بقلم :ممدوح طه
فارق كبير بين شن الحرب العدوانية، وأن تقاوم لتحرير أرضك المحتلة، أو أن تحارب دفاعا عن نفسك وأرضك إذا فرضت عليك الحرب.. وبين أن تعمل من أجل السلام العادل، وبين أن تقبل الاستسلام للاحتلال وللأمر الواقع.. أو أن تقاوم المحتلين الظالمين، وأن تهاجم الآمنين المسالمين.
وهذا هو الفارق بين احتلال إسرائيلي مجرم وغير مشروع لأرض فلسطينية أو لبنانية أو سورية، والمقاومة العربية المشروعة لهذا الاحتلال، ولأن أي احتلال هو قمة الإرهاب لأي شعب من الشعوب فإن مقاومته بكل الوسائل هو حق بل واجب وطني مشروع لكل الشعوب، والعرب والمسلمون ليسوا استثناء من هذا الحق.
ولأن شرائع السماء والمواثيق والقوانين الدولية لا تطبق نفسها بنفسها بل تحتاج لقوة وطنية أو دولية لتطبيقها، ردا للمعتدين ونصرة للمعتدي عليهم، ولأن فائض القوة يغري المعتدين بتحدي المباديء الدينية والقانونية والإنسانية، ولايسلم بحقوق الشعوب عن طيب خاطر، ولأن إسرائيل بدعم أميركي رفضت الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة طبقا للقرارات الدولية..
فقد احتاج القرار الدولي 242 الذي لايجيز الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة مطالبا إسرائيل بالانسحاب من أراض عربية احتلتها فى عدوان يونيو عام 67، إلى حرب عربية فى اكتوبرعام 73 بعد ست سنوات من الاحتلال لتحرير جزء من الأرض المحتلة.. كما احتاج القرار الدولي 425 الذي يطلب من جيش الاحتلال الإسرائيلي الانسحاب الفوري من جنوب لبنان بعد غزوة للبنان عام 82 إلى مقاومة وطنية لبنانية بعد 22 عاما من الاحتلال لتحرير الجنوب في 25 مايو عام 2000.
ويتضح الغباء من الإصرار على تكرار المغامرات الفاشلة، والمقامرات الخاسرة، والمراهنات المجنونة، والسير بعكس اتجاه حركة التاريخ، وفي فهم أن معرفة النتائج إنما يبدأ بقراءة المقدمات، ولا يبدو أن «تل أبيب» قد تعلمت شيئا من الاحتلال الفاشل لسيناء المصرية مرتين..
و لا من العدوان الفاشل على الجنوب اللبناني مرتين بتكلفة من الخسائر البشرية في كل مرة عالية وإن أخفت حقيقة أعدادها، لكن يكفي أنها في العدوان الأول اعترفت بألف قتيل صهيوني، وفي المرة الثانية حكم على قادتها بالفشل بعد ضرب العمق الإسرائيلي بصواريخ المقاومة إلى ما بعد حيفا..
حين لم تفهم إسرائيل درس الفشل في المرة الأولي وهو أنه لا دوام للاحتلال لجأت إلى فشل جديد في المرة الثانية، وحين بدا أنها لم تفهم شيئا من إجبارها على الانسحاب من سيناء بعد عدوان 56، عادت للعدوان والاحتلال من جديد ليدحرها الجيش المصري مرة ثانية ولتحتفل مصر بيوم تحرير سيناء فى 25 إبريل من كل عام. وحين بدا أنها لم تفهم شيئا من هزيمتها الأولى، ومن الفرار المهين كالفئران من الجنوب اللبناني عام 2000 على يد المقاومين اللبنانيين رغم مرور أكثر من عقدين من الاحتلال والمقاومة والتضحيات الغالية للشعب اللبناني في الجنوب.
وفي ذكرى تحرير الجنوب اللبناني، مرة أخرى، تلعب إسرائيل بالنار حين تلوح من خلال مناوراتها العسكرية الحالية على حدود لبنان بالعودة للمغامرة بالعدوان سواء على لبنان أو بالمقامرة على ماهو أبعد من لبنان لتحرق كل أوراقها في الأمن أو السلام.. ذلك أنها على مايبدو لم تتعلم شيئا بعد!