شكري عبدالغني الزعيتري
عند أول الخلق للبشر حين خلق الله سبحانه وتعالى أبونا ادم و بعد أن نفخ فيه من روحة وأحياه علمه الأسماء كلها إذ قال تعالى ((وعلم ادم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين )) (سورة البقرة : 31 ) هذا التعليم الذي كان لأبونا ادم عليه السلام حين أول خلقا للبشرية أراد الله سبحانه وتعالى به وضع اللبنة الأولى لتعليم أبونا ادم وتعليم ذريته ( البشر) من بعده والهدف من هذا التعليم الأول هو حث كل إنسان على السعي للتعلم وتلقي العلم .. ومن هنا كان ما تلقاه أبونا ادم من تعليم ليكون على معرفه بكل ما هو كائن حوله والفائدة منه ولما سخره الله تعالى لخدمة ادم وذريته .. وحين نزل الوحي على الرسول محمد (ص) بنزول الملك جبريل ( عليه السلام ) على الرسول محمد (ص) وهو في غار حراء يتعبد إذ أن أول ما نطق به جبريل( عليه السلام ) أمام الرسول محمد (ص) قائلا له : إقراء ؟ فرد عليه الرسول : ما أنا بقاري . فقال له جبريل( عليه السلام ) مرة ثانية : أقراء ؟ فرد علية الرسول (ص) مرة ثانية : ما أنا بقاري . فقال له جبريل ( عليه السلام ) وللمرة الثالثة : إقراء باسم ربك الذي خلق .. فانطق الله تعالى الرسول (ص) فرد على جبريل ( عليه السلام ) أن أعاد قراءة الآية بعد جبريل قائلا : إقراء باسم ربك الذي خلق .. الخ (سورة القلم الآية 1 ) .. وهنا يتضح بان أول ما أمر به رسولنا الكريم (ص) هو القراء وقد اخذ أول ما أخذه من جبريل هو (التعلم ) من خلال تكرار النطق الآية الكريمة .. وأيضا كان من ضمن مهمات دعوة الرسول محمد (ص) إلي الإسلام وعبادة الله تعالى وتوحيده أن كلفه الله سبحانه بان يكون (معلما للبشرية ) لقوله تعالى : ( هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم وبعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين ) ( سورة الجمعة :2) .. ومن هنا يستفاد من هذا بأنه من خلال التعليم والاهتمام به يتم ارتقاء العقل البشري وانفتاح الفكر الإنساني نحو أفق واسع من الإدراك والمعرفة والذي يأتي بالابتكار والاختراع ولكل ما هو جديد ونافع وذي فائدة من الوسائل والأدوات ولما فيها بالتوجه نحو تقدم البشرية ورقيها ورفاهيتها وتحقيق الأفضل لمعيشتها . فمن خلال التعليم يتم اكتساب المهن والحرف وتبادلها بين البشر وانتقالها بين الأوطان ومن موطن إلى آخر للاستفادة منها وفيما هو خير لمجتمعات كل وطن وكل أمه .. ونخلص إلى ما نريد أن نقوله : بأنه على القوى السياسية وأهل الحكم وكل القوي الحالمة لليمن بالنهوض تقدما وازدهارا للوطن الموحد .. وكذلك لعلاج أزمات اليمن الحالية والمستقبلية من خلال القدرة على ابتكار وإيجاد واتخاذ الحلول الشافية (حاضرا ومستقبلا ) . وتحقيقا لمشروع الوطن التنموي لجميع جوانب حياة اليمنيين (السياسية والاقتصادية والاجتماعية ) إن يدرك الخاصة والعامة أن التنمية لها متطلبات وأسس لا بد من توافرها وان أهم مطلب لها وأساسي هو الإنسان والاهتمام بتعليمه وثقافته وتنمية وعيه وولائه للوحدة اليمنية والوحدة الوطنية فهذا هو السبيل للرقي في كل مجال حياتي لليمنيين