أحمد عقيل باراس
لا ندري ما الذي يريده البيض بالضبط وما الذي بقي له عندنا بعد كل هذه السنوات حتى يطل علينا من جديد ويظهر بالصورة المخزية التي ظهر عليها مؤخراً، وكأنه لم يكفه ما سببه لنا من مآسي وكوارث وما خسرناه من رجال بسببه وسبب نزواته وغروره ورغباته المريضة و الحاقدة... لا ندري ما الذي يريده وما الذي بقي له عندنا اليوم وهو من تخلى عنا بالأمس وتنكر لنا ولزملائه ورفاق دربه عندما كنا بحاجته وننتظر مساعدته وكانوا هم بحاجته وينتظرون مساعدته، فلم يعرنا أو يعرهم أو يعر الناس الذين يتحدث اليوم بأسمائهم أدنى اهتمام وحتى اولئك الذين وقفوا معه وضحوا من أجله وخسر بعضهم حياته أو فقد جزءاً عزيزاً من جسده لم يكلف نفسه عنا السؤال عنهم والاطمئنان عليهم، بل تركهم يلملمون إحزانهم ويداوون جراحهم بأنفسهم، وفضل علينا وعليهم حياة اللهو والمجون وجلسات الطرب والدان التي أدمن عليها في مسقط، متخلياً عن مسؤلياته الأدبية والأخلاقية والتزاماته كقائد تجاه زملائه ورفاقه وتجاه شعبه في المحافظات الجنوبية إن كان فعلاً يؤمن بأنهم شعبه، فها هم قادته وأركان حكمه الذين فرو إلى الخارج معه تركهم يهيمون على وجوههم مشردين من بلد إلى بلد بحثاً عن لقمة العيش، ناهيك عمن بقي منهم في الوطن فهل سئل عنهم أو عمل على حل مشكلات أيٍ منهم ومعهم عامة الناس خصوصاً إذا ما كان يعتبر هزيمة وفشل مشروعه الانفصالي في العام 1994م احتلالاً... ابداً لم يفعل ولن يفعل لا مع من كانوا معه في الخارج ولا مع من بقي منهم في وطنه، بل تركهم وتخلى عنهم وهنا يحق لنا أن نسأل تركهم لمن ومن تحمل مسؤليتهم ورعايتهم وتوفير سبل العيش الكريم لهم ولأسرهم طوال كل هذه السنوات، ومن احتضنهم وفتح لهم الأبواب ورتب لهم أوضاعهم، من طيب النفوس، وجبر القلوب وجعلنا نعيش أخوة متحابين لا نفرق بين شمال وجنوب ولا شرق وغرب بعد أن خضنا (ألف ساعة حرب)، نسأل ويحق لنا أن نسأل ونسأل تركهم لمن ومن فعل لهم كل هذا؟ أتركهم لحاكم صنعاء (كما يزعم ونطق بها اليوم) ليبطش بهم ويقتلهم ويسحلهم ويهجرهم من ديارهم أم أنه تركهم لرئيسهم وقائدهم الذي تكفل بهم وانتشل أوضاعهم وعفا عن المسيئين منهم والمخطئين، أتركهم لحاكم صنعاء يحملهم على متن طائرات ثم يقوم بتفجيرها في الجو أو سفن ثم يلقي بهم في عرض البحر مقيدي الأيدي والأرجل، أم تركهم لرئيسهم وقائدهم الذي أعاد للإنسان كرامته وعزته وجعل الحياة تدب في أوصالهم من جديد، أتركهم لحاكم صنعاء ليحبسهم في سجون الفتح ومعسكرات طارق وبدر والدفاع الجوي ويجعلهم يظمؤون ثم يرميهم بالقنابل بدلاً عن الماء أم تركهم لرئيسهم وقائدهم الذي أغلق المعتقلات وأحال المعسكرات إلى حدائق، أتركهم لحاكم صنعاء ليضعهم في حاويات ويدفنهم إحياء في الصولبان ويحشرهم في حوش المشاريع العسكرية ويضعهم بداخل براميل مملوءه بالدامر أم تركهم لرئيسهم وقائدهم الذي حقن دماءهم وعصم أموالهم وأعراضهم ووضع حداً لإحزانهم، أتركهم لحاكم صنعاء كما يزعم البيض اليوم ويتقول زوراً وبهتاناً ونسي أن حاكم صنعاء هذا الذي يتحدث عنه هو أخونا وأبانا وأبننا وقائدنا ورئيسنا ورمزنا وهو أرحم وألطف بنا منكم، فهل تركهم بعد كل هذا لحاكم صنعاء أم تركهم لرئيسهم وقائدهم سؤال يختزل أسئلة كثيرة يحق لنا أن نسأله نوجهه فقط لأخينا البيض لأنه الشخص الوحيد المعني بالإجابة عن لكونه الوحيد الذي لا يعرف الإجابة ويبدو أنه لايريد أن يعرف، أما نحن ومعنا كل شرفاء هذا الوطن وعقلائه بما فيهم بعض المنتمين لما يسمى بالحراك سنظل نذكر لفخامة الأخ الرئيس القائد علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية (حفظه الله) صنائعه وفضائله علينا جميعاً وسنظل نذكر بكل إعجاب وفخر تسامحه وعفوه وحكمته ونبله، وحقيقة لا نجد حرجاً في أن ندعوه لأن يستمر في عفوه وتسامحه ونبله وألا يتخلى عن هذا المنهج الذي اختطه لنفسه مهما كانت الظروف ومهما كانت اخطاء الآخرين أو تجاوزاتهم فكما تربع فوق القلوب واحتل مكانتها العالية في النفوس بالعفو والتسامح والنبل وكما تولى الحكم وحكم ووحدنا وانتصر للوحدة بالعفو والتسامح والنبل سينتصر للوحدة هذه المرة إنشاء الله ويحافظ على هذا المنجز العظيم أيضاً بالعفو والتسامح والنبل، وعلينا نحن جميعاً سلطة ومعارضة وحراك أن نبتعد عن كل ما من شأنه زيادة الاحتقان وأن ننتبه لما يحاك ضدنا من مؤامرات وإلا نكون معاول هدم لهذا الوطن فنندم عندما لا يفيد الندم ... وختاماً نقولها كلمة لأخينا البيض دعنا نعيش بسلام أتركنا نعالج مشاكلنا وأمرونا بأنفسنا، لا نحتاج لتدخلك في شؤوننا يكفي ما رأيناه منك وثق بأننا قادرون على ذلك فنحن أبناء وطن واحد وطن 22 مايو ودين واحد ولغة واحدة وتاريخ واحد وثورة واحده ومصير واحد قد نختلف مع بعضنا البعض وقد تحصل تباينات في وجهات النظر فيما بيننا لكن نلتقي جميعاً تحت سقف الوحدة ويجمعنا حبنا لوطننا... والقائد (أي قائد) الذي لا يستطيع أن ينتصر لمشروعه حتى وإن كان مخطئاً أشرف له أن يغرب عن الأنظار أن لم يقوى على الانتحار.