شكري عبدالغني الزعيتري
من هبة الله سبحانه وتعالي لدول الخليج العربي وشعبه الغناء الواسع بان جعل لها في باطنها مخزون كبير من الذهب الأسود ( النفط ) والذي كان وما زال له الدور الأول والكبير ويكاد يكون الوحيد في نمو الاقتصاد الخليجي وازدهاره والذي انعكس ايجابيا في اتجاه رقي ورفاهية شعب الخليج العربي إذ أن دول الخليج تمتلك 42% من إجمالي مخزون العالم للنفط وتبيع للعالم ما يقارب حوالي ثمانية عشر مليون برميل نفط كل يوم. وبمبلغ (واحد مليار و080 مليون ) دولار أمريكي بسعر اليوم للبرميل ستون دولار فما بالك عزيزي القاري بسعر الأمس حين وصل سعر البرميل إلي 143 دولار قبل حدوث الأزمة المالية العالمية. فهذا الثراء الواسع لدول الخليج العربي بسبب الغناء في المورد الطبيعي النفط يقابله انخفاض وافتقار للموارد البشرية والذي يؤدي إلي تحقيق الاكتفاء الذاتي للأيدي العاملة التي تلبي متطلبات السوق الداخلي المتنامي ومواكبة النمو الاقتصادي والاستثمارات الداخلية و المتزايد ه إذ أن المملكة العربية السعودية يصل إجمالي عدد سكانها إلي ( 22 مليون و 757 ألف و 092 ) نسمة وقد وصل عدد العمالة الأجنبية فيها حتى عام 2008م إلي ( 7 مليون ) عامل أجنبي إي ما نسبته ( 30 % ) من إجمالي عدد السكان. وفي دولة الإمارات وصل إجمالي عدد سكانها إلى ( 2 مليون و 407 ألف و460 ) نسمة وتقول الإحصائيات أن نسبة (80% ) من التركيبة السكانية التي تعيش في دولة الإمارات هي من العمالة الأجنبية ونسبة (20%) فقط هم أهل البلاد من أبناء الإمارات الأصليين حيث وصل عدد العمالة الأجنبية فيها حتى عام 2008م إلى (مليون و925 ألف 968 ) عامل أجنبي منهم (90% ) من الجنسيات الآسيوية غير لناطقة باللغة العربية وفقط (10% ) من جنسيات عربية ناطقة باللغة العربية. وفي دولة الكويت وصل إجمالي عدد سكانها إلي ( 2 مليون و 041 ألف و961 ) نسمة وقد وصل عدد العمالة الأجنبية فيها حتى عام 2008م إلي ( واحد مليون و 633 ألف 865 ) عامل أجنبي أي ما نسبته ( 80 % ) من إجمالي عدد السكان
وفي دولة البحرين وصل إجمالي عدد سكانها إلي ( 645 ألف و361 ) نسمة وقد وصل عدد العمالة الأجنبية فيها حتى عام 2008م إلى (258 ألف 144 ) عامل أجنبي أي ما نسبته ( 40 % ) من إجمالي عدد السكان. وفي عمان وصل إجمالي عدد سكانها إلي ( 2 مليون و622 ألف و 198) نسمة وقد وصل عدد العمالة الأجنبية فيها حتى عام 2008م إلي (629 ألف 723 ) عامل أجنبي أي ما نسبته (24% ) من إجمالي عدد السكان. وفي دولة قطر وصل إجمالي عدد سكانها إلى ( 769 ألف و152 ) نسمة وقد وصل عدد العمالة الأجنبية فيها حتى عام 2008م إلي (615 ألف 321 ) عامل أجنبي أي ما نسبته (80 % ) من إجمالي عدد السكان. فهذا الانخفاض في عدد السكان الذي أدى إلى الافتقار للأيدي العاملة من أبناء البلد الخليجي العربي مقارنه مع الثروة الهائلة والنمو الاقتصادي الذي بدأ حراكه منذ السبعينات من القرن الماضي أدى إلى وجود فجوة في التوازن بين