عبدالوارث النجري
حتى لا يصفنا الآخرون بالمتشائمين أريد أن أقول في بداية حديثي أن المجالس المحلية في بلادنا بلا شك قد اجتازت مرحلة التجربة وصار من الضروري الانتقال إلى الحكم المحلي واسع الصلاحيات فخلال السنوات الماضية رافق التجربة لكثير من القصور والأخطار، لكن في نفس الوقت لمس الكثير من المواطنين في عزل وقرى المديريات والمحافظات الكثير أيضاً من إيجابيات التجربة ولعل أهمها عدم تحمل عناء السفر إلى السلطات المركزية للمراجعة عن مشروع مدرسة أو مشروع مياه ، لكن في نفس الوقت علينا أن ندرك أن تجربة المجالس المحلية ساهمت خلال السنوات الماضية في تجذر الفساد المالي والإداري في مختلف المرافق الحكومية بعد أن كان محصوراً في دواوين الوزارات والمحافظات، نحن لا نقول أن المجالس المحلية سلبياتها أثرت بشكل مباشر على إيجابياتها، لكن غياب الدور الرقابي والإشرافي للمجالس المحلية خلال السنوات الماضية والذي أقره قانون السلطة المحلية وعدم تفعيله على أرض الواقع ساهم في انتشار ظاهرة الفساد المالي والإداري في مختلف مرافق الدولة دون رقيب أو حسيب حتى أننا خلال السنوات الثمان الماضية نادراً ما سمعنا عن مجلس محلي سحب الثقة من مدير عام مكتب تنفيذي أو مدير عام مديرية أو حتى مدير إدارة رغم حدوث الكثير من المخالفات والتجاوزات التي تؤكدها العديد من الوثائق الدافعة وفي مقدمتها تقارير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وكذا القضايا التي تم إحالتها خلال السنوات الماضية إلى نيابة الأموال العامة، هذه الأيام تعقد المجالس المحلية مؤتمرات على مستوى محافظات الجمهورية ويشارك فيها كافة أعضاء تلك المجالس في المديريات والمحافظات ومدراء المكاتب التنفيذية وأبناء المحافظات المسئولين من وزراء ونواب وأعضاء مجلس الشورى ووكلاء وزارات وغيرهم وتصرف في نفس الوقت ملايين الريالات إذا لم نقل مليارات الريالات بهدف الإعداد والتحضير لهذه المؤتمرات في الوقت الذي خزينة الدولة فيه بأمس الحاجة للريال الواحد لدعم اقتصادنا الوطني خاصة وأن التقارير الخارجية حول الاقتصاد اليمني وما وصل إليه من تدني يشيب له الرأس، الأهم من ذلك أيضاً هو ما هي القرارات والتوصيات الفعلية التي ستخرج بها هذه المؤتمرات التي كلفت الدولة الملايين وما هي الضمانات التي تؤكد تنفيذ تلك القرارات والتوصيات على الواقع ويلمسها كافة أبناء الوطن؟! هل ستعمل هذه المؤتمرات على سرعة تنفيذ المئات من المشاريع المركزية والمحلية المتعثرة منذ عدة سنوات؟! أم أن هذه المؤتمرات ستخرج بقرارات إحالة عدد من المسئولين المحليين والتنفيذيين الفاسدين إلى نيابة الأموال العامة ومحاكم الأموال العامة بعد أن عجز أعضاء المحليات عن صلاحياتهم المخولة قانوناً بمساءلة الفاسدين وسحب الثقة منهم؟ هل ستعمل هذه المؤتمرات على توفير الدرجات الوظيفية لآلاف الخريجين المؤهلين على مستوى المحافظة الواحدة والمسجلين في مكاتب الخدمة المدنية منذ عدة سنوات، هل ستسهم هذه المؤتمرات في تعديل القوانين الأخرى التي تتعارض مع قانون السلطة المحلية؟أم أنها ستمنح المجالس المحلية في المديريات صلاحياتها المخولة قانوناً في العديد من القضايا، هل ستخرج المؤتمرات المحلية بقرارات تجرم ظاهرة الاختطافات والحروب الأهلية على مستوى القرى والعزل وتضع حداً لظاهرة الاقتتال الناجم عن الخلافات البينية حول الأراضي وغيرها؟ هل ستحمي هذه المؤتمرات أراضي الأوقاف وأراضي الدولة من اغتصاب بعض الأشخاص الذين يظنون أنفسهم فوق القانون؟ هل ستعمل على إصلاح شوارع مراكز المحافظات من الحفر وغيرها؟ أم أنها ستعمل في الحفاظ على المياه الجوفية من الاستنزاف لري زراعة القات.إننا في انتظار قطف ثمار هذه المؤتمرات وما ستقدمه للوطن من خدمات جليلة..