العنوان اسم حمله كتاب صدر ب "360" صفحة ويعد أحد الكتب التي كانت وما تزال تسعى حثيثاً في الرصد والتوثيق للوقائع والأحداث التي سبقت الثورة ثم رافقت ظهورها وامتدت عبر سنوات الدفاع عنها.
والكتاب هو للمؤلف فقيد الوطن العقيد / أحمد أحمد فرج واحد من شهود المرحلة الأحياء في وجدان كل من عرف المرحوم وقرأ سيرته العطرة فالمؤلف لا يكتب سيرة ذاتية بل رصداً دقيقاً وتفاصيل بالغة الأهمية عن الأحداث التي عاصرها وعاشها وشارك في أجزاء منها كما أن الكتاب ليس تاريخاً انتمائياً للثورة وإنما هو شهادة للتاريخ وسجل إنصاف لواقع الدرب من الشهداء والشهداء الأحياء الذين حملوا لواء الثورة ووصفوا بتضحياتهم الغالية الأسس الصحيحة لبناء اليمن الجديد. . ( يمن الثورة والوحدة والديمقراطية ) فرغم طول الفترة الفاصلة بين أحداث الكتاب وإعداده وإصداره فإنه بالمقابل يحمل حقائق جديدة ومحاولة جادة لكتابة تاريخ الثورة اليمنية وفقاً لمعايير علمية لا تخفي أي دور قام به أي فرد أو جماعة.
يلاحظ من خلال هذا الرصد المتتبع للأحداث أن الثورة العظيمة التي مكنت البلاد من الانفلات من رقبة الجمود وهيأت لها السعي نحو آفاق جديدة قد دخلت كثيراً من المنعطفات الحادة والمؤلمة وأن الأزمة الحقيقية التي عانت منها الثورة لم تكن من صنع العدو الخارجي الذي حاول بأوسع الإمكانيات اغتيال الأحلام والمبادئ التي بشرت بها. . يقول الكاتب: أن الإزمة الحقيقية التي عانت منها الثورة كانت في تصادم المطامع وتمزق صفوف الثوار وانقساماتهم وكان الواقع يوجب الوقوف في خندق الأولويات الوطنية "ترسيخ الانقسام الجمهوري، القضاء على الاحتلال الأجنبي ، إزالة أسباب التخلف والحرمان".
واستطرد المؤلف بالقول : ولعل أقسى وأوجع الانقسامات هي تلك التي حدثت في صفوف القوات المسلحة درع الثورة الأول والأمين على مصالح الوطن ولا ننسى أن الثورات العظيمة قد كانت على الدوام عرضة للتحديات الخارجية والداخلية التي لا تتكرر ولا تحدث إلا في لحظات تاريخية نادرة ومهمتها الأساسية بعيداً عن التفلسف والحذلقات الإنشائية تتمثل في قدرتها على تحطيم أسوار التخلف وفتح الفضاء الواسع للنور والحياة.
الإلتحاق في صفوف القوات المسلحة وفترة ما قبل الثورة
يتحدث الباب الأول في هذه المذكرات عن البداية في حياة مواطن يمني في ريعان شبابه يعيش في بيئة معزولة صعبة شأنه في ذلك شأن مواطني شعب بأكمله.
ولذا يركز هذا الباب على مرحلة ما قبل الثورة وملامح البدايات التي مهدت لقيامها وما رافقت ذلك من وجود نخبة وطنية من تنظيم الضباط والأحرار الذين تمكنوا من الإعداد للثورة في معظم المناطق الرئيسية في اليمن.
يقول المؤلف العقيد أحمد فرج : عندما تجاوزت سني ال 15 كان لدي رغبة شديدة للتعرف على صنعاء فلم يسبق لي زيارتها برغم قربها من قريتي وكانت تقف بي أحلامي عند هذا الحد في ظل غياب برامج التعليم بعد تجاوز الفرد منا "المعلامة" حيث تمكن نظام الإمامة من إحكام عزلة اليمن عن العالم الخارجي.
وقال: كانت النافدة الوحيدة التي من خلالها تطل على المستقبل هي الإلتحاق بالجيش الإمامي إذ كان الفرد منا يترقب الفرصة المناسبة لتحقيق ذلك.
وذلك الأمل لا يتحقق لأي فرد إلا من خلال وجود ما كان يسمى "بالمخل" أي خروج أحد الجنود القدامى من الخدمية أو عدم صلاحية فرد نتيجة إصابته بحالة مرضية أو تعرضه للإصابة بما يجعله غير قادر على مواصلة البقاء في الجيش. وهي فرصة المؤلف التي عثر عليها من خلال حديثة مع رجل مسن ليرتبط بالرغبة بتقديم المبررات لمحاولة إقناعه وبصورة تدريجية مستخدماً لذلك والدتي وأصدقاء والدي المقربين كوسيلة للضغط على والدي حتى كانت الموافقة المبدئية التي كانت ثمرة لإصراري على المضي قدماً في تحقيق ما عزمت عليه لتأتي بعد ذلك مرحلة الضمين أو الكفيل لأجل الحفاظ على العهد.
