عصام المطري
تجنح شخصيات سياسية، ومجاميع وقوى وأحزاب سياسية واجتماعية إلى معانقة حياة الجمود والسلبية باعتبارها حسب تصوراتهم - مخرجاً سياسياً لائقاً بهم لا يعرضهم إلى إراقة ماء الوجه وهو ما نراه ونلمحه من سلوك تلك الثلة التي تؤاثر هامش الحياة على المعترك السياسي الفعال فيقاطعون السياسة والعمل السياسي على الرغم من مؤهلاتهم السياسية والثقافية النادرة، هذا فضلاً عن نجاحاتهم في التعاطي مع الشأن السياسي الراهن من قبل ومن بعد زاهدين في الحياة السياسية ولا يريدون وجع دماغ كلما اشتدت رحى السياسة في الدوران على وجه هذه البسيطة.
- ولا يمكن أن نصنف هؤلاء العانفين عن السياسة والعمل المضني بأنهم أشخاص غير ناضجين سياسياً بل على العكس هم على نضوج سياسي ووعي كبير الا أنهم أصحاب قناعات تحترم قناعتهم وخيارهم السياسي الوحيد في مقاطعة الأحزاب، وبالتالي مقاطعة العمل السياسي المضني، فقد يصل بأحدهم أن يكون من العباقرة ومع ذلك يعزف عن العمل الجماعي السياسي حسب اجتهاده وقناعاته السياسية التي يجب أن تحترم، فأولئك متساقطون على طريق العمل الجماعي السياسي ولا يعيبهم أي عائب، فمن حقهم أن يعيشوا بقناعتهم.
- والمتأمل الفاحص للخطاب السياسي والثقافي والفكري والإعلامي لبعض المجاميع السياسية يرى العجب العجاب حيث الخلط الفاضح بين مفردات العملية السياسية وبين الاستحقاقات السياسية لتحتل تلك المجاميع والأحزاب والقوى السياسية الفاعلة في الساحة الوطنية لقب (المشاكس) السياسي لانها تقوم بتهييج الرأي السياسي العام دون أن يكون هنالك منها حاجة، وتتعامى عن رأي اللعبة السياسية في البلاد وموازين القوى، وتفلح في إثارة الرأي السياسي العام إلى حد الثمالة، وتخلق ضوضاء أكثر إزعاجاً في الحياة السياسية، وتتعدى على المتعارف عليه سياسياً وحزمة الثوابت الوطنية والمجتمعية، وتصحر البلاد من الوعي والفهم والإدراك العميق لتطلعات الأمة في العيش الأرغد الهانئ.
- وثمة مجاميع وأحزاب وقوى سياسية واجتماعية ناشطة تعمل بهدوء ولها مشروع نهضوي تقدمي إلا أنها ممتثلة لحياة الزهد السياسي، فيصيبها الفتور بعد الشدة كما يصيبها الإرهاق لأنها إستنفذت طاقاتها وقواها في مراجعة معينة ولأن الشباب فيها لا يمثلون القيادات الفوقية والعليا وانما يمثلون القيادات الدنيا لذلك فإن تلك المجاميع فاترة سياسياً وليس لها أي مشروع في التعاطي الحديث مع الراهن السياسي العصري، فهي أحزاب زاهده سياسياً وقد تركت الساحة لغيرها من الفوضويين والمشاكسين.
- إن زهد المجاميع والقوى والأحزاب والتنظيمات السياسية الفاعلة في الحياة السياسية يضر بأركان اللعبة السياسية القائمة حيث تترك هذه الأحزاب كما أشرنا الساحه السياسية لفوضويين لم يعشقوا السياسة وإنما بهم غوغاء يخربون ويضرون بمصالح الوطن الإستراتيجية، فالأحزاب السياسية العاقلة الزاهدة سياسياً تركت فراغاً في الحياة السياسية وعليها أن تفعل نفسها أكثر من اجل السيطرة على الملعب وعدم السماح لغوغاء الدخول المباشر في اللعبة السياسية القائمة في البلاد لأن ذلك يكلف البلاد المزيد من التبعات.
- لقد تدهورت الأوضاع السياسية جراء الزهد السياسي لبعض المجاميع والأحزاب والقوى والتنظيمات السياسية والاجتماعية الفاعلة في الساحة الوطنية، وعلى من عشق الزهد السياسي في اللعبة السياسية المحترمة في البلاد عليه الرجوع إلى الحياة السياسية والتعاطي والتعامل معها بروح المسؤول المفكر الذي يزيل العقبات والنتوءات من على كاهل اليمن الحبيب لنقطف ثماره الحلوة يوماً بعد يوم في مقاطعة للزهد السياسي وتفعيل أكثر للفاعلية الحزبية والسياسية في كافة الأطر الحزبية والتكوينات المختلفة والله الموفق. <