رغم الدعم المادي والمعنوي الذي كان يتلقاه النظام الإمامي من الخارج وخاصة دعم المملكة العربية السعودية تبدو بطولة الثوار أقوى من صمود النظام البائد سنواصل اليوم ما حدث بعد أن تمكنت مجموعة النقيب الشامي من السيطرة على الموقف بعد تمكن النظام البائد من الاستيلاء على المعركة في حرض. . هنا يقول المؤلف: بعد أن فقدوا السيارة الولس التي كانت تحمل الفلوس على متنها، أما نحن عند وصولنا إلى مدينة حرض حيث كان ذلك اليوم سوقاً أسبوعياً والمكان مزدحم بالناس، فقمت بإدخال الدبابة داخل سور الحكومة ونحن في أشد الإرهاق والتعب والسهر نتيجة للحصار الذي استمر أربعة أيام في غار هيثم، والأيام السابقة التي تلت اليوم الثاني للثورة.
وفي نفس الوقت وصلت إلى دار الحكومة بالمنطقة مدرعتان أربعة في أربعة 4*4 حاملة جنوداً وعلى متنها أفراد من فوج البدر ومجاميع من متطوعي الحرس الوطني بعد تدريبهم على الأسلحة الشخصية في صنعاء،وبعد مرور ليلة كاملة خلدنا فيها إلى النوم العميق عندما شعرنا بالأمان ونحن بالقرب من دار الحكومة ووجود حراسات لأول مرة.
وعند الفجر سمعنا إطلاق نار كثيف موجه صوب الحكومة على أثرة أستيقظ الجميع من النوم ، وإذا بالبعض من أفراد الحرس الوطني يرددون بأن السعوديين يهاجمون حرض ، وعلى أثر ذلك قام طقم المدرعتين بإطلاق النار من رشاشاتها ومواسيرها مرتفعة حتى لا تصطدم بجدار السور، وكان عشوائياً في اتجاه السوق ، عندها طلبت إيقاف الضرب من ذلك المكان وضرورة خروج المدرعتين لمواجهة المعتدين وفعلاً خرجت المدرعتان بسرعة لمواجهة الموقف وتمكنتا من أحداث إصابات مباشرة في أفراد العدو بعد حوالي نصف ساعة من بداية المعركة وخلال ذلك استشهد حكيما دار المدرعتين وأتذكر أن اسم احدهما كان الشهيد/ القطامي واسم الآخر كان الشهيد / الصرابي وكلاهما من لواء حجة ومن فوج البدر.
والجدير بالذكر أنه وعند استشهاد قائد المدرعة تنتهي فاعليتها باعتبار أن جميع أفراد الطقم يجهلون التعامل مع المدرعة وأساليب القتال بها.
وتلك كانت أول معركة نقابلها وجهاً لوجه، واتضح لنا فيما بعد بأن العدو قد عمل على تسليح المجاميع التابعة للبدر وحثهم على سرعة العودة إلى حرض وإحتلال مواقع والتمركز فيها قبل وصول قوات الجمهورية، وكان عددهم يقرب من الثلاثة آلاف فرد بقيادة أحد المغرر بهم من بين المرتضى وكان يسمى بقائد القوم ، وقبل شروق الشمس كان هجومهم مركز على مبنى الحكومة الذي شدد الحصار عليه ، وكان علينا مواجهة الموقف والخروج بالدبابة من البوابة الرئيسية بعد إغلاق جميع فتحاتها بما فيها الفتحة الخاصة بالسائق ، وكان حينها المدفع جاهزاً للضرب وعند الخروج في اتجاه الطريق المؤدي إلى السوق والذي كان مزدحماً بمجاميع المرتزقة الذين يطلقون النار وبكثافة من أسلحتهم الشخصية، وما أن اقتربت منهم الدبابة وبمجرد مشاهدتهم لها حتى وقفوا وكأن الأرض إبتلعتهم فناديت على أثر ذلك الأخ/ أحمد ماطر والأخ/ علي عوسجة طالباً منهم تجهيز المدفع وضرب أول طلقة والتي حولت مجموعة من المرتزقة إلى قطع وأشلاء تتطاير متناثرة على أبعاد مختلفة، ومن تبقى منهم لاذوا بالفرار في حالة من الذعر وبعد إعداد الضربة الثانية صوبت في اتجاه التجمعات التي كانت تشاهد في وسط المدينة والتي أصابت عدداً كبيراً ، وبمجرد القيام بذلك تزايد الحماس لدى أفراد الحرس الوطني ، الذين هبوا لمطاردة ما تبقى من فلول المرتزقة داخل شوارع المدينة، وبعد خروجنا في اتجاه شرق المدينة شاهدنا رجلاً يركب خيلاً وهو ذلك الذي كان يطلق عليه قائد القوم والذي فر هارباً عندما شاهد الدبابة تتجه صوبه ولاذا بالفرار وتوجه إلى حقل كثيف بالزراعة تاركاً الخيل وراءه ، بعدها توجهنا إلى مبنى الحكومة وإذا بطقم المدرعة الثانية يتجهون إلى الحكومة وكان من بينهم النقيب / عبدالكريم الحودي وبمجرد وقوفنا والتحدث معهم إذ بهم يلوحون بأن مدرعتهم تم الاستيلاء عليها من قبل أفراد المرتزقة وكان عتابنا لهم شديداً على تسليم المدرعة وتمكن المرتزقة منها.
التعرف لأول مرة على الأخ/ مجاهد أبو شوارب
ويمكن القول وبعد أن تأكدنا بأن السبب المباشر فيما حدث كان نتيجة لتغريز المدرعة وعدم تمكنهم من أخراجها إضافة إلى استشهاد قائدها وجرح أخر، وأتضح بأن بقية أفراد الطقم يجهلون التعامل مع المدرعة الأمر الذي اضطروا معه إلى ترك المدرعة شمال المدينة ، وعند سؤالنا لهم عن موقعها بالرغم من أن ذلك الشاب لم يكن مع أفراد الطقم الأساسيين ولكنه يعرف الموقع ، وبالفعل توجهنا ومعنا الشاب الذي كانت تبدو عليه ملامح الحماس وهو ما يزال في ريعان الشباب وكان حاملاً بندقية جرمل ومن النوع الصغير ، وذلك الشاب كان هو الأخ/ مجاهد أبو شوارب الذي لم نكن قد تعرفنا عليه من قبل والذي عرف بنفسه وأثناء تحرك الدبابة في شوارع المدينة وبالقرب من وسط المدينة شاهدنا مجموعة من المرتزقة تحاول الاختفاء بعد مشاهدتها الدبابة وهي تتجه إليهم وعليهم الوقوف وتسليم أنفسهم وأسلحتهم أو مواجهة الموقف عندها أصبح لزاماً مواجهة الموقف إذ قمت بإطلاق عدة طلقات من رشاش شميزر وإذا بأحدهم يصوب البندقية على من يراهم فوق الدبابة وهنا كان الأخ/ مجاهد أسرع منه حيث أصابه برصاصة من بندقية المشار إليها سابقاً ولكن أصابته خفيفة وإذا المصاب يصرخ بقوله "أبن فلان" ذاكراً اسم والده ورد عليه مجاهد أنت شيخ يا ملعون وبادره برصاصة ثانية أصابته إصابة مباشرة. <