محمد أمين الداهية
نداءات إنسانية عاجلة استغاثات، توسل ورجاء، آمال انقطعت محاولات تصل في النهاية إلى طريق مسدود وتصطدم بأبواب موصده، يعود أولئك الفقراء إلى منازلهم حاملين معهم وفلذات أكبادهم الذين نحلت أجسامهم وخارت قواهم واصفرت وجوههم وأجسامهم نتيجة ذلك السرطان الخبيث الذي سلط كل قواه على أجساد أطفال أبرياء يعجز آباؤهم عن إنقاذهم أو التخفيف عنهم فيعودون إلى أبنائهم المصابين حاملين معهم دموعاً تحرق وجوههم وآلاماً لو أصابت جبالاً لهدتها، لا ندري أين اختفوا رجال الخير وأي ظروف أجبرتهم على تجاهل النداءات والمناشدات الإنسانية لمختلف الأمور وبالذات أمراض السرطان التي تستفحل في بيوت أسر فقيرة، لا تجد قوة يومها، فكيف لها أن تقاوم هذا الداء المضني؟ من يحاول أن يقترب من هذه الأسر ويتعمق في تفاصيل حياتها سيرى العجب المصحوب بالألم وسيدرك أننا نعيش في زمن البقاء للأقوى، ولا يستحق الحياة إلا أولئك الذين خلقوا وعلى أفواههم ملاعق من ذهب، أما الفقراء والذين ظلت صرخت أول لحظة في وجودهم تطاردهم حتى نهاية وجودهم على هذه الأرض، فصرختهم الأولى كانت بمثابة الحزن والألم والخوف من المصير المشئوم الذي لا يريدون الوصول إليه، حياة كادحة سرطان خبيث ينتظر اقترابهم منه ليفترسهم دون أدنى رحمة في زمن أصبحت رحمة البشر لا تشمل سوى الأقوياء والأثرياء وهي في الحقيقة رحمة أو شفقة مصطنعة ، لأسباب واضحة، لا تخفى على أحد.. هناك رجال خير قدموا وما زالوا يقدمون ما بوسعهم لإدخال الفرحة والسعادة على قلوب أسر افتقدت هذه المعاني منذ سنوات طويلة. لكن هؤلاء الرجال قلة فلماذا لا يحاول أولئك الذين لا يعرفون كيف تخرج الملايين من أيديهم ولا إلى أين تخرج لماذا لا يحاول أولئك الذين يرسلون ويتبادلون الهدايا الثمينة بل الخيالية من أجل مصالح مشتركة - لماذا لا يحاول أولئك الذين يعبثون بملايين الدولارات خارج الوطن ويقيمون حفلات صاخبة يستضيفون خلالها المطربين والمطربات لماذا لا يحاول هؤلاء أن يقفوا لحظات مع أنفسهم البشرية الأمارة بالسوء ويذهبوا بخيالهم ولو للحظات إلى أولئك الأطفال الذين يتمنون هم وأسرهم لحظات تأمل ورحمة وتشفقة من قلوب الأثرياء إلى تلك القلوب للمكسورة في زمن لا يعترف بالفقراء.< 
