شمس الدين بن علي السالمي
منذ أن نُكبت فلسطين بالكيان الإسرائيلي المغتصب وهي تعيش حالة حرب لا يبدو في الأفق ما يوحي بأن لها نهاية أبدا إلا بالرضوخ التام والاستسلام للمحتل، وإما بالوحدة الوطنية والمقاومة الشاملة لإخراج العدو المستعمر.. ومنذ العام 1948، عام النكبة، والفلسطينيون يعانون من الظلم المستمر والعدوان الهمجي من حين إلى آخر، والذي لا يفرق بين المدني والعسكري ويهدم ويدمر كل ما تطاله آلته العسكرية...
وأمام كل هذه العنجهية الإسرائيلية ليس بوسع أي أحد من العرب فعل شيء سوى إحياء ذكرى هذه النكبة، التي هي في الحقيقة نكبة للعرب جميعا وليس نكبة الفلسطينيين فقط.
ولكن إلى متى سيظل العرب، والفلسطينيون خصوصا، يقتصرون على إحياء الذكرى وراء الذكرى؟ من يوم الأرض، إلى يوم الأسير، إلى نكبة 48، إلى حرب 1967... والعدو ماض في تنفيذ مخططه، ونحن نتنازل عن أرضنا شبرا شبرا، ولا نعرف إلا التنديد والشجب وإعادة إعمار ما دمره المحتل الغاصب؟.
والأنكى من ذلك أن تضاف إلى هذه النكبة نكبة أخرى داخلية، ألا وهي الانقسام الفلسطيني والتناحر على إمارتين، إحداهما مقاومة والاخرى مستسلمة خانعة لذل الاحتلال وكأنه قدرها المحتوم.
الانقسام الفلسطيني ينطبق عليه المثل العربي "تنازع نسران على فريسة فكانت من نصيب الثعلب"، ففتح وحماس تتناحران على سيادة مفقودة، وسلطة غير موجودة، وستكون- إذا استمر هذا الوضع المهين- من نصيب إسرائيل. فقد تركوا العدو المشترك يعيث في فلسطين فسادا وتفرغوا لبعضهم البعض، يبتكرون المصطلحات بخصوص الاحتلال والاتفاقيات المبرمة معه.. ومتى التزم هو- أي الاحتلال- بأي اتفاقية كانت، إذا لم تصب في مصلحته وتخدم أجندته الاستيطانية؟!
إن الحق العربي، الفلسطيني، في القدس وفي عودة اللاجئين إلى ديارهم، وفي الوحدة الفلسطينية.. لن يسقط أبدا ما دام هناك مؤمنون بقضيتهم المركزية، ومؤمنون بأن العدو مشترك، وبأن الحقوق- كل الحقوق- لن تسترد إلا بالنضال والإصرار على استعادتها بالقوة، وبأن الاحتلال مصيره دائما إلى زوال.<