نبيل مصطفى الدفعي
لا أدري ما سبب توحش الكثير من الناس وطغى هذا التوحش على الناس في مختلف مرافق الحياة حتى صار الإنسان الطيب الشريف يبالغ في حماية نفسه حتى لا يصبح لقمة سهلة بين أسنان بعض المتوحشين القساة غلاظ القلوب. هذا ما قلته للشيخ حامد الذي كان جالساً بجانبي لشرب الشاهي بالمقهى هو والوالد حسن والشاب فهيم الذي قال قبل أن يتحدث الشيخ حامد علمتمونا وربيتونا على ضرورة الإيمان بالمبادئ السامية والمثل العليا ولكننا عندما خرجنا واختلطنا بالناس اختلاط فعلي رأينا العالم مليء بالسوء.. و الحياة ليست ورداً دون شوك وخيراً دون شر واتضح لنا الفارق الكبير بين المبادئ النظرية ومادية الواقع.. هنا يتدخل سريعاً الوالد حسن ذو الستين عاماً ويقول كلامكم صحيح ولكن مش كل الناس أصيبوا بالتوحش لازال هناك بعض الناس الطيبين الشرفاء أصحاب الأخلاق الرفيعة ولكن الناس المتوحشين أصبحوا كثيراً وفي أماكن عديدة وإليكم عدداً من الإثباتات على قولي هذا. تذهب إلى السوق لتبتاع سلعة فتعجب من الفارق في السعر أو الأسعار بين مختلف المحلات و البقالات التجارية بل تعجب من الفارق بين ما يطلب البائع وبين السعر الذي يقبل به بعد المبايعة والمساومة. منذ أيام كنت أتسوق وأردت كيلوا سمك نوع ثمد طلب البائع ثمن الكيلو ألف وخمسمائة ريال بعد المساومة وافق ببيع الكيلو بألف ريال فهل يكون هذا البائع غبياً إلى حد الخسارة خسارة أمواله وزبائنه أم جشعاً إلى حد الابتزاز؟؟
يواصل الوالد حسن حديثة قائلا:ً أسمعوا سأقول لكم قصة واقعية حدثت منذ عامين ولكن لن أقول أسماء أصحابها القصة أنه واحد غني يمتلك ثروة كبيرة كان مريضاً في آخر أيامه كما يقولوا وقد نشبت خلافات بين ورثته وكانت كبيرة لقد فتحت عيون الأهل والأقارب على ما خلف من أموال.. لقد كان الرجل ما يزال مسجى في إحدى الغرف.. ولكن الخلاف بدأ حول التركة وكيفية توزيعها كيف تشوفوا هذا التوحش. هنا علقت بدوري وقلت توحش ما بعده توحش وبهذه المناسبة قلت اذكر انه صديق لي كان عنده قطعة ارض وقد كان مشغولاً بأمور أخرى كثيرة.. وقد راح جيرانه الأعزاء يتقاسمون قطعة الأرض بل ويتفننون حسب قوله في تقسيمها شبراً شبر حتى كادت تختفي من الوجود. لا أدري كيف نوصفهم متوحشين فقط أو أصبحوا كالذئاب إن هذه الظاهرة أنتشرت في عصرنا انتشاراً ملحوظاً.. هنا يتدخل الشيخ حامد قائلاً: إن ما تقول عن التوحش بين الناس هو الدئبية بعينها والتي تتجلى في بشاعة الأخلاق.. ففي عصر النور هذا ترى الكثيرين من الناس متنرفزين يتسابون لأتفه الأسباب ويتشاتمون ويتقاتلون لأصغر حادث. أين الأمانة المعروفة في قديم الأزمان أيام كنا غير متمدنين؟؟ أين المحافظة على الصديق وعرض الصديق بل أين الصديق عند الضيق؟؟ ولكن هذا كله لا يعني أن العالم خال من الطيبين والشرفاء وأن الأمانة صارت أندر من اللؤلؤ كلا.. فإلى جانب هؤلاء المتوحشين المفترسين ما زلنا ولحسن الحظ نرى العالم يكتظ أيضاً بالكرام الطيبين. والله من وراء القصد.