نواصل في حلقتنا هذه مشاهد أول معركة للمصريين في اليمن ووقعت في مدينة حرض حيث إستطاع العدو وقواته التصدي ومواجهة الثوار الذين ردوا على إطلاق النيران التي أحدثت إصابات في صفوف القوات وما نتج عنها من خسائر وشهداء وجرحى ، وتأتي المفاجأة عندما طلب أحد القادة المصرين بقوله وهو يوجه حديثه نحوي بينما الأسلحة مصوبة نحو المبنى الواقع في رأس الوادي والذي سبق الإشارة إليه ، هل بالإمكان تحرك الدبابة لاستطلاع قوات العدو؟. . عندها أجبت عليه : نعم.
عثمان أبو ماهر. . . ومشاركة الحرس الوطني
والحقيقة عندما بدأت النيران من قوات اللواء كنا لا نسمع شيئاً وكان الوادي يلتهب بالنار ، كما كان جنود اللواء يطلقون نيرانهم من البنادق الآلية والرشاشات المتوسط والثقيل والمدافع بي عشرة " 10 B " وغيرها من أسلحة المشاة ومن فوق العربات والمدرعات وكان الحدث بالنسبة لنا جديداً نشاهده بهذه الكثافة النيرانية والتي لم يسبق لها مثيل، إذ كان البعض منهم يستمر دون انقطاع في توجيه النيران على الحقول الزراعية ، وأحياناً حقول معينة منها وما نتج عن ذلك من حصاد لتلك المحاصيل بواسطة النيران، أما نحن أفراد طقم الدبابة توجهنا نحو المبنى وهو خاص بالشيخ/ يحيى زكري كما تعرفنا عليه فيما بعد. .
وكان العدول يطلق علينا النيران من كل الإتجاهات وإذ بنا نشاهد مجموعة صغيرة بجوار المبنى أثناء مرورنا بالقرب منه والذين كانوا يصوبون أسلحتهم على الدبابة وبالطبع نحن قافلين جميع فتحاتها، وفي هذه اللحظة إنفجرت قنبلة يدوية على تلك الجماعة واستغربنا للانفجار الذي حدث لم يتم قذفه من لدينا والذي أحدث قتلى وجرحى في صفوف الأعداء وبما يلفت النظر والانتباه بعد أن أوقفت الدبابة طالباً من الزملاء فتح فتحات الدبابة والتعرف على ذلك الشخص النائم على السطح فقالوا هذا من أفراد الحرس الوطني ، والذي تعفنا عليه وإذا به عثمان أبو ماهر وطلبنا منه معرفة متى تسلق الدبابة الذي أفاد بأنه تسلقها حال تحركنا من حرض طلباً لتحقيق رغبