العميد / محمد حسن شاطر
من غرائب التفكير وعجائبه ما يدور في بعض العقول إذ يتحدث أولئك المشنعون والمشككون بأسلوب يدل على أنهم يعتقدون بأن الوحدة والديمقراطية ونظام الحكم الجماعي والتداول السلمي للسلطة هي استمرار الإثارة واستمرار الخراب والدمار والمآسي واستمرار العنف والنار والدم والموت حتى ولو أدى الأمر إلى ضياع اليمن واليمنيين وسقوطهم في حضيض الفوضى والتناحر حتى الفناء.
وهم يعلمون علم اليقين أن الأمن والاستقرار وتحقيق الوحدة والديمقراطية ونظام الحكم الجماعي وتحديد فترة الرئاسة، والتداول السلمي للسلطة وتحقيق المساواة وتكافؤ الفرص لكل المواطنين ووضع الأسس الحديثة لدولة يمنية عصرية تتجه بكل قواها للألحاق بدول العالم المتقدم هما من مكاسب شعبنا اليمني العظيم أريقت في سبيل تحقيقها الدماء وأرخصت لأجلها التضحيات الجسام كما أنهم يعلمون علم اليقين أن البلدان التي تحكم حكماً ديمقراطياً الحكم فيه ليس حقاً إلاهياً مقدساً والحاكم ليس صنماً يعبد من دون الله والشعب ليس قطيعاً يساق بالعصا وليس عبيداً يمتلكهم الأسياد.
والمسؤولية ليست مغنماً ولا مكسبها شخصياً بل هي رسالة ووجبات يكلف بحملها أي فرد من أفراد الشعب ومن أي قطاع من قطاعاته ما دام كفؤ.
بمواقفه لا بالإرث ولا بسلالته أو أصله بإخلاصه لا برغبته ونزوعه.. بثقة الشعب فيه لا باستسلام الشعب له.
وانتقاله إلى ممتلكاته - ولما هذه أصول أساسية في النظام الجمهورية الديمقراطي. فأن الواجب الوطني وقدسية الولاء للوطن والثورة والجمهورية والوحدة والديمقراطية يحتم علينا أفراداً ومجتمعاً وشباباً وعلماً ومثقفين ومشائخ وأحزاب ومنظمات وهيئات واتحادات ونقابات وغيرها ترسيخها وتعميقها في القلوب والعقول وذلك بالممارسة العملية والسلوك والتجسيد الدائم.
فتجديد الفكرة التي أعاد شعبنا ممارستها بعد آلاف السنين ومنذ أن انهارت حضارة اليمن القديمة والتي أشار الله سبحانه وتعالى. بما جاء على لسان بلقيس ملكة سبأ في قوله تعالى قالت "يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمراً حتى تشهدون" لذلك فأن تجيد الفكرة بالتطبيق والسلوك لكي تعود حقيقة حية ومعاشة بين صفوف شعبنا اليمني العظيم ولكي تصبح سلوكاً له وسمة من سماته وظاهرة بارزة في حياته. وحتى لا يقع مرة أخرى في حبائل الفردية. والديكتاتورية والحكم الاستبدادي الذي يفرغ النظام الجمهوري الديمقراطي من محتواه عملياً وأن ضل يتغنى به وبشعارات مزيفة كاذبة لذر الرماد في العيون وتضليل الجماهير عن مصالحهم الحقة.
فالشعوب التي تحمكم حكماً ديمقراطياً لا يكون لهذه الحقيقة أية آثار سلبية وردود فعل عنيفة وضارة أذان النزاع والتنافس يعبر عن نفسه في شكل صراع فكري وجدل ديمقراطي وحوار ومناقشات قد تكون حادة وقاسية ولكنها طبيعية ولا داعي للضيق بها.
أن التنافس أمراً طبيعي بل وحتمي لأنه سنة من سنن الله في الحياة. وحقيقة من حقائق التطور في كل زمان ومكان وإلى ما شاء الله كما أنه يعبر عن نفسه بالسلوك العملي الإيجابي من خلال تجمعات ونشاطات سياسية وفكرية وترشيحات وطموحات مشروعة إلى السلطة والعمل السياسي في ضل الدستور / والقوانين والخطأ كل الخطأ هو محاولة قمع أو كبت هذه الظاهرة ومحاولة منعها عن التعبير عن نفسها..
إذ أن تجاوب الشعوب التي نشاهدها أو نسمعها تبرهن لنا أن كبت النزاع والتنافس الحتمي بين الجديد والقديم وكبحه عن التعبير السليم عن وجوده بالصراع الفكري والسياسي البناء في ظل الدستور والقانون لا يؤدي إلى نتيجة واحدة وهي أن يتجه إلى التعبيرعن نفسه بالعنف بالصراع الدموي بالقلاقل إلى آخر هذه الظاهرة السلبية والضارة والخطيرة.
ولا شك أن فتح المجال لظاهرة التنافس في جو ديمقراطي وفي ظل قوانين عادلة وحكيمة نردها إلى الصواب كلما طاش أو تجاوز جسده..
وأن هذا الأمر لابد أن يؤدي إلى بعض المضايقات والمنغصات والخصومات وذلك لأن كل جانب سيسمع من الجانب الآخر كلما لا يحبه أو لا يقره وستتخذ هنا وهناك مواقف عملية يعارضها أو يرفضها هذا الجانب أو ذاك. ورغم هذا يضل هذا الأسلوب طريق الأمان حتى لا ينجر إلى العنف والصراع الدامي.
لذلك فمن أهم الواجبات في هذه المرحلة الدقيقة والخطيرة علينا أن تحتار مواقف بتفهم ووعي خدمة للوطن والثورة والجمهورية والوحدة والديمقراطية كما أن على الجيل الأب أن يتقبل بقلوباً نيرة وصدور رحبة بعض المواقف التي يتخذها الأبناء والتي نرى فيها أو نسميها نحن الآباء أنها مواقف طائشة كما أنه يجب تقبل ذلك ما دام هناك تأكد تام بأن هذه المواقف وطنية أصيلة نابعة من ذات شبابنا وواقع شعبنا ومن بين صفوف أبنائه بقناعة وحرية وسلامة قصد.
كما أن من الواجب على الجيل الابن في هذه المرحلة الحساسة أن يتقبل بقلوب سليمة وصدور رحبة بعض المواقف التي لا يحبها أو التي يصفها الأبناء بأنها مواقف محافظة. ويقسو فيسميها مواقف متخلفة أو رجعية..<