الكاتب / شكري عبدالغني الزعيتري
احد العرب القدماء من أحد الزعماء لأحد القبائل العربية التي كانت قبل الإسلام متفرقة ومشتته وفي حالة من الاقتتال والحروب المستمرة علي بعضها البعض إذ كانت كثيرا ما تتعرض للغزو و الأغا ره والسلب والنهب من غيرها من قبائل عربية . لذاك الضعف لدي الكثير من القبائل العربية تولدت الحاجة لدي الكثير منها إلي التعاون والتضامن بينها ومع بعضها البعض فنشأة التحالفات القبلية والاتحادات بين القبائل إما اختيارا للدفاع عن النفس من الأخطار التي تواجهها من قبائل أخري .. أو قسرا نتيجة الغزو لبعضها البعض وتطبيق قانون الغاب من قبل الأقوى على الأضعف وتطبيق قانون الحرب علي المغلوب (حق ) الغالب في الاسترقاق أو الضم وهذا ما كان سائدا في العصور السابقة قبل الإسلام وأيضا بعد نشأة الدولة وما تعانيه القبائل العربية في شبه الجزيرة العربية ... وضمن ذاك التكوين البشري للقبائل العربية في شبه الجزيرة العربية كانت توجد قبيلة يرجع نسبها إلي (بني أسد ) وكان زعيمها الذي يدير شئونها حكيما عربي عمل على تقوية قبيلته وانضمامها في اتحادات وتحالفات مع قبائل أخري مجاورة لقبلته لكي تقوي ولجهوده في تبني توحيد وتحالف الكثير من القبائل العربية المجاورة لقبيلته فقد وصل بقبيلته إلي أن أصبحت قوية جسوره أمام اعتداء الأعداء وبهذه القوة ووحدة أبنائها أمنت واستقرت وثرت قبيلة الحكيم العربي وكان للحكيم العربي (ثلاثة وعشرين ولدا ) من الذكور أصبحوا رجالا . وكان يدرك هذا الحكيم العربي بان الفرقة بين أبنائه وان أي تشتيت لأبناء قبيلته سيكون ضعفاء لهم وللقبيلة من بعدة وحينها قد ينال منهم أعدائهم . ولأن هذا الحكيم العربي كان زعيم وشيخا لقبيلته لما أحسن في قيادته لها وإدارة شئونها اتصفت بالقوة والغلبة في منازلة الأعداء وإلحاق الهزائم بهم في الحروب أو مواجهة أي محاولة للإغارة أو الاعتداء علي قبيلة الحكيم . وكان أبناؤه أخوة ولكنهم ليسوا كلهم أشقاء وحين أدرك هذا الحكيم العربي بان ساعة منيته اقتربت (ساعة الموت لمرض شديد يعانه واطرحه الفراش وافقده قواه علي القيام لمزاولة شئون الحكم لقبيلته ولأبنائها . ولما كان يري من خلافات كثيرة تنشب وتدب بين أبنائه . رأي بان يجمعهم ليعطيهم النصح والإرشاد قبل رحيله عن الدنيا بموته ولكي يستمر توحدهم مع أبناء قبيلته وتتوحد قواهم وبان لا يدعوا فرصة للخلافات بينهم (الإخوة ) مهما كانت ولأي أسباب تكون بأن تفرق جمعهم وتشتت قواهم فيضعفوا ويسهل النيل منهم ومن قوة قبيلتهم فيظفر بهم الأعداء . وبنداء لأبنائه ليأتوا إليه وليجتمع بهم . سرعان ما لبى أبناؤه النداء فجاؤوا واجتمعوا بين يدي الحكيم العربي والدهم وجمع معهم كل فرسان القبيلة وأرباب الأسر وبداء بالحديث إليهم ونصحهم وإرشادهم بان افتتح حديثة بإعطائهم مثال عملي علي الواقع إذ أعطي كل واحد من أبنائه عصا ولجميع أبنائه (الثلاثة والعشرون ) وقال لكل واحد منهم وعلي انفراد امرأ له قائلا : اكسر عصاك .. ؟ وبداء بابنه الأكبر . فحاول الابن الأكبر كسر العصا بان لوي طرفيها تقوسا وسرعان ما انكسرت العصا . وهكذا أمر كل ابن له و لجميع أبنائه (الثلاثة والعشرون ) وكلا استطاع كسر عصاه .. وبعدها أعطي كل واحدا منهم رزمة مكونه من عدة عصي مجمعه علي بعضها ووجه الأمر قائلا لابنه الأكبر : اكسر رزمة العصي ؟ فحاول الابن أن يلوي تقوسا الرزمة للعصي وبقوة ضغط يداه وعلي كلا طرفي الرزمة فلم تنحني الرزمة ولم تلتوي ولم يستطع كسرها وحاول بقوة عدة مرات بان أسندها إلي ركبتيه لتساعد يديه علي كسر رزمة العصي فلم يستطع . واستسلم بالقول لوالده الحكيم لم أتغلب علي الرزمة ؟ وأمر كل واحد من أبنائه (الثلاثة والعشرون ) وكلا على حده بما أمر ابنه الأكبر وحاول كل واحد منهم بما حاول به أخيهم الأكبر وازداد قليلا وبعضهم كثيرا ولم يستطيع أحدا منهم كسر كلا لرزمته من العصي . فقال لهم أبوهم الحكيم : هل تغلبت عليكم رزم العصي أن أظهرت بأنها اقوي منكم ..؟ فسكتوا ولم يردوا عليه . فقال هكذا ستكونون من بعدي إن اجتمعتم وتوحدتم كرزمة العصي فلن يستطيع احد غلبتكم أو قهركم ولن يقدر عليكم أعداءكم ولن ينالوا من قوتكم وستكونون أقوياء وستغلبون أي عدوي قد يتربص بقبيلتكم ويريد الإغارة عليها ونهب أموالكم وسبي نسائكم وخطف أطفالكم لاستعبادهم وقهر قبيلتكم . وقال إلا إن تفرقتم ومزقت وحدتكم وشتت أبناء قبيلتكم وفرسانها فستكونون كالعصا الواحدة و ستضعفون وسيسهل النيل منكم والظفر بقبيلتكم ونهبكم ونهبها . وتنهب كل خيراتكم وثماركم وستسبى نسائكم ويستعبد شبابكم ويتاجر في أسواق النخاسة بأطفالكم . وأمام هذا نتوقف قليلا لنقول لكل من ينادي بتجزئة اليمن الموحد و بانفصال جنوب عن شمال لسنا مع العصا الواحدة بكل نحن كرزمة عصي الحكيم العربي . كما نقول بأننا نستغرب بان العالم من حولنا يذهب نحو التجمع والتكاتف والتعاضد والتكتل دولا وشعوبا . ويظهر لنا في اليمن وبعد تسعة عشر من تحقيق الوحدة اليمنية من يدعو إلى الفرقة والتشتت وتجزئة اليمن إلي يمنيين . فالعالم من حولنا يتجاذب توحدا وتكتلا . فمثلا الوحدة الألمانية تحققت في نفس العام الذي تحققت فيه الوحدة اليمنية إلا أن الشعب الألماني لم يخرج من بينه أي نفرا أو جماعات من ينادي بتمزيق الوحدة الألمانية ولم نسمع أن قلة ادعوا أن الوحدة الألمانية أحدثت الضرر بمصالح أنفار من الساسة وأفقدتهم ميزات سلطة وحكم فذهبوا ينادون بانفصال ألمانيا الشرقية عن ألمانيا الغربية : لماذا .. ؟ لأن كل الشعب الألماني يريد أن تكون ألمانيا قويه بوحدتها . كما أننا لم نرى عند أنفار ممن خسروا سلطه وحكم وخسروا مزايا سياسية بان اظهروا تغليب مصالحهم الشخصية علي مصلحة الشعب الألماني ووحدته (ارض وإنسان ) . بل رأينا أن سعى جميع الألمان (شعبا وحكومة ومعارضه ) إلي الامتداد بألمانيا لتكون اقوي مما علية بوحدتها بأن تكون ألمانيا احد الدول المكونة لاتحاد أوروبي اكبر . إذ سعت كبار دول قارة أوروبا وضمنها ألمانيا إلي أن يتوحد المجتمع الأوروبي رغم أن في القارة الأوروبية دول عدة وشعوب عدة غير متجانسة وبينهم اختلافات كثيرة في اللغة والقوميات والدين والدم وغيرها .. ولما كان هذا من عدم التجانس بين شعوب دول القارة الأوروبية لجؤوا بسبب هذه الاختلافات إلي ابتكار وإيجاد نظام توحدي يجمعهم ويوحد دول أوروبا وشعوبها إذ لم يتخلوا عن وحدتهم بوجود الاختلافات حتى وان كانت وحدة جزئية فكونوا ما يسمي اليوم بالاتحاد الأوربي وان