عبدالفتاح البتول
في مقالة الأسبوع في صحيفة الثورة أكد استاذنا الكبير الدكتور عبدالعزيز المقالح يوم الثلاثاء الماضي على الفرق الكبير والشاسع بين حرية الكلام وحرية التعبير، وأن حرية الكلام تنطلق من ردود أفعال آنية ومواقف عابرة، وأما حرية التعبير تقتضي مستوى رفيعاً من الفكر النقدي والتعبير عن الوعي المستقبلي، ويذهب الدكتور المقالح إلى أن أكثر ما ينشر في معظم الصحف العربية في الآونة الراهنة لا يدخل في باب حرية العبير، بل يدخل في حرية الكلام لأنه يخلوا من التحليل والتدقيق كما يخلو من تحديد أبعاد الهدف الحقيقي المقصود من وراء الكلام.
والحق أن د. المقالح أصاب كبد الحقيقة ووضع اليد على الجراح والنقاط على الحروف، فالمتابع والمتأصل في معظم الصحف في الفترة الماضية يجد العجب العجاب، وأن ما ينشر في الغالب من باب حرية الكلام الذي يخلو من موقف واضح أو فكرة صائبة أو رؤية ناقدة أو مقالة فاحصة أو حتى على مستوى الحوارات والمقالات الصحفية، حيث تجد في كثير من المقابلات خروج على المألوف والمتعارف عليه شرعاً وعقلاً ودستوراً وواقعاً ، والأسوء من ذلك أن بعض الحوارات تهدف لتلميع شخص أو تحسين صورة جهة أو طائفة أو أسرة، ويتم إظهار وإبراز شخصيات مجهولة أو مأزومة كما فعلت إحدى الصحف الأسبوع الماضي، عندما نشرت حوارا مع علي بن إبراهيم بن الأمام يحيى حميد الدين، الذي خرج عن المجهول والنسيان بالحوار الذي أجراه معه الزميل علي الضبيبي الذي قدم حفيد الأمام يحيى وكأنه محمد الفاتح والمناضل الجسور فقد عمد - الضبيبي- في مقدمة الحوار الذي استغرقت نصف صفحة منه لتحسين صورة الرجل وتجميل صورة بيت حميد الدين ، وإعطاء آل الحوثي صك براءة من الفتنة التي أشعلوها في صعدة والغريب أن حفيد الأمام يحيى يؤكد أنه متألم من الوضع في اليمن، ولكن ليس باليد حيله!!
واصفاًَ ثورة سبتمبر بالردة وثورة 48م هي التي أدخلت اليمن في آتون الاغتيالات،والجمهورية لم تحقق إلا قوات مسلحة وجيشاً يضرب في الشمال والجنوب بشكل وحشي، والوحدة إرتجالية وعلي سالم البيض اعترف بخطئه عندما وقع على اتفاقية الوحدة.
وكان الزميل الضبيبي في مقدمته الطللية قد وصف علي بن إبراهيم حميد الدين البالغ من العمر 69 عاماً أنه يجيد حبك النكتة بحرافة الصنعاني " وأناقة السيد" !!
وبهذه الأناقة كرر الضبيبي لفظ - السيد- عدة مرات واستخدم لفظ السيد الذي جاءت ثورة سبتمبر للقضاء عليه، يهدف لترشيح التمايز الطبقي والتفوق العنصري وبحرفية تامة ومهارة واضحة استخدم الضبيبي مصطلح "أناقة السيد" والتي تعني أن كل سيد أنيق وأن الأناقة صفه أساسية وفطرية لديهم!!
وإذا تجاوزنا هذا المنعطف العنصري والاستهلاك الطبقي، والقضايا الجزئية والمتغيرات الآنية التي تطرق إليها "السيد إبراهيم" لوجدنا أن الرجل يتحدث عن ثورة 26 سبتمبر باعتبارها -إنقلاباً- كرر ذلك مراراً عن قصد ووعي لما يقوله ويرسله،والمشكلة ليست في القائل الذي يعبر عن نفسه واسرته وحزنه وحرفته، فالثورة قضت على حكم هذه الأسرة وتسلط واستبداد النظام الأمامي ممثلاً ببيت حميد الدين، والمشكلة في الصحفي الذي أجرى الحوار والصحيفة التي نشرته، الصحفي لم يراجع ويستنكر ويتدارك وصف الثورة بالانقلاب،بل استمر في حواره وكأنه سعيد ومسرور من ذلك ، والصحيفة لم تراجع المادة ولم توضح وترد وتذكر أن مصطلح -الانقلاب- لا توافق عليه ولا يعبر عنها، حتى أن الصحفي والصحيفة لم يضعا كلمة - الانقلاب- داخل قوسين- !!
والأخطر من ذلك أن حميد الدين الحفيد يتحدث بكل أريحية ورحابة صدر وأناقة على أن الأوضاع في اليمن -قبل الانقلاب العسكري سنة 62م- يقصد ثورة 26 سبتمبر المباركة كانت أفضل ويتساءل ببراءة: بالله عليك ما الذي تحقق في اليمن في الخمسة العقود الماضية" ؟!
طبعاً لم يرد عليه الصحفي وسكت وكأنه لا يعرف أولا يعتقد أن شيئاً تحقق في اليمن منذ قيام الثورة حتى اليوم؟!.
وانتقل الحوار إلى الفتنة الحوثية والسؤال سهل وواضح: تتهمون بأن لكم يد في حرب صعدة، وأن هناك من يريد إعادة الإمامة؟
وعندما حاول - علي إبراهيم الهروب من الإجابة واللف والدوران كان الصحفي هذه المرة حاضر الذهن لم يدع الرجل ليهرب بسهولة وقال له: لم تجب على سؤالي؟ وجاءت الإجابة دقيقة والرسالة واضحة والاتهامات جاهزة والمخارج متعددة، والقضية بسهولة حسب ما ذهب إليه حميد الدين: فأن آل الحوثي أنفسهم لم يكن لهم يد في هذه الفتنة !! فمن باب أولى آل حميد الدين ، وهذا هو المطلوب من المقابلة والمقصود من هذا السؤال يراه آل الحوثي وآل حميد الدين وجميع الآل من حرب صعدة وتقييدها القضية ضد مجهول وترحيل الفتنة وتحميل السلطة والقوات المسلحة ذنب ووزر ما حدث ويحدث وسيحدث في صعدة وغيرها من مناطق نفوذ وسيطرة آل الحوثي- "عليهم السلام"!!.<