عبد المجيد السامعي
ما تعانيه الأمة من فتن إنما هو بسبب البعد عن منهج الله، ولم تترك السنة النبوية شيئاً إلا وتحدثت عنه، فكما نبأ الصادق الذي لا ينطق عن الهوى بخير للمسلمين ونصر للدين نبأ أيضاً بشرور تحدث للمسلمين وأخطر الشرور هي الفتن، فتن لا يعلم أحد وقتها أين الصواب ويختلط الأمر على الجميع ولا يدري أحد الصواب من الخطأ، مع من يسير، مع حزب فلان أم مع الشيخ فلان أم مع من؟
هذه الفتن ربما إن نظرنا حولنا وربما تكون داخل بيوتنا وربما نفعلها بأنفسنا ولا ندري بها.
يدعو فيها المسلم دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يدعوه دائماً الصحابي الجليل معاذ بن جبل رضي الله عنه ويقول: اللم إني أسألك فعل الخيرات وأن تغفر لي وترحمني وإذا أردت بقوم فتنة فتوفني غير مفتون، اللهم إني أسألك حبك وحب من يحبك وحب كل عمل يقربني إلى حبك.
إنها فتن آخر الزمان التي نص عليها المعصوم صلى الله عليه وسلم بأحاديث صحيحة يعرفنا إياها فهو مبلغ الدين كاملا ومما يدل على هذا حديثه صلى الله عليه وسلم عن أبي عامر الهوزني عن معاوية بن أبي سفيان قال: قام فينا فقال ألا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فينا فقلا ألا إن من كان قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملة وإن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين ثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهي الجماعة.
وفيما يلي ذكر أحاديث فتن آخر الزمان:
عن أنس بن مالك قال: ألا أحدثكم حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه لا يحدثكم احد بعدي سمعته منه: إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويظهر الجهل ويفشو الزنا وشرب الخمر ويذهب الرجال ويبقى النساء حتى يكون لخمسين امرأة واحد.
جاء في مسند الإمام أحمد بن حنبل:
عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب حتى لا يدري ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة وليسرى على كتاب الله عز وجل في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية وتبقى طوائف من الناس الشيخ الكبير والعجوز يقولون أدركنا آباءنا على هذه الكلمة لا إله إلا الله فنحن نقولها فقال له صلة ما تغني عنهم لا إله إلا الله وهم لا يدرون ما صلاة ولا صيام ولا نسك ولا صدقة فأعرض عنه حذيفة ثم ردها عليه ثلاثاً كل ذلك يعرض عنه حذيفة ثم أقبل عليه في الثالثة فقال صلة تنجيهم من النار ثلاثاً.
سنن ابن ماجه/ الفتن / ذهاب القرآن والعلم.
حيث واضح أن هناك من يقول لا إله إلا الله لا يعمل بها ولا حول ولا قوة إلا بالله بل يرددها فقط وكأنه يرددها لأنه ورثها:
وعن شقيق قال كنت مع عبدالله وأبي موسى فقالا: قال النبي صلى الله عليه وسلم إن بين يدي الساعة أيام ينزل فيها الجهل ويرفع فيها العلم ويكثر فيها الهرج والهرج القتل.
صحيح البخاري / الفتن / ظهور الفتن.
واقرأوا هذا الحديث الخطير الذي كأنه يعبر عن حال زماننا بالضبط
عن عمران بن حصين قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف فقال رجل من المسلمين يا رسول الله ومتى ذلك قال إذا ظهرت القينات والمعازف وشربت الخمور.
سنن الترمذي/الفتن عن رسول الله/ما جاء في حلول علامة المسخ والقذف/رقم الحديث 2138
الخسف معناه الظلم وتحميل الإنسان على ما يكره (وهذا ما نراه من الحكام الآن)
المسخ معناه تشويه الخلقة (ربما يقصد به الاستنساخ أو عمليات التجميل الغير شرعية كما يفعل الكثيرون ولا حول ولا قوة إلا بالله أو ربما يكون تشويه الدين وتفسيره بغير ما أنزل الله وما أكثره)
قذف معناه الرمي بي (مثلا فلان يرمي فلان بالباطل والطعن)
القينات: أي المغنيات:
مصدر تفسير الكلمات فتحت المعجم الوجيز ودخلت أبوابها وفصولها بعد أن رجعتها إلى المصدر:
حدثنا عبدالرزاق قال أخبرنا معمر عن رجل عن عمرو بن وابصة لأسدي عن أبيه قال إني في داري إذ سمعت على باب الدار السلام عليكم أألج قلت عليكم السلام فلج فلما دخل فإذا هو عبدالله بن مسعود قلت يا أبا عبدالرحمن أية ساعة زيارة هذه وذلك في نحر الظهيرة قال طال علي النهار فذكرت من أتحدث إليه قال فجعل يحدثني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحدثه قال ثم أنشاء يحدثني قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول تكون فتنة النائم فيها خير من المضطجع والمضطجع فيها خير من القاعد والقاعد فيها خير من القائم والقائم فيها خير من الماشي والماشي خير من الراكب والراكب خير من المجري قتلاها كلهم في النار قال قلت يا رسول الله ومتى ذلك قال ذلك أيام الهرج قلت ومتى أيام الهرج قال حين لا يأمن الرجل جليسه قال قلت فما تأمرني إن أدركت ذلك قال أكفف نفسك ويدك وأدخل دارك قال قلت يا رسول الله أرأيت إن دخل رجل على داري قال فأدخل بيتك قال قلت أفرأيت إن دخل علي بيتي قال فأدخل مسجدك واصنع هكذا وقبض بيمينه على الكوع وقل ربي الله حتى تموت على ذلك.. ما نخلص إليه هو أن هذه الفتن التي تعاني منها الأمة هي بسبب البعد عن منهج الله، وبسبب ما يقوم به النظام من مصادرة لحقوق الناس وممارسته للتجويع والإقصاء والجرائم المنظمة.. وهذا يتطلب منا أن نتصالح مع الله..