د.يوسف الحاضري
((خلال تصفحي اليومي عن طريق الإنترنت للصحيفة الأكثر من رائعة ( أخبار اليوم ) إحدى إصدارات مؤسسة الشموع للصحافة والإعلام فقد أثارني وأعجبني مقال للكاتبة الرائعة كروان الشرجبي التي دائما ما تكون كتاباتها متوافقة مع الواقع والاحتياج الاجتماعي ,وهذا الموضوع تطرق في العدد الماضي الصادر يوم الأحد الموافق 14/6/2009 ولأن هذا الموضوع بقدر عالي من الأهمية فقد أثارني لأدلي بدلوي في هذا , فمرحلة المراهقة عند الإنسان معقدة التراكيب والمراحل والنتائج , فالفرد منا بمجرد أن تبدأ الهرمونات الجنسية الخاصة بهذه المرحلة بالإفراز بشكل كبير وكثيف وبمجرد أن تظهر علامات النمو والمراهقة في الذكور والإناث حتى يتحول الفرد منا تحولا كبيرا وفجائيا فتتغير تصرفاته تلقائيا واختياريا , تنقلب حياته 180درجة , يمتلأ بالحيوية والنشاط , ينظر إلى العالم المحيط به والغير محيط به بنظرات جديدة , يبدأ هو في التغيير الذاتي الشخصي لشخصيته , يصبح مرنا بشكل كبير ومخيف وسهل التشكل والتحور والتقلب والتغير, لذا تكون هذه المرحلة الأخطر في المراحل العمرية على وجه الإطلاق , فهذه المرحلة هي المحددة لشخصية الفرد المستقبلية , هي المكونة لكينونته خلال بقية عمره وحياته القادمة , فكم من أشخاص وزملاء كانوا يرتادون المساجد خلال مرحلة الطفولة ويحفظون كتاب الله وبمجرد أن مرت بهم هذه المرحلة تحولوا من صالحين إلى طالحين , وكذلك أفراد أعرفهم كانوا ذوي ميول شرسة ومتمردة ولكن بعد أن بلغوا مرحلة النضج حتى نضجت مداركهم وتعدلت أفكارهم وأصبحوا ذوي ميول معتدلة , وغير ذلك من الأمثلة , ولأني دكتور صيدلي ولست أخصائياً نفسي فسأدلي بدلوي في هذا الموضوع وفق خبرتي وإمكانياتي , فالفرد منا بمجرد أن تأتي هذه السنون إليه حتى يصبح ناضجاً في بعض الجوانب دون الأخرى , يصبح ناضجا جنسيا , قاصرا فكريا , وهذان هما الشيئان الهامان في هذه المرحلة اللذان يجب ان نركز عليها ( الجنس والفكر ) فالبلوغ يكون جنسياً متزامن مع قصور فكريا, غير أن الفكر هذا مرن بشكل كبير جدا سهل التشكل والتغير , لذا تكمن الخطورة هنا وليس عند النضوج الآخر ( الجنسي ) ,فالتعبئة والاكتساب الفكري في هذه المرحلة لا يمكن أن يتغير مهما مرت عليه السنون , فعندما يتم تعبئة الفرد بأي أفكار تصبح هذه الأفكار مقدسة للشخص ومنهاجا يستمر عليه ويمشي بة بقية حياته لذا قال رسولنا الكريم في توجيهاته التربوية ( واضربوهم لعشر ) والضرب هنا لا يعني الإيذاء وإنما يعني رسولنا به التوجيه الحازم من الأهل خلال هذه المرحلة, وهذا ما لمسناه خلال حروب الردة في الشمال مع ( الحوثيين ) حيث لاقت الحكومة مقاومة كبيرة جدا وكان الفرد من الحوثيين يقدم مهجته فداء لرؤسائه والسبب أنهم - أي الحوثيين - استغلوا هذه المرحلة واستقطبوا الشباب خلال المرحلة وبدؤوا في التعبئة الفكرية المناسبة لأهدافهم حتى تغلغلت في أعماق هؤلاء الشباب فأصبحوا يقاتلون وكأنهم في بدر ( النصر أو الشهادة ) , فهنا تكمن خطورة مرحلة النضوج والبلوغ , ولا يردعه رادع سواء كان دينيا أو اجتماعيا أو سياسيا او حتى اقتصاديا , لذا لابد لنا كأفراد مهتمين و متخصصين ومسئؤلين عنهم ان نهتم بهذه الفترة ونعطيها حقها من خلال الجلوس المستمر مع من يمروا بهذه المرحلة الحرجة في حياتهم ونتغلغل إلى أعماقهم ونكتشف أسرارهم ونتعامل معهم كأننا في نفس أعمارهم ونمر بنفس المرحلة لكي نستطيع أن نوجههم توجيهاً سليماً ونملأ رؤوسهم بالأفكار البناءة من حب الله ورسوله وحب الوطن والتفاؤل والعمل والبناء دون استخدام عاملي الترهيب والتجريح والوصول إلى ما يفكرون فيه وتوجيهه توجيهاً سليماً , ولأننا ندرك صعوبة هذه الإجراءات خاصة من الوالدين وخاصة لو كان الوالدين أو أحدهما أمي (غير متعلم ) او حتى لو كان متعلماً ولكن غير مدرك لكيفية التعامل السليم والصحيح مع هذا,وألا يركزوا جل اهتمامهم خلال هذه المرحلة على التغيرات الجنسية وما يصاحبها من رغبة فقط لأن هذا التغير والنضوج يمكن وبكل سهولة توجيهه وبسهولة من خلال التوجيه الديني ( الخوف من الله وعقابه ) او التوجيه الدنيوي ( الرؤية والعار الاجتماعي) او التوجيه الصحي ( الأمراض الجنسية ) , ومن هنا أدعو ذوي الاختصاص أن يدلوا بآرائهم وأفكارهم وأن يستمروا في التوجيه السليم والصحيح للوصول إلى شباب يمني عربي مسلم خالي من الشوائب الفكرية )).<
Yusef_alhadree@hotmail.com