شمس الدين السالمي
يمكن القول بأن شعار التغيير الذي رفعه الرئيس الأمريكي باراك أوباما بدأ يتوضح شيئا فشيئا، إلا أن هذا الوضوح لم يتجاوز القول، فلم نر إلى حد هذه اللحظة تطبيقا فعليا فيما يتعلق بقضايا الشرق الأوسط وخاصة الصراع العربي الاسرائيلي.. بل إن الأمر ازداد سوءا بما ان إسرائيل أصبحت تردد مقولة أن الأردن هو الوطن البديل للفلسطينيين، وما ظهور هذه المقولة للعلن إلا دليلا على أن المخطط الصهيوني سيدخل إلى مرحلة التنفيذ، على علم من أمريكا، وما خطاب الرئيس أوباما الذي ألقاه مؤخرا إلا لتلطيف الجو وامتصاص غضب العرب والمسلمين وطمانتهم بتغييره الذي أطل به على العالم وسيبدأ بتنفيذه الفعلي.
إن حظوظ نجاح الرئيس الأمريكي أوباما في تغيير الصورة السلبية عن الولايات المتحدة في العالمين العربي والإسلامي مرتبطة إلى حد كبير بقدرته على التوصل إلى حل دائم لهذا النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي، حل يقبله الطرفان، وهو حل الدولتين لشعبين، والذي لطالما شدد على أنه أساس العملية السلمية في الشرق الأوسط.
لا شك أن خطاب أوباما جديد من نوعه مقارنة مع خطابات سابقيه من الرؤساء الأمريكان، فهو أول رئيس يدعو إلى بداية جديدة بين الولايات المتحدة والعالم العربي والإسلامي، ومطالبا حماس بوقف العنف تجاه إسرائيل، وأن تتخلى هذه الأخيرة عن مستوطناتها غير الشرعية، وهذا اعتراف ضمني بحق إسرائيل في المستوطنات الأخرى، وكذلك لم يوجه إليها أي إدانة بما فعلته في غزة في حربها الوحشية، ولم يتهمها بالعنف ولا بالإرهاب..
لذلك فإن هذا الخطاب لا يعّبر عن وجهة نظر السياسة الأمريكية، ولا هو بداية تغيير في النهج الأمريكي العدواني تجاه المسلمين، والانحيازي للكيان الصهيوني.
فإذا كان هو القائل بأن التغيير لا يحدث بين عشية وضحاها، فكيف له بحل الصراع العربي الصهيوني بين عشية وضحاها؟ وهو الذي مضى عليه أكثر من ستة عقود دون التوصل إلى حل، بل ازداد الأمر فظاعة بالتوسع الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية، وتقسيمها لتسهيل السيطرة عليها بعد أن صنعت سلطة أوسلو إلى جانبها، بل أصبحت الآن تمد نظرها إلى الأردن، لاستكمال مخططها "إسرائيل الكبرى"..
فهل يعي العرب والمسلمون ذلك؟ وهل يستقرئون التاريخ حتى يتأكدوا أن الكيان الصهيوني لن يتنازل عن شبر واحد مما احتله من الأراضي، وفقا لما جاء في بروتوكولاتهم؟ وإن صادف وتنازلت عن شيء فستسرده أضعافا مضاعفة.. فلتعلموا بأن ما جاء في خطاب الرئيس أوباما سيظل حبرا على ورق.<