أما بخصوص الفحص الطبي فقد كان يتم في ظل الإمكانيات المتاحة، والتي كان يغلب عليها طابع التخلف فلا يوجد مستشفى أو طبيب مختص ، وكان يعتمد على شخص غير ملم بعلوم الطب ومع ذلك كان يقوم المكلف بالفحص في إدارة كان يطلق عليها إدارة القمسيون الطبي، حيث كان يتم تجريد المرشح من ملابسه تماماً. . !! ومعاينة جميع أعضاء جسمه والأهم في جوانب الفحص هو التأكد من درجة بلوغ الفرد المتقدم وهل بلغ سن البلوغ أم لا. . ؟
وعلى ضوء ذلك يتم تحديد الراتب الشهري ، فإذا كان لم يبلغ سن البلوغ يطلق عليه شبل، ومع ذلك يتم قبوله بمرتب أقل من البالغ الذي كان يمنح مرتباً شهرياً قدره عشرة ريالات ، وهي عملة وطنية يطلق عليها "ماريا تريزا" أما الشبل فكان راتبه سبعة ريالات وكان يتم تسجيل المجند في سجل التجنيد أو الشعب العسكرية.
الإلتحاق الفعلي بسلك القوات المسلحة
تحت هذا العنوان يسترسل المؤلف: كانت تخصص أوقات محددة لتدريب المجندين وغالباً ما يتم ذلك بعد الساعة الثالثة بعد الظهر في طابور موحد يجمع كل العساكر القدامى ويهتفون خلاله بالدعاء أن يحفظ الله الإمام ليتم الانصراف.
إذ كان على المستجد بعد أن يلتحق بالجيش أن يعيش في مجاميع من العساكر القدامى الذين كان لهم عادات وممارسات غريبة وغير حميدة يحاولون تعميقها في نفس المجند بأساليب غير مألوفة وألفاظ غير منطقية، مشيراً إلى أن قسوة المعاملة تختلف عن تلك التي يواجهها الطالب المستجد في الكلية الحربية في الوقت الحاضر.
بعد مرحلة التجنيد والإعداد النفسي. . التحق أحمد فرج ب"بلك التركي" وهذه التسمية تأتي غالباً تبعاً لاسم قائد المعسكر أو اللواء في ذلك الوقت كان يطلق عليها اسم "بلكات" حيث ظلت هذه التسمية كما هي بعد خروج الأتراك وبقاء البعض منهم في اليمن يعملون في الكثير من المواقع ويمارسون نشاطاتهم البحرية. . هذا "البلك" كان في مهمة تخص لواء الحديدة.
المواطن. . وأساليب حكم النظام الإمامي
يقول المؤلف تحت هذا العنوان : تعرفت لأول مرة أنا ومن معي بأن اليمن مقسم إدارياً على نحو يبدأ بالعزلة ثم الناحية ثم القضاء ثم اللواء.
كانت المسئولية مترابطة ، وكانت المهمات الأساسية تركز على متابعة ما يخص الدولة أو ما كان يطلق عليها بحق بيت المال بالإضافة إلى حل بعض المشاكل التي قد تحدث وكان المواطن من المزارعين في حال إنشغال تام بزراعة أرضه ورعي حيواناته وعليه أن يسعى على مدار العام لتأمين متطلبات المعيشة الأساسية له ولمن يعول، وتنفيذ ما يوكل إليه من مسئوليات وواجبات من قبل مسئولي الدولة وإستقبال المخمن والطائفي ولعل أهم مهام المخمن هو القيام بعملية تقدير حجم الإنتاج الزراعي للمزارع في حقوله المختلفة بهدف تحديد حجم الزكاة التي يجب توريدها إلى مخازن بيت المال وبالطبع كان المخمن يستعين بكبار رجال العزلة والناحية والبعض منهم كان يملك من الخبرة المتراكمة التي توصله إلى تقدير الزكاة ،ومع ذلك كان النظام لا يعتمد على هذه الطريقة منفردة ، حيث كان يرسل بين حين وآخر ما يسمى بالطائفي وله مهام رقابية ، وكانت واجبات العسكر متابعة توريد البقايا ، وعلى مدار السنة وما يصيب المزارع من إنفاق ومصاريف عقاباً لتأخره عن السداد إضافة إلى متابعة زكاة الفطر والعلف والخضروات وزكاة الباطن.
وفي ظل وجود جيش وبلكات برواتب أساسية ورسمية ضئيلة كان الإمام يجعل الاستعاضة لهم بنظام تجنيد العسكر للمتابعة والتي كانت تعتبر بمثابة المكافأة التي تقدم وتوزع على البلكات وبالتساوي، والأكثر من ذلك الإمام والنظام عندما يريد مكافأة بلك معين يمنحه أكثر المناطق خصوبه ولها موارد عالية.
المؤلف في سطور
من مواليد 1944م قرية الحضور وادي الإجبار مديرية سنحان محافظة صنعاء.
تلقى تعليمه بالمراحل الأولى في مكتب القرية في العاصمة صنعاء.
التحق بالقوات المسلحة عام 1960م.
جندي مقاتل في صفوف قوات الثورة والجمهورية ومن اليوم الأول لقيامها.
في سبتمبر 1966م التحق بالكلية الحربية برتبة ملازم أول وحصل على شهادة بكالوريوس في العلوم العسكرية.
التحق بالعديد من الدورات العسكرية داخل وخارج اليمن
عين قائد اللواء السادس مدرع و عضو اللجنة العليا للتصحيح.
شارك في تمثيل اليمن في مؤتمرات عربية ودولية.
عين محافظ لواء حجة عام 1979م.
عين قائد معسكر خالد بن الوليد.
أنتخب عضو لجنة دائمة للمؤتمر الشعبي العام للفترة من عام 1982م إلى 1995م.
حصل على درجة إمتياز مع مرتبة الشرف من أكاديمية ناصر العسكرية العليا "كلية الحرب العليا" الدورة الثانية عشرة 1989م.
شارك في الدفاع عن الوحدة.
حصل على العديد من الأوسمة والنياشين والشهادات التقديرية.
أب لثلاثة أولاد أربع بنات.