كروان الشرجبي
ليس بالضرورة أن تلفظ أنفاسك وتغمض عينيك ويتوقف قلبك عن النبض ويتوقف جسدك عن الحركة كي يقال عنك أنك فارقت الحياة فبيننا الكثير من الموتى يتحركون، يتحدثون، يأكلون، يشربون، يضحكون ولكنهم موتى يمارسون الحياة بلا حياة.
فمفاهيم الموت لدى الناس قد اختلفت فهناك من يشعر بالموت عندما يفقد أناساً عزيزين ويخيل إليه أن الحياة قد انتهت وأن ذلك العزيز حين رحل أغلق الأبواب للحياة خلفه وأن دوره في الحياة بعده قد انتهى.
وهناك من يشعر بالموت حيث يحاصره الفشل في كل الجهات ويكبله احساسه بالإحباط عن التقدم فيخيل إليه أن صلاحيته في الحياة قد انتهت وأنه لم يعد فوق الأرض ما يستحق البقاء من أجله.
والبعض تتوقف الحياة في عينيه في لحظات الحزن ويظن أن لا نهاية لهذا الحزن وأنه فوق الأرض من هو أتعس منه، فيقسوا على نفسه حين يحكم عليها بالموت وينفذ بها حكم الموت بلا تردد ويعيش بين الآخرين كالميت تماماً فلم يعد المعنى الوحيد للموت هو الرحيل عن هذه الحياة فهناك من يمارس الموت بطرق مختلفة ويعيش كل تفاصيل الموت وهو مازال على قيد الحياة فكثير منا يتمنى الموت لحظة الانكسار ظناً منه أنه الحل الوحيد والنهاية السعيدة لسلسلة العذاب لكن هل سأل أدنا نفسه يوماً ماذا بعد الموت؟.
نعم ماذا بعد الموت؟ حفرة ضيقة وظلمة دامسة وسؤال وعقاب وعذاب إما جنة أو نار.
فمن مات رحل وغاب عنا لكن لن تتوقف الحياة خلفهم فهي مازالت مستمرة والشمس مازالت تشرق والأيام ما زالت تتوالى والزمن لم يتوقف فنحن مازلنا هنا ومازال في الجسد دم وفي القلب نبض وفي العمر بقية فلماذا نعيش بلا حياة ونموت بلا موت؟.. فإذا توقفت الحياة في أعيننا يجب أن لا تتوقف في قلوبنا فالموت الحقيقي هو موت القلوب.<
KARAWAN2001@HOTMAIL.COM