طموحات الاقتصاد الخليجي وتزايد نموه وازدهاره والذي افرز وجود فوائض من رأس المال الخليجي والضخم مما عمل علي التوسع في الاستثمارات والبنية التحتية الداخلية في بلدان الخليج والتي لم تستوعب كل فوائضها من رأس المال فذهب الكثير من تلك الفوائض نحو دول أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية للاستثمار. ولأجل التقدم بالبلدان الخليجية ومواكبة تطورات العيش والرفاهية وسير عجلة الاقتصاد الداخلي تم بناء وتطوير البنية التحتية الضخمة الموجودة حاليا هذا استدعى الاستعانة بالأيدي العاملة الأجنبية خلال الخمسين السنة الماضية وحتى اليوم إذ وصل حتى عام 2008م إجمالي عدد العمالة الأجنبية في دول الخليج إلى (12 مليون و63 ألف و21 ) عامل أجنبي اغلبهم من الآسيويين وتحديدا من الهند وباكستان والفلبين و سريلانكا واندونيسيا وقلة من جنسيات دول أخري حتى وصل عدد الجنسيات الأجنبية التي تتواجد في دول الخليج وتحت مسمي عمالة إلي (140 ) جنسية أجنبية لبلدان أجنبية. وذلك لافتقارها لأيدي عاملة محلية من أبناء الوطن الخليجي. . وأمام هذه الإحصائيات يمكن القول بأن المخاطر التي تطفو عليها دول الخليج عديدة بسبب عدم التجانس في التركيبة البشرية التي تعيش في أراضيها إذ أنه أصبح عدد العمالة الأجنبية مقارنة بعدد السكان الأصليين تصل إلى قرابة النصف من إجمالي عدد السكان في دول خليجية وبعضها تجاوزت النصف وهذا احد جوانب الضعف الداخلي لدى دول الخليج والتي تمثل تهديدات ومخاطر لها (حاضراً ومستقبلا ) ما لم يتم عمل واتخاذ الحلول وإيجاد التوازن ولصالح جنسيات عربية أخرى مع الجنسيات الأجنبية الغير الناطقة باللغة العربية وفي اعتقادنا أن من هذه التهديدات والمخاطر ما يلي : (1) خطر تهديد الهوية الوطنية لكل دولة خليجية (2) خطر تهديد الاستقرار والأمن الداخلي لكل دولة خليجية (3) خطر الإجبار الدولي لتوطين العمالة الأجنبية في دول الخليج جبرا وقسرا ولمن أقاموا فيها لأكثر من 30 40 سنه إذ أن هذه الفترة للإقامة والعيش لأفراد أجانب يفرض الاستحقاقات لهم بداخل الدولة التي يعيشون فيها والتي تفرضها الاتفاقيات الدولية والتي وقعت عليها غالبية دول العالم ومن ضمنها دول الخليج العربي. إذ انه من وجهة النظر الغربية التي تنطلق من الرؤية في أحقية التوطين أن العمال الذين يقيمون في بلد أجنبي لأكثر من ثلاثون عاما من حقهم الحصول علي حقوق ويصبحوا مواطنين هم وأبنائهم وهذا ما هو معمول به في دول أوروبا. . وإن أجبرت قسراً دول الخليج العربي للعمل بهذه الرؤية الغربية ( حق التوطين ) فانه سيتبعه مستقبلا مخاطر سياسية منها : (أ ) خطر المطالبة في المشاركة السياسية من قبل العمالة الأجنبية. (ب) خطر فرض بان يكون للعمال الأجانب تمثيل في برلمانات ومجالس البلدية وغيرها. (4) أن حدث هذا التوطين مستقبلا من شانه أن يولد خطر سهولة تدويل أي أزمة محلية واستصدار قرارات من مجلس الأمن أو حتى إضفاء الشرعية الدولية علي أي محاولات من