فارس محمد الصليحي
أن تكون فاسداً أو تجهل أنك الفساد بعينه و شحمه ولحمه جريمة ومصيبة لا تغتفر.
الفاسدون الحقيقيون بمختلف أحجامهم لم يدركوا بعد الحكمة القائلة (الاعتراف بالحق فضيلة والاكتراث منه رذيلة) بقدر إدراكهم لقول القائل (ومهما تكن عند امرءٍ من خليقةٍ، وان خالها تخفى على الناس تعلم)، بين الجائز والمستحيل والممكن وغير الممكن كما بين الثرى والثريا، إذ من الممكن والجائز أن ينتصر المسئول لنفسه على موظفه فيصادر حقوقه ومستحقاته في ظل الثقافة المسلمة أن البقاء للأقوى في مجتمعنا اليمني فقط، ومن المستحيل وغير الممكن أن تصادر أي قوة في الأرض حريتك ورأيك وتعبيرك ونقدك البناء المكفول قانوناً ودستوراً على رغم أنف كل أفاكٍ وأفعى.
وصايا لأموات يمنيين عاشوا أوفياءً أحراراً وماتوا وطنيين أبراراً أوصوا قبل موتهم بوصايا تذرف لها العيون وتخشع منها القلوب التي لا تخشع.. مفادها تبرعهم بأجسادهم بعد موتهم للقيادة السياسية على أصل أن تكون علاجاً لوقف الفساد وتوبة المفسدين من خلال قطع وبتر كل أيادي تلك الجثث الميتة وتعليقها على مداخل المدن اليمنية وأماكن تجمعات العامة والخاصة والمارة وأبواب الوزارت ومختلف وسائل المؤسسات الحكومية إن أمكن، ثم يعلن ويشاع بمختلف وسائل الإعلام أنها أيادي لصوص و مفسدين و عابثين بالحق العام، بالمقابل تؤخذ وتبتر أرجل تلك الجثث ويعمل بها كأخواتها الأيدي على أنها أرجل لقطاع الطرق وخاطفي السياح.. الكل مجمع أنه سيتحقق الحديث القائل (إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن)، الكل على يقين أن يسرع الفاسدون بمختلف المؤسسات الخاصة والعامة لإعلان التوبة والإنابة والندم على ما فات إلخ وسيحصل ما لم يكن بالحسبان.. ربما تسائل البعض عن مصير بقية تلك الجثث الوطنية التي سيحصل لها أجر ملايين اليمنيين الذين سيعتقون من سجن الفساد الغاشم، أوصى أصحاب تلك الجثث لبقية أجزائها بعدة خيارات منها أن يستفيد منها طلاب كليات الطب في عمليات التشريح، أو تحنط في المتاحف اليمنية لرموز وطنيين خدموا وطنهم في حياتهم واستفيد منهم بعد موتهم، أو تقطع وتحرق أمام الملأ أو تصلب ثم تدفن، وفي كلا الحالتين يُعلن على أنها جثث الخونة لوطنهم والعملاء والمرتزقة وهذا جزائهم.
القيادة السياسية لا تزال مترددة في تنفيذ هذه الوصية التي لم يسبق لها مثيل والتي يجمع عليها كل رموز وفئات المجتمع والأطياف السياسية والوطنية أنها العلاج الأمثل لتصحيح الأوضاع والإختلالات السياسية والأمنية والمالية والإدارية على الساحة إن لم يكن هناك حل آخر مجدياً الخ.. نحن كشباب وجيل (22) مايو العظيم حقيقة نحب بعض مسئولينا كحبنا للموت، ونكره أن يُساء لهم كمن يكره أن لا يقذف في النار ونرفض إيذائهم كمن يرفض ذهباً مثل جبل أحد مقابل إبتسامة.. لسنا الوحيدون في هذا الحب الحقيقي النادر الذي يملأ الأفق طولاً وعرضاً وإنما هناك المئات إن لم يكونوا الآلآف ممن يعشقون هؤلاء المسئولين ربما غيري أفرط في حبه لمسئوله الأول في وظيفته حتى صوره كمجنون ليلى الذي سطر تاريخاً لم يسبق له مثيل على الإطلاق سوى شخصية مماثلة نهجت ذلك المنهج وكانت تلقب بسهيل اليمن الخ.. اعترف أنني أغير من أقراني لمزاحمتهم لي بهذا الحُب المقدس لمسئولي كغيري من العاشقين، وكي أخفف من لهيب غيظي ضدهم اقتنع وأكتفي أنني (لست الوحيد بهذا الحب الفريد النادر وإنما قد نكون بهذا الحب نحن الأفضل إنشاء الله)،
فهنيئاً بلسان كل يمني لكل مسئول وطني شريف، جعل نصب عينيه المصلحة الوطنية فوق كل إعتبار دون إفراط أو تفريط فقد جُبل الناس كافة ومن حواليه على حُبه يوم ولد ويوم صار مسئولاً ويوم يغادر الكرسي وسلام عليه يوم يموت ويوم يبعث حيا، كونه كان حراً شريفاً، والسلام.