيشي، لأنهم لم تكن لهم تجربة اجتماعية شخصية في القيادة ، فالجماعة تعرف الإنسان الفرد العاقل السوي بكل شيء، فتعطيه الإمكانات والمقدرات الجوهرية عن معرفة وفهم الذات وتجعله يتحرك في فضاء كبير من الإبداع والتألق، وتدفع به في محيطه الاجتماعي نحو النجاح والتألق في القيادة لذاته، وحسن مخاطبة الناس، والتعاطي والتعامل معهم على وجه البسيطة.
والقيادة الذاتية فن من الفنون لا يجيدها إلا من حاز على القيادة الاجتماعية في محيط جماعة معينة، فالجماعة السياسية سواءً كان نقابة أم كان منظمة أم مكان تنظيم أو حزب سياسي هو التي تبصر الإنسان السوي العاقل بأموره الحيوية العامة، وتعطيه مؤشرات عن الواقع العملي المعاش الذي يعيش فيه الفرد ، فالذي ينجح في محيط الجماعة السياسية الأولى لا شك أنه ينجح في حايته الذاتية ، فمن لم يستطع قيادة الآخرين، وقيادة الأعمال الكثيرة لا شك أنه عضو غير فعال ولن يتمكن من قيادة ذاته، فقيادة الذات حكر على النوابغ الذين يتضوع الحق فيهم ويظهر ، يبدون تمسكاً بنظام الجماعة السياسية الأم ، ويبتعدون عن حياة الدعة والكسل والتراخي، وحياة التآمر والتجنيد الداخلي المؤسسي للانشقاق المحض.
فالجماعة التي لم تتمكن من الاختبار للصف الأول لها وهم جميع القيادات السياسية حتماً سيكون عمرها الافتراضي ضئيل للغاية ، وأما بالانشقاق والتشظي لأنها لم تتمكن من الاختبار لقيادات الصف الأول، فقيادة الصف الأول يجب أن يكون نخبوي يحتوى على النخبة في كل شيء .. النخبة في السياسة ، والنخبة في الثقافة ، والنخبة في الاجتماع على أن المرحلة الثانية الحياة الجماعة السياسية غير مهمة وأقصد بذلك اختبار قيادات الصف الثاني والثالث والرابع وقواعد الجماعية، فالمهم والأعلى الجماعة السياسية الأم أن تختار قيادات الصف الأول بإحكام وفق شروط ومواصفات غاية في التعقيد لأن ذلك ضروري.
والقيادة الذاتية قد تكون قيادة الفرد لذاته، وقد تكون قيادة الجماعة لذاتها فالجماعة التي تريد أن تنجح يجب عليها أن تختار قيادات الصف الأول كما اشرنا سابقاً. بإحكام من أولئك الأشخاص الذين يتمتعون بالمعدن الأصيل الذي يثبت أمام الزوابع، ومن الأشخاص المتقدمين ذكاءً في المدارس الثانوية وفي المعاهد المتخصصة،وفي الجامعات والكليات الدراسية من أجل أن تتمكن الجماعة من قيادة ذاتها عبر القيادة المشتركة للفيف من العباقرة وأصحاب المؤهلات العالية ومن يتميزون بنقاء الجوهر ومعدنية السريره وأفضل هنا أن أشير إلى ضرورة إختيار قيادات الصف الأول من الأخوة المصلين الذي هم في صلاتهم دائمون، ومن تحقق فيهم مكامن الإيمان ، وكذا سوف تتمكن الجماعة من القيادة.
وثمة مؤشرات حقيقية لصناعة الفرد الإنسان السوي العاقل الذي يتجه صوب قيادة ذاته قيادة ممتازة حيث أنصح في هذا المجال بالمداومة في الإطلاع الخارجي من أجل تكوين ثقافة ذاتية للفرد، وهذا المطالعة لابد أن تكون ابتداء في اليوم ساعتين في الصحف المجلات والكتب القيمة ، وعدم تضييع الوقت بدون فائدة فالاطلاع يجلي العقل ، ويدر الحكمة، ويرفع من معنويات الشخص وهو في المحيط الاجتماعي ، فالقراءة تنمي العقل ، ولا نستطيع نتصور إنسان بدون قراءة كيف سيكون مستواه الثقافي والعلمي؟ وكيف سيكون تأثيره في المحيط الاجتماعي الذي يعمل فيه؟؟.
