محمد أبو علان
إن كانت مواجهات الرابع عشر من حزيران 2007 بين حركتي "فتح" و"حماس" والتي كانت نتيجتها انقسام بقايا الوطن الفلسطيني قد شكلت النكبة الثانية للشعب الفلسطيني بعد نكبته الأولى في العام 1948، فإن خطاب "نتنياهو" في الذكرى الثانية لنكبتنا الثانية شكل نكبة جديدة لكل من راهن على خيار السلام مع دولة الاحتلال الإسرائيلي. نكبة لمن جعلوا من السلام مع الاحتلال الإسرائيلي استراتيجيتهم الوحيدة، وعليهم مراجعة حساباتهم بعد هذا الخطاب، ولمن يصدحون صباح مساء على ضرورة الالتزام بالاتفاقيات الموقعة أن يفهموا خطاب "نتنياهو" جيداً.
على من جعلوا من حياتنا مفاوضات أن يقولوا لنا اليوم قبل غدٍ ما هي استراتيجيتهم القادمة بعد أن تحدث إليهم "نتنياهو" بلغة واضحة وقاطعة، أن لا دولة فلسطينية في حدود 1967، ولا لحق العودة للاجئين، والقدس عاصمة موحدة للدولة اليهودية، ولا وقف للاستيطان، لا بل أكثر من ذلك، فالدولة الفلسطينية موضوع الحديث الإسرائيلي عبارة عن دولة منزوعة السلاح وبدون سيادة أو معابر، وقيامها مشروط بالاعتراف بيهودية دولة الاحتلال وهذا أضعف الإيمان حسب مفهوم ومخططات "نتنياهو".
على كل من حملوا المقاومة الوطنية الفلسطينية مسؤولية استجلاب العدوان الصهيوني على قطاع غزة أن يعتذروا من أرواح الشهداء وآلام الجرحى ودموع الثكالى، فما تحدث به "نتنياهو" هو ما مارسته "تسيبي لفني" على الأرض، ومن قبلها "إيهود أولمرت" و"إيهود براك".
لنرى ماذا ستفعل الولايات المتحدة الأمريكية ورئيسها الجديد "باراك أوباما" أمام هذا الخطاب الحربي لرئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، الرئيس الأمريكي الذي حاول الكثيرون بيعنا أوهام استراتيجيته الجديدة، وأن أوباما ليس جورج بوش، ولنرى مواقف كل من صفقوا "لأوباما" يوم الرابع من حزيران في جامعة القاهرة مبشرين بموسم السلام.
أين هي اللجنة الرباعية التي تشترط على الشعب الفلسطيني سلسلة من الشروط لكي يرفع الحصار عن قطاع غزة؟ ماذا بمقدورها العمل اليوم في ظل موقف رئيس الحكومة الإسرائيلية الذي قلب الطاولة على الجميع؟.
طبعاً النتيجة واحدة وواضحة فالشعب الفلسطيني هو المطلوب منه القبول والاعتراف بكل شيء، وليس من حقه رفض أي شيء، فلا يكفي أن مفاوضينا كانت انطلاقتهم من 22 بالمئة من مساحة فلسطين التاريخية كحد أقصى في عملية مفاوضات مع الاحتلال عمرها عقد ونصف من الزمان دون نتيجة، والاحتلال مستمر في مشاريعه الاستيطانية، ومشاريع القتل والتهجير وكأن لا وجود لاتفاقيات موقعه مع مفاوضينا.
هل سيكون في مقدور ذوي القرار والمسؤولية في القيادة الفلسطينية في شقي الوطن الوقوف وقفة صادقة مع أنفسهم، ومع أبناء شعبهم ليعترفوا بفشل رهانهم على السلام مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، والذي كان أحد أسبابه إلى جانب عدم وجود شريك إسرائيلي اعتمادهم على خيار واحد ووحيد ألا وهو المفاوضات، وتغييبهم لبقية الخيارات، كما عليهم مراجعة جدوى تنازعهم على سلطة لا وجود لها، سلطة ما بيدها من سلطة ونفوذ أقل بكثير من سلطة تملكها مجندة إسرائيلية على حاجز حواره.