مازلنا نواصل في هذه الحلقة ما تطرقنا إلية في حلقات سابقة عن مشوار رجال الثورة في مطاردة البدر لنبدأ من حيث توقفنا آنفاً في منطقة وشحة حيث تم محاصرة أبطال الثورة لأيام.. هنا يقول المؤلف: بينما تدور تلك الهواجس والخواطر في إخلادنا حيث لم تكن لدينا معلومات عن متى ستنتهي تلك المهمة المجهولة ؟ وهل ستنتهي برحيل البدر إلى خارج الوطن؟ أو برحيل نائبه أحمد عبدالكريم ، إذ تلوح في الأفق أنوار سيارات تظهر على بعد مسافة كبيرة !!، عندها كنا عاجزين عن معرفة الاتجاه الذي تقصده في ذلك الظلام الشديد ، وكانت الشكوك تلاحقنا بأن تلك السيارات ربما كانت قادمة من السعودية ،وأن البدر بدأ ينفذ وعداً للقبائل بالعودة أثناء ذلك بأنه لزاماً علينا مواجهة الموقف الجديد الذي يظهر ونحن في أمس الحاجة للطعام والشراب والحصول على كوب من الشاي والقهوة والذي مضى علينا فترة طويلة لم تتناوله فيها، بعدها بدقائق سمعنا صوت السيارات يقترب من الموقع وتمكنا من معرفة نوعها حيث كانت السيارات فرجو روسية الصنع، وصلت مع صفقة الأسلحة التي سبق الحديث عنها في الباب الأول.
وفي تلك الأثناء اقتربت السيارات من الدبابة وعلى متنها عساكر من فوج البدر من السرية الخامسة والسرية السادسة إضافة إلى بعض المسؤولين ، في تلك الآونة كانت تلوح في الأفق تحركات لبعض الدول العربية المجاورة لليمن بهدف إجهاض الثورة ومحولة إعادة النظام الإمامي ، وفي مقدمة تلك الدول السعودية إذ تميزت تلك التحركات في مراحلها الأولى بظهور بوادر الدعم للبدر المخلوع ومن معه والمتمثلة في الإمداد بالمال والسلاح، وكانت تلك الإمدادات لها دور كبير في تمديد فترة الحرب ، خاصة وأن المال يعتبر مصدر إغراء استخدامه أعداء الثورة ، إدراكاً منهم يجدوا في تلك المرحلة نظراً للتخلف الشامل الذي تعاني منه البلاد وحالة الفقر والفاقة التي كان يعيش تحت وطئتها الشعب اليمني.
بالإضافة إلى ذلك كانت السعودية تعتقد بأن الثورة اليمنية مصدر إقلاق لها ولأمنها الداخلي ، دون أن تدرك أن بقاء اليمن في حالة من التخلف الدائم ليس في صالحها ، ومن هذا المنطق بذلك جهوداً كبيرة مصحوبة بالمال والسلاح واستخدمت شتى أنواع الأساليب لجعل اليمن في حاله عدم استقرار.
الإعداد والتجهيز والهجوم على حصن وشحة
بعد ما مر بنا من أيام الحصار والخوف وانعدام الحد الأدنى من وسائل الإمداد والتموين وكذا وسائل الحماية ، وما تلى ذلك من وصول تعزيزات جديدة بما فيها أعداد من الزملاء الجدد كما سبق توضيحه ثم التجهيز والإعداد لهجوم جديد على حصن وشحة بعد تكليف الأخ النقيب/ ملاطف السياغي بقيادة منطقة وشحة بوصفه قائداً لسرية الهجوم، وتم تحديد وقت الهجوم حيث حدد قبل الفجر وفعلاً تم التحرك في الوقت المحدد وبدأنا بالضرب على الحصن وتحرك الأفراد من السريتين المشار إليهما مع موافقة تجهيزات المدفعية من الدبابة لشن هجوم كاسح على ذلك الحصن ومن يداخله وما هي إلا ساعات حتى تم القبض على من كان فيهم ذلك المدعو/ أحمد عبدالكريم وإيصالهم إلى المكان الذي نحن فيه.
وبالنسبة لنا تعتبر هذه هي المرة الثالثة التي تقوم فيها بضرب النار بالدبابة.
ومما يشير إلى بأن / أحمد عبدالكريم والذي كلف من قبل البدر للقيام بمهامه حتى يعود البدر المخلوع من السعودية يتحدث عن المعركة ، التي حدثت في حصن وشحه ويقدم الشكر لما تلقاه من رعاية ومحافظة وبعد نقلة من بين الأسرى إذ به يقول لا أكتم عليكم سراً بأن البدر قبل تحركه كلفني بالبقاء في وشحة حتى يعود مضيفاً بقوله يا أولادي إن الإمامة انتهت وإلى الأبد ومن يخرج من اليمن لن يعودها ، وربما تدخل اليمن في حرب قد تستمر لمزيد من الوقت ، تنتهي بالنصر للثورة ، وينهي حديثه بقوله تأكدوا من كلامي من أن الجماعة "ويقصد بهم أسرة بيت حميد الدين" تاهوا في الفترة الأخيرة.
بعد ذلك أرسل إلى صنعاء ، وبعد مرور بضعة أيام من وصوله سمعنا بأنه أعدم مع مجموعة أخرى.
حرض وأول.. معركة وجهاً لوجه
وفي هذه الآونة كلف الأخ النقيب / ملاطف السياغي مع أفراد السريتين المشاة التي وصلت من صنعاء وهي من فوج البدر بالبقاء في وشحة بعد احتلالها ، أما بالنسبة للنقيب / عبدالوهاب الشامي والذي كان مكلفاً بقيادة الحملة وصرف المبالغ لمواجهة النفقات اليومية والتي سبق وأودعها الدبابة عند وصولة فقد قام بسحب ما تبقى من تلك المبالغ قبل أن يعطي أوامره بالتحرك إلى حرض وكانت عبارة عن ثلاث خيش مع الشنطة الحديد وقد أبدى إستغرابه إذ كان يعتقد بأن المبلغ كاملاً قد استنزف ما عدا الشنطة الحديد وأتذكر حينها بأنه يقود سيارة ويلس مقفص من مخلفات النظام الإمامي ، وتحرك معه بعض الأفراد في إتجاه حرض قبل أن يتحرك أفراد طاقمنا الذي صدرت إليه أوامر بالعودة إلى حرض ، وبمجرد وصول النقيب / عبدالوهاب الشامي مع من معه إلى قفل حرض ومنها إلى عبس ولم يكن على علم بمجاميع المرتزقة القادمين من السعودية بعد أن استلموا أسلحة شخصية وذخائر والذين تمكنوا من الاستيلاء على تلك السيارات وكذا وايت ماء كان يتواجد في قفل حرض بينما تمكن النقيب / عبدالوهاب الشامي وبعض الذين كانوا معه من التخلص من تلك المجموعة.