قبل تلك العمالة الأجنبية للسيطرة علي مقاليد الأمور في موقع ما في احد دول أو كل الخليج العربي تشكل فيه أغلبية كون المعنيين ينتمون لعدة أوطان (بلدان ) لان بعض أنظمة بلدان العمالة الأجنبية تعطي الحق بامتلاك أكثر من جنسية لرعاياها. (5 ) خطر الثقل الاقتصادي التي أصبحت تمتلكه العمالة الأجنبية في داخل دول الخليج والذي يؤهلها إلي أن تمتلك قوة تأثير في مجريات اقتصادية خليجية إذ وصلت هذه العمالة إلي الفهم والإدراك بأنه لم يعد بالإمكان الاستغناء عنها أو استبدالها بسهوله وهذا سيعمق لديها الشعور بالقوة بان استيطانها الاقتصادي يؤهلها للفوز بمطالب سياسية وإدارية عامة لم تكن مقبولة من قبل. (6) خطر وصول العمالة الأجنبية إلى الوعي السياسي الكافي الذي يؤدي إلي السعي نحو تنظيم جهودها الذي يمكنها ممارسة تضامن احتجاجي ضد الحكومة في أي دوله خليجية وفي حالة يتم تحركات عمالية منظمة للأجانب المتواجدين بدول الخليج سيؤدي إلى استقطاب اهتماما متزايدا من جانب منظمات حقوق الإنسان (دوليا ) وهذا بحد ذاته سيمثل ضغوط قد تمارس علي حكومات دول الخليج وتجعلها عاجزة أمام الأخذ بزمام أي مبادرة لمعالج أي معضلة عمالية داخلية حيث سيكون الحلول ليس بيدها وحدها وستواجه تدخلات خارجية لفرض وإملاء ما تراه من حلول وبالتالي يكون التدخل في شئون داخلية لدول الخليج رغما عن حكوماتها وجبرا (7) وغير ذلك من المخاطر والتهديدات التي تحيط بدول الخليج من جراء التواجد البشري الأجنبي الكبير غير الناطقين باللغة العربية وغير المتجانس مع أبناء الخليج الأصليين.
وأخيرا اخلص إلى القول : أن هناك شعبا آخر ومن جنسيات عديدة أجنبية يعيش في الجوار مع الشعب الأصلي لبلدان الخليج مع انعدام التجانس فيما بين أفراد هذا الشعب الأجنبي وبعضه البعض كونه يمثل خليط من جنسيات ولبلدان عديدة. وأيضا انعدام التجانس بينه كشعب أجنبي مع أبناء البلدان الخليجية الأصليين والذي يهيئ مستقبلا لمناخات خصبة لنشوء وتفجر مشكلات داخلية في دول الخليج إن لم يكن حاضرا فقد يكون مستقبلا وهذا ما يجعلنا نقول بأن دول الخليج العربي تطفو فوق بركان بشري ما لم تسعى جاهدة حكوماتها لإخماد هذا البركان واتخاذ الحلول المناسبة لتبريد حممه. بجذب عمالة تحمل جنسيات عربية ناطقة باللغة العربية ومتقاربة مع شعب الخليج العربي الأصليين في العادات والتقاليد والثقافة والفكر وغيرها من القواسم المشتركة لإيجاد التوازن في التركيبة السكانية ولصالح أبناء البلدان الخليجية الأصليين وكذلك اتخاذ إجراءات تقصير فترة الإقامة والعيش لكل عامل أجنبي علي ارض أي دوله خليجية عربيه وبحيث لا تزيد عن (عشر سنوات ) حتى لا تتوافر المبررات القانونية وتتوافق فترة الإقامة قانونيا مع نصوص القانون الدولي وما تدعو له منظمات حقوق إنسان (دولية ) باستيفاء الفترة القانونية للإقامة والعيش لكل عامل أجنبي والتي تجعله مستحق للتوطين مستقبلا وتتراوح بفترة (30 إلي 40 ) سنه. <
Shukri_alzoatree@yahoo. com