عبدالوارث النجري
في الوقت الذي كان من المفترض على رجال السياسة والاقتصاد في بلادنا وعلى رجال السلطة والمعارضة في يمننا السعيد الجلوس في أسرع وقت يمكن على طاولة الحوار للبحث عن مخرج حقيقي لما تشهده البلاد من أوضاع يرثى لها سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، هاهم جميعاً سلطة ومعارضة يظهرون عبر وسائل الإعلام رجال اقتصاد وسياسات وعلماء وهم يحذرون من نهاية النفق المظلم فالبعض يوصفه بالمجاعة والآخر بالصوملة وثالث بفك الارتباك - الله يخارجنا من الكل- هذه الأيام تشهد الساحة اليمنية الكثير من الاضطرابات، اجتماعات وتكتلات وتشكيلات جديدة ومظاهرات ومؤتمرات وغيرها، لكن للأسف الحلول الحقيقية للخروج من هذا النفق المشئوم غائبة عن الجميع سواء بقصد أو بدون قصد.. صحيح هناك مؤامرات خارجية تحاك ضد يمناً السعيد - الأرض والإنسان- لكن هذه المؤامرات ليست وليدة اللحظة، ولا يمكن لتلك المؤامرات أن تتحقق وتنجح وشعبنا اليمني ينعم بالأمن والإستقرار وتحسن الوضع المعيشي، ولا يمكن للمعالجات الآنية والترقيع أن تحل مشاكل وهموم المواطنين وتصد مخططات تلك المؤامرات الخارجية التي تستهدف الوطن بخيراته وثرواته كما لا يمكن لتبادل الاتهامات والمناكفات السياسية والتراشق الإعلامي بين طرفي اللعبة السياسية الحاكم والمعارضة أن تحل مشاكل الناس وتتلمس معاناتهم وتصد أي مؤامرات خارجية تستهدف الوطن.. يجب على السلطة أن تدرك جيداً خطورة الوضع وتظهر بحجم إمكانياتها وقدراتها ووضعها للعمل على إخراجنا جميعاً من ذلك النفق إلى اليمن الجديد والمستقبل الأفضل وكذلك هو الحال بالنسبة للمعارضة والممثلة في تكتل اللقاء المشترك يجب عليها هي الأخرى أن تدرك جيداً أن موقفها اليوم لا بد أن يكون واضحاً للعيان مع الأمن والاستقرار مع الوحدة والثورة والجمهورية مع الوطن وثوابته ومع العدل والمساواة وإزالة المظالم ومحاربة الفساد، ليس في صالح المعارضة أن تكون في موقفها معارضة للسلطة على طول وفي مختلف الأحداث والمواقف ولهذا فإن توحيد المواقف في الوضع الراهن صار مطلباً وطنياً وجماهيرياً قبل أن يكن مطلباً سياسياً أو انتخابياً يتعلق بالنخب السياسية في السلطة والمعارضة ، ومن هنا فمما لا شك فيه أن الطرفين السلطة والمعارضة يدركان جميعاً انه لا يمكن تجاوز كافة الثوابت الوطنية من أجل مطالب وأغراض سياسية لخدمة كافة المخططات والمؤامرات الخارجية التي تحاك ضد بلادنا وفي نفس الوقت لا يمكن تجاوز كل المنغصات والخروج من ذلك النفق إلا من خلال فرض هيبة الدولة وتطبيق النظام والقانون على الكبير قبل الصغير، على الوزير والشيخ والضابط والتاجر والمقاول وأمين عام الحزب والقيادي، قبل الموظف العادي والمختص والمراسل والعامل والخضري والصياد والسائق والطالب وغيرهم علينا جميعاً في السلطة والمعارضة الابتعاد - ولو موقتاً - عن المؤتمرات والندوات والإعتصامات والبيانات الجوفاء والملاسنات في القنوات الفضائية ونبحث عن الكيفية التي يمكن لنا بواسطتها إعادة للنظام قوته وللدولة هيبتها، كيف يمكن الحصول على قضاء عادل نزيه ونجد القاضي مستقلاً غير متحزب أو يتلقى توجيهات حزبية وغيرها، يرفض أي تدخل في عمله مهما كان صاحبه، نريد قاض لا يخزن مع محام ولا يفتح منزله للمشارعين ، ونريد وزيراً يقدم إقرار الذمة المالية بعد صدور قرار تعيينه بيوم ، نريد وزيراً لا يصاحب مقاولاً ولا يخالف لائحة أو نظاماً أو قانوناً ، ونريد محافظاً لا يشارك مقاولاً أو تاجراً وينفذ مشاريع الدولة عن طريق التكليف، نريد عضو المجلس المحلي أن يكون مراقباً ومشرفاً ويمارس صلاحياته وفق القانون يتقدم بشجاعة لمحاسبة الفاسدين وسحب الثقة منهم نريد معارضة تشيد بالإجراءات الإيجابية التي قد تقرها السلطة وتعمل بها ، نريد معارضة تشيد بالمنجزات العملاقة التي تحققت ولا تنفي كل شيء نريد تفعيل تقارير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وإحالة كل الفاسدين والعابثين والمخالفين إلى القضاء المستقل لمحاسبتهم نريد الحزب الحاكم أن يقدم عدد من الفاسدين إلى القضاء فهذا ليس عيباً بل من العيب عليه التستر عليهم وتحميل الفساد المواطن العادي أولا يتعرف بوجود الفساد من أصله، خاصة في ظل هذا الوضع والحال الذي وصلنا إليه، نريد من هيئة مكافحة الفساد أن تحاسب فاسداً فقط وأن لا تتراجع عن قراراتها حتى لا تفقد ثقة الناس بها وبأعضائها، فقط نريد مشاريع تنفذ وفق مواصفات ومقاييس معروفة لا تتعثر أو يرافق تنفيذها الغش والمخالفات، نريد النظام والقانون نلمسه في كل مرافق الدولة لا أن يظل حبيس الأدراج وفي الجريدة الرسمية فهو الوحيد القادر على إخراجنا من النفق.<