كان توحد جزئي ولم يصل إلي طموحات شعوب وقادة القارة الأوروبية وها هو اليوم اتحاد أوروبي قوى و كل يوم يمر ومن سنه لآخري يقوي ويترابط أكثر وينمو تطورا في أسسه ومبادئه وأهدافه والهدف لتقوي أوروبا شعوبا ودولا ... وقبلها توحدت ولايات قارة أمريكا الشمالية بأن وحدت تحت اسم الولايات المتحدة الأمريكية كمرحلة أولي تم توحيد (39) ولاية ومن ثم سعت الولايات التي توحدت إلي توحيد باقي الولايات الأخرى (12) ولاية ومن رفض منها حينه الانضواء في الاتحاد الأمريكي تم توحيدها بالقوة . لماذا .. ؟ ا لتكون الولايات المتحدة الأمريكية كما هي عليه اليوم إمبراطورية قوية .. وكذلك ذهبت دول صغيرة ولأجل أن تقوي نحو إيجاد وتحقيق ما يقويها كمثل تكتل دول مجلس التعاون الخليجي العربي التي كانت دوله صغيرة فتكون تكتلهم بما سمي بمجلس التعاون الخليجي في 19982م وهي اليوم كبيرة وقوة اقتصادية تؤثر في مجريات الاقتصاد العالمي وقد سعوا لهذا الاجتماع والتوحد وان كان جزئياً لأجل ان تكون دول الخليج الصغيرة (قوية ).. وأيضا تسعي اليوم دول أمريكا الجنوبية لتنمية مبادئ و أسس وأهداف تكتلها واجتماعها التوحيدي ولمعظم دول أمريكا اللاتينية (الجنوبية ) لماذا.. ؟ ليكونوا أقوياء .. وكذلك تسعى دول في قارة اقريقيا إلي تعميق مبادئ و أسس وأهداف تكتل الاتحاد الإفريقي . لماذا ليكونوا أقوياء . الكل يبحث عن القوة (السياسية والاقتصادية والبشرية والعسكرية وغيرها ) ليكون الأقوى في عالم الأقوياء لعصر الحديث هذا.. لماذا هذا التجاذب سواء كان في شكله التوحيدي الجزئي أو الكامل .. ؟ لأنهم شعروا بأن امن وسيادة ومصالح أي دولة ما لا تحفظ إلا إن كانت هذه الدولة قوية ولأنهم شعروا بأن ثرواتها لا تستخرج وتستغل لتطوير شعبها ودولته لا يمكن أن يكون إلا حين تكون الدولة قوية أمام طاولة المفاوضات الاقتصادية مع الشركات العالمية المستغلة والمبتزة لثروات الشعوب والبلدان الضعيفة تلك الشركات الأجنبية والتي تمتلك الإمكانيات العلمية والمالية لاستخراج الثروات لدي بلدان أخرى . ومن الأهداف لدى كل دوله البحث عن القوة لأجل استغلال ثرواتها بشكل منصف لكلا الطرفين (دولة وشركة اجنبية ) بأن كلا يأخذ حقه ورأت كل دولة تبحث عن القوة في وحدة أو تكتل جزئي بأن الاستغلال الأمثل لثرواتها لن يتحقق لدوله وشعبا ما إلا أن تحقق لها الأمن والاستقرار والعدالة وان هذا لن يتحقق إلا أن كانت الدولة قوية ولهذا تسعي كل دولة لتكون قوية أما بوحدة شعبها وأرضها الواحدة أو من خلال الانضواء في تكوين تكتلات مع دول أخرى .. ونستغرب في ظل وجود التوجه نحو التوحد لدول وشعوب كثيرة وغير متجانسة فيما بينها . بينما يظهر لنا في اليمن قلة من الأفراد ينادون بتجزئة اليمن الموحد ويريدون انفصال جنوب اليمن عن شماله .
تنويه : انوه أعزائي القراء بأني سأكتفي بنشر مقالاتي إن شاء الله تعالى أربعة أيام من كل أسبوع (من السبت وحتى الثلاثاء ) ولعدد أربع مقالات (أسبوعيا ) بدلا عن نشر ست مقالات ولطيلة أيام كل أسبوع كما جرت عليه العادة ( سابقا ) . بسبب انشغالنا في أعمال بحثية . وذلك لمن يرغب في متابعة مقالاتي وأخيرا نلتمس منكم العذر ولكم الشكر والتقدير الجزيل<
Shukri_alzoatree@yahoo.com