عبدالفتاح البتول
شكل انعقاد الملتقى السلفي العام منعطفاً هاماً وخطوة نوعيه في مسيرة الحركة السلفية في اليمن، وخاصة أن هذا الملتقى جاء وسط جملة من المتغيرات والمستجدات والأحداث المعقدة والأزمات المتراكمة والتي دفعت السلفيين لعقد مؤتمر موسع وملتقى عام بدعوة من جمعية الحكمة اليمانية الخيرية، التي بادرت لجمع وحشد غالبية علماء ودعاة العمل السلفي من جميع محافظات الجمهورية لدراسة ومناقشات الأوضاع الجارية والمتغيرات الحاصلة وخاصة ما يجري في المحافظات الجنوبية والفتنة الحوثية وكان لافتاً الاختيار الجيد لشعار الملتقى الذي يحمل دلالات نضج سياسي ووقعي "الوحدة اليمنية والتحديات الراهنة رؤية شرعية واقعية"!!
ومن خلال أوراق العمل المقدمة للملتقى والبيان الختامي والنقاشات والحوارات التي دارت يتضح أننا أمام حركة سياسية برؤية شرعية ونظرة واقعية وخطوات مرحلية، وأن العمل السياسي لا يلزم منه الاصطفاف وفق ثنائية السلطة والمعارضة، وخاصة عندما تقوم العلاقة بينهما على أساس الصراع والتناحر بدلاً عن التعاون والتكامل كما أن الحديث عن فساد السلطة لا يعني طهارة المعارضة، فالواقع يؤكد على أن الأحزاب سواء كانت معارضة للحاكم أو موالية تمثل في أغلبها جزءاً من المشكلة حسب ما ذكر الشيخ عارف الصبري الذي يؤكد على أن هذه الأحزاب "تعددت ولاءاتها وتباينت رؤاها فمزقت الجيل وشتتت الهوية، أنشئت ظاهرة على الثوابت الشرعية وترك الحق لمن شاء منها أن يقوم في الواقع على مخالفة هذه الثوابت" !! ومن خلال النظر في أهداف الملتقى السلفي العام سنجد أن القائمين عليه حددوا ثلاثة أهداف لهذا الملتقى :
- المساهمة في تعميق وترسيخ الوحدة اليمنية
- دراسة الأحداث النازلة والمحدقة باليمن ووضع الحلول الشرعية لها.
- تجسيد مبدأ المشاركة والحوار لحل القضايا والأزمات النازلة بالأمة.
وهذه الأهداف الرئيسية بالإضافة لمحاور الملتقى وأوراق العمل التي قدمت تشكل خطاً سياسياً واضحاً وخطاباً فكرياً صادقاً، يهدف لتجسيد الموقف السلفي وتوحيده من خلال الاصطفاف لحماية الوحدة اليمنية وإدانة الانفصال والتفرق ، ورفض جميع أعمال العنف التي تؤدي إلى زعزعة الأمن والاستقرار وتجريم التعاطي مع كافة الأجندة الخارجية التي تضر باليمن ومصالحه وفي نفس الوقت لم يتجاهل بيان الملتقى السلفي دعوة الدولة الى تبني خطة شاملة لإصلاح كافة أجهزتها ومؤسساتها، وإحالة الفاسدين والمخلين بواجباتهم إلى القضاء، وإصلاح الجهاز القضائي وضمان استقلاله وإقامة العدل وإنصاف المظلومين.
وفي سياق هذا الطرح المتوازن والموضوعي دعا الملتقى السلفي لعقد لقاء يضم السلطة مع أهل الحل والعقد من كافة فئات الشعب لتدارس الأوضاع الراهنة وإيجاد الحلول اللازمة لها، وتغليب مبدأ الحوار بين جميع الأطراف بما يحفظ لهذا البلد أمنه واستقراره ووحدته.<