يونس الشجاع
ثمة مشاهد غرائبية تطفو على السطح الحياتي. . تجعلنا نقرأ القادم بكثير من التوجس. . القلق. . الخوف. . نشعر في أحايين كثيرة أن الوطن يمشي نحو المجهول.
لا أحداً يستطيع إنكار الأزمات الموغلة في الساحة. . الغائرة جراحاتها في النسيج الاجتماعي. . حلول الترقيع ماتزال تسيطر عليها ولم تتمكن من مبارحتها حتى اللحظة والتي تعد جريمة بحق الوطن. . صورة قاتمة. . ضبابية مبرمجة تضع الحصيف أمام عجز حقيقي عن فهم ما يدور ويعتمل على الساحة الخرائطية للوطن في ظل سياسة حمقاء صنعت من "مقيل القات" قرارات ارتجالية تؤسس لصراع مرتقب.
"حراك مسلح. . مواطن غاضب حد الشماتة. . مسؤول فاسد " جميعها مفردات تنذر بكارثة حقيقية تلوح بوادرها في الأفق.
فرقاء متشاكسون كل يدعي الاحقية والمنهجية. . تنافر رؤى. . حالة ارتباك يعيشها الواقع الوطني. . تجاذبات تريد ان تصل بالوطن حد الانهيار. . تجعلنا امام نتيجة حتمية هي ان كل فرقاء العمل السياسي لا يستحقون شيئاً منا اكثر من الازدراء.
معارضة تنطلق في تعاملها مع السلطة من منطلق النكاية. . تسجيل المواقف الخرقاء. . وسلطة تمارس عنتريتها ضد الشعب ومفرداته الايديولوجية من خلال لجان جديدة تعمل على نقل الامور بالمقلوب. . معارض يجزف في الواقع حد الشطح وحاكم يتلاعب بالحقيقة حد الانكار مما يجعلنا امام ازمات اكثر عصية على الحل من ذي قبل.
ففي الوقت الذي ينبغي فيه على الحاكم النظر لأبناء الشعب الذين ينخرطون في مسيرات عدائية ضد النظام بعين المسؤولية. . تراه يشمر سواعده لتعميق الجراحات الغائرة في النسيج الاجتماعي الواحد من خلال مسيرات مناوئة تعمل على تكريس ثقافة التضاد بين ابناء الوطن الواحد.
وايضاً في الوقت الذي ينبغي فيه على المعارض الوقوف ضد كل من يحاول توسيع الخرق على الراقع. . تراه يقف موقف المنافح عنه.
الامر الذي يشعرنا ان ثمة نظاماً ومعارضة يعيشان هوس التنابذ بعيداً عن فهم متطلبات المرحلة. . واننا امام حاكم مأزوم ومعارض مهزوم كلاهما يستهدف الوطن بالمكابرة والمكايدة. . يصلان في خصومتهما حد الفجور والانتقام ليس من احد سوى الوطن.
يوم ان تتلاشى بوادر الصدق الاخلاص الثقة وتتحكم في المجتمع بوادر المراوغة. . . الخداع. . المكر. . حينها تزداد بؤر الاختراق اتساعاً ويبقى من العسير تدارك الموقف.
فوضى خلاقة تعتمل هنا وهناك اضحت هي اللاعب الامهر على الساحة الوطنية في حين لم يبرز في مسار كل تلك الازمات من يستوعب كل هذه المتغيرات ويبادر للعمل على انقاذ ما يمكن انقاذه بعيداً عن تلكم اللجان المشكلة والهيئات المنعقدة برئاسة اشخاص هم من كانوا اسباباً رئيسيين في تفاقم المشكلات وتوالي النكبات على وطننا الراهن والذين لو كانوا حقاً جادين في معالجتها لبدأوا بحلحلتها في أروقة ودهاليز الوزارات التي يقبعون فيها والمكاتب التابعة لها في المحافظات بعيداً عن الخوض في توصيات عقيمة شأنهم شأن من جلسوا يوماً يناقشون مسألة هل البيضة من الدجاجة ام الدجاجة من البيضة لينتهي بهم المطاف في مباركة انجازات وبطولات اخماد الوطن المتهالك.
موجة فساد عاتية قصمت ظهر الوطن المثقل بالجراحات والنكايات جعلت -أي موجة الفساد- الكل يبحث ولو عن قشة تنقذه منها في ظل حلول مهترئة -مترهلة لا تفيد الواقع بقدر ما تثخن الجراحات. . تشعل اوار الازمات تعاضد في تفتيت الواقع الوطني لتبلغ السياسة في سذاجتها حينها حد الضحالة. . ساعتئذٍ يصرخ الوطني "الجاهل يغفر الله له والمتعمد الشريك المقاسم تلزمه ضريبة التكفير عما سلف".