إن القراءة والاطلاع هما الحصن الحصين للنشئ والشباب ، وعلينا أن نعود النشء والشباب على القراءة والاطلاع الخارجي من المدرسة حيث يجب أن تعتمد مكتبة الفصل الدراسي في الصف الواحد في المدرسة، وندفع بالتلاميذ إلى الاستعارة من تلك المكتبة وفق نظام الاستعارة المعمولة به ، ويفضل في مستويات التعليم الأساسي أن تكون القراءة وأن يكون الاطلاع منصباً على قراءة القصص والمغامرات المفيدة من أجل تنمية الإبداع اللفظي، فالذي يريد أن ينمي ثروته اللغوية عليه الإطلاع والقراءة في القصص والشعر الغير معقد من أجل حصول الفائدة في الثروة اللغوية،وأحبذ أن تكون القراءة وأن يكون الاطلاع الخارجي إلزامياً للطالب في مدارس التعليم الأساس والثانوي من أجل حصول الفائدة.
ولعل القيادة الذاتية للفرد الإنسان السوي العاقل تستحيل إلى مادة سلسة وغير مركبة أو معقدة بفعل الاستمرار الكبير في الإطلاع والقراءة الخارجية في الصحف المجلات والكتب المتنوعة، فحين يصل المرء إلى تشبع ثقافي وعلمي يسهل معه في ذلك الحين القدرة على قيادة الذات ، فقد ذاتك بدلاً من أن تكون منقاداً للخير ، وطبعاً نحن هنا لا نحرض على القيادة الاجتماعية، فالذي يقود ذاته حتماً سيكون له قائد في الحياة الاجتماعية أو في الجماعة السياسية ولا نمانع في ذلك، فالمرأة العاقلة تدرك أهمية قيادة الذات حيث البرمجة الذاتية والتهيئة النفسية فالقائد يرى أنه أحسن من أناس كثيرين وأنه أوعى منهم ثقافياً وعلمياً واجتماعياً، وأنه يجيد القيادة الذاتية الصعبة.
والقائد الذاتي يقول لنفسه مخاطباً : "أنا أفضل من فلان ، ومكوناتي الشخصية أفضل منه وأنا أقوى منه في شخصيتي"، هكذا ينبغي أن يدمج القائد ذاته ويقودها، فتصغر أمامه الكبائر، فمن لا يختار لذاته لا يستطيع أن يختار للآخرين.. المهم أن نبذل جهداً كبيراً وفعالاً في عملية القيادة الذاتية ، وتسهيل كل صعب أمام الذات من حيث يقول القائد لذاته : " أنا سوف أذاكر وسيأتي الاختبار سهلاً وسوف أستطيع الإجابة من أجل الحصول على علامات كبيرة " ويقول "مادة الرياضيات سهلة وأنا سأفهم ما يشرحه المعلم ولن أجد في ذلك صعوبة والذي لم أفهمه سأخبر المعلم أن يفهمني إياه" وهكذا ينبغي برمجة الذات .
على أن القيادة الذاتية مادة للتشويق وللإمتاع والتسلية ، فجميعنا يقود ذاته ولا يجعل ذاته هي التي تقود قال تعالى:" وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى" فلا بد أن ننهي النفس عن المحظور ونعلمها إتيان المعروف، ومحاربة المنكر ، والقضاء على الفواحش النفس أجل العافية العلمية في الحياة السياسية والحياة الاجتماعية والحياة الاقتصادية وغيرها الكثير من مجالات وميادين الحياة المتعددة والمتنوعة.<