واليمن الموحد ولما يحقق الفائدة ويجنب السلبيات سواء في الجانب السياسي والذي من أسس نجاحه ممارسة النهج الديمقراطي السليم وممارسة الديمقراطية البناءة وليس الديمقراطية الفوضوية المخربة ولن يكون هذه النهج الديمقراطي السليم والممارسة الديمقراطية الفعالة في اتجاه البناء والتنمية في اليمن ولشعبه الموحد وبما يكون ذي نفع ويخلو من الخلل الفوضى والهدام الذي يؤتي بالخسارة للإنسان والوطن الموحد وكذلك لن يكون البعد عن الارتجالية أو التخمين في اتخاذ القرارات الخاصة بالعمل والإنتاجية واللذان يكون ثمارهما أضرار تمس عامة الوطن والشعب الموحد لن يكون إلا من خلال التعليم وإيجاد وعي سياسي عام ولما يكون فيه نفع لصالح الوطن الموحد والشعب عامته وليس لمصلحة الفرد أو المجموعة أو الحزب السياسي وعلية على الحكومة سواء الحالية أو المستقبلية وبصرف النظر من أي حزب سياسي تشكلت أن تحرص على هذا التوجه وهو الاهتمام بالتعليم وإيجاد وعي سياسي ( عام ) وتنمية ولاء الفرد اليمني للوحدة اليمنية والحفاظ على الوحدة الوطنية .. وفي المجال الاقتصادي لن يكون هناك نمو وازدهار اقتصادي إلا بوجود الإنتاج الكفى وارتفاع مقدار الإنتاجية لدي الإنسان اليمني وبان يتم نقل الإنسان اليمني من حالة الاستهلاك الذي يفوق إنتاجه إلى حالة الإنتاج الذي يفوق استهلاكه ولن يكون هذا إلا من خلال التعليم والتدريب وتعلم مختلف المهن والحرف وبمهارة عالية التي يكون ثمارها إنتاجية عالية العطاء وأيضا لن يكون هذا إلا في وجود عدالة في التعيينات للأفراد لشغل الوظائف العامة (الإدارية والتنفيذية والفنية وغيرها ) وعلى أساس معايير العلم والعمل والانجاز والنزاهة وبان لا تكون محتكرة لصالح فئة أو أسره أو منطقة أو حزب سياسي أو غيرها من الفئوية التي تبعث اليأس وتجهض أي إبداع وأي ابتكار قد يتولد لدي أفراد من العامة لأنهم يشعرون بان لا جدوى ولا فائدة من ذلك ومن اجتهادهم بسبب وجود التمايز بين الأفراد على أساس معايير بعيده عن العلم والانجاز والمثابرة في العمل والإبداع والابتكار و العطاء . وعلية على الحكومة سواء الحالية أو المستقبلية وبصرف النظر من أي حزب سياسي تشكلت أن تحرص على هذا التوجه (الاهتمام بالتأهيل والتدريب الإنتاجي والمثمر ووفق الحاجة للسوق الداخلي والخارجي المحيط والعالمي وأيضا الحرص على تنمية إيجاد وعي اقتصادي (عام ) .. وفي الجانب الاجتماعي لن يكون تفادي الأضرار وتقليص تفشي الأمراض الاجتماعية (كالسرقة والتقطع والنهب والقتل وغيره من الإضرار بالآخرين ) إلا من خلال التعليم الذي يعمل على غرس القيم والمبادئ والفضائل وحسن التعامل وصدقه لدي العامة وبان تكون هذه القيم والمبادئ ممارسة عملية لدي الخاصة قبل العامة بان يلتزم أولا رجال السلطة والحكم وكل الخاصة من النخب في المجتمع اليمني بغرسها في نفوسهم وممارستها في أقوالهم وأفعالهم فيكونوا قدوة حسنه للعامة وأيضا ليكونوا أقوياء في قدرتهم على فرضها ممارسة لدي العامة من اليمنيين وبما يجعل كل فضائل الأقوال و الأفعال بان تظهر جليا على ارض الواقع المعاش ولدي الجميع (خاصة وعامة ) وتكون هي المرتكز في كل تعاملات العامة والخاصة مع بعضهم البعض ومع غيرهم من غير اليمنيين . وعلية على الحكومة سواء الحالية أو المستقبلية وبصرف النظر من أي حزب سياسي تشكلت أن تحرص على هذا التوجه الاهتمام ومن خلال التعليم بغرس القيم والمبادئ والفضائل وحسن التعامل الغير وصدقه وأيضا تعمل علي تنمية الوعي الاجتماعي ( العام )... وفي المجال الثقافي لن يكون ادارك الإنسان اليمني بصحة الأقوال والأفعال وصوابها وقدرة الأفراد من العامة على التفريق بين ما هو صالح وما هو طالح وما يجب أن يأخذ به ويمارس عمليا وبالتالي يجنب الأفراد من العامة الخلط والتفسير الخاطئ والمسبق والذي ينتج الغل والحقد والشك كلا بالآخر وتجاه كل حدث أو قضية عامة ويؤدي إلى افتقار المقدرة علي التفريق بين ما هو (أسود وابيض ) وبين ما هو (صائب وخاطئ ) و وبين ما هو ( ناضج وقاصر ) . وأيضا لن يكون ارتكاز الجميع علي الحوار البناء والهادي والهادف غير المتعصب والمتشنج إلا من خلال الاهتمام بالتعليم الذي يسهم في اتجاه إيجاد وعي ثقافي لدي العامة وبما يجعل الفرد اليمني يستوعب كلا الآخر وحاجته من خلال الفهم كلا للآخر ويقدرها للتعاطي معها وعدم التشدد تجاهها فمن خلال وجود وعي ثقافي مرتفع والذي يكون مداخلة الأساسية التحصيل العلمي المرتفع والمفيد ولما يؤدي إلى إيصال الأفراد (العامة ) ليكونوا علي مستوي وعي ثقافي (سياسي واقتصادي واجتماعي وغيره ) وعام مجتمعي والذي من شانه أن يتيح لإيجاد التقارب لوجهات النظر وبالتالي ينبذ التعصب والتشدد وإثارة الفتن والاقتتال فيما (بين البين) لدي أصحاب الاختلاف أيا كان نوعه ومداه والذي كثيرا ما يوجد مناخ لصراعات وتناحر بين اليمنيين ويسببه التقوقع في محيط صغائر الأمور (كالمذهبية أو المناطقية أو الحزبية أو العادات والتقاليد المجتمعية التي تختلف من مكان لآخر) ويشكل منها نقدا جارحا كلا للآخر فيتيح هذا إيجاد الصراعات وينتج عنها الفرقة ويشتت الجمع ويعمق الكراهية والضغينة ويراكم الأحقاد والاحتقانات لها والتي تنفجر بكوارث مجتمعية .. وأيضا الاهتمام بالإنسان اليمني وتعليمه يوفر لدي الأفراد القدرة علي استشفاف علوم الآخرين التي تتطور وتظهر في البلدان الأخرى( المتقدمة) وبالتالي الاجتهاد علي نقلها للتطبيق بعد التكييف لكل ما هو صالح لمجتمعنا اليمني والاستفادة منها . وعلية ندعو كل حكومة (حاضرا ومستقبلا ) أيا كان فكرها وحزبها السياسي وإيديولوجيته أن تسعي نحو بناء الإنسان اليمني (علما ووعيا وولاء ) وان تسخر لذلك الموازنات المالية الكافية والتي تفي لتحقيق هذا التوجه وسنويا وبما يفوق موازنات مالية تعتمد لمجالات أخري وان كان علي حسابها لأننا نري كل جوانب تنمية حياتية أخري هي اقل أهمية من التعليم للإنسان اليمني والاهتمام به وبناء وعيه وولائه للوطن الموحد . وأخيرا نقول : بان هذا هو التوجه الذي يجب أن تحرص علية كل حكومة (حاضرا ومستقبلا ) إن كان يراد لليمن تقدما وازدهار ورخاء . وديمقراطية حكم فعاله وتسير في اتجاه البناء والتنمية وليس الفوضى و الهدم والتخريب.<
Shukri_alzoatree@yahoo.com