علي الصباحي
منذ أن جثم الاستعمار على صدر هذه الأمة العربية خلال القرن الماضي عمل جاهدا على طمس هوية المستعمر ( بفتح الميم) اوعلى الأقل تشويهها, وكان من ضمن ذلك عمل على إسقاط و خلخلة وتع جيم اللغة العربية بأساليب عدة مباشرة وغير مباشرة!!
وبالفعل نجح من سعى إلى ذلك نجاحا باهرا وتأملوا حال اللغة العربية اليوم !! تأملوا المناهج ومخرجات تعليم اللغة العربية . وهذا لكلام معمم على كل المنطقة العربية على ترامي أطرافها وقد تختلف النسبة بين دولة وأخرى حيث هزيمة اللغة العربية في المغرب العربي أكثر منها في مناطق أخرى كالجزيرة والخليج وأماكن أخرى !!
بالتأكيد أن العيب واللائمة لا ينحصران فقط على من كان سببا في إضعاف وتغييب اللغة العربية بقدر ما العيب أكثر علينا نحن العرب كوننا واصلنا درب الإهمال والإضعاف والتغييب للغتنا ووضعها ضمن دائرة ( الثانويان) وليست من الأساسيات! أليس كذلك؟!!
قد يقال إن هذا السرد مبالغ فيه لكن لنسال أنفسنا هل يستطيع احدنا أو احد أبنائنا أن يتكلم مدة خمس دقائق متواصلة من تلقاء نفسه باللغة العربية الفصحى؟؟ وهل يستطيع احدنا أن يحل لأخيه أو لابنه اولابنته أسئلة اللغة العربية المقررة في المدرسة أو الجامعة رغم سهولتها ؟ أم انه سيستعين بمدرس لغة عربية ؟ وحتى لا نذهب بعيدا هل يستطيع من يسكن المراوعة أن يفهم ومنذ الوهلة الأولى ماذا يقول له من يسكن حي البليلي ؟ هذا محليا أما قطريا فهل يستطيع من يسكن سماكة أن يفهم مايقول له من يسكن الرباط؟ !!
هذا مجرد مثال.. مع أن الجميع عربا أبا عن جد!! الايكون هذا دليلا على الضعف التام الذي أصاب اللغة العربية ؟
لماذا تحافظ الأقليات على لغتها وتقيم مدارس خاصة لها في البلدان المختلفة معها لغويا ودينيا؟( وتأملوا عدد المدارس الموجودة في الأقطار العربية للجاليات الأجنبية )بينما نحن لا نهتم أصلا باللغة في عقر دارنا! أما عن جالياتنا في الدول المغايرة لنا لغة وتوجها فحدث ولا لوم!
هل توجد لنا مدارس تهتم باللغة والهوية والتاريخ في الدول الغربية مثلا تحفظ ابناءالجاليات العربية لغويا وتربطهم بحضارتهم وهويتهم ؟!بالطبع لا لان ذلك سيكون وصما للعرب بالإرهاب !! وذلك مما يجعل هويتنا تضمحل ولغتنا تذوب .
لماذا نجد مدارس أجنبية منتشرة في كل نواحي المنطقة تستقطب أبناء جاليات تلك الدول ولا يشار إليها بأي تهمة ؟ بينما نحن لا نهتم أصلا بلغتنا في منبتها فانى لنا أن نقيم مدارس في بلدان أجنبية تحفظ لأبنائنا ثقافتها وللأمة حضارتها وتاريخها ؟
لا شك إن المشكلة تكمن إضافة إلى ( المستعمر القديم الأجنبي والحديث المحلي )أن مناهج اللغة في البلدان العربية ضعيفة جدا ابتداء من الحلقة الأولى وانتهاء بالجامعة , حيث يتخرج الطالب من الثانوية أو الجامعة وهو لا يستطيع أن يعرب جملة مفيدة كون ثقافته في اللغة العربية لا تتعدى الفعل والفاعل وبعض حروف الجر ! وهي بالطبع متكررة وعلى المنوال نفسه ومن أراد أن يبرع في اللغة العربية فعليه أن ( يتخصص ) حتى يكون لديه إلمام في النحو والصرف والبلاغة والأدب العربي !! ( وانه لعيب أن نجد من الأجانب من يجيد اللغة العربية باحتراف ويجهلها ويتجاهلها أهلها !!
الجميع مشارك في إضعاف لغتنا العربية بلا استثناء بدءا من البيت وانتهاء بالسوق ,الذي تغطيه لافتات تجارية لا تحمل كلمات عربية فصحى وانظروا وتأملوا كثيرا ....
يطول بنا الحديث إن تعرضنا إلى المآسي التي واجهتها وتواجهها لغتنا لغة القرآن ولا طاقة لنا بحصرها , ونختم هنا بما قاله الأخ العزيز الشاعر محمد الأمين يوسف من أبيات حول اللغة العربية حيث قال :
لغتي الفصحى: لغة العرب
لغة الدين: لغة النسب
لغة العلم: لغة الأدب
Alsabahi77@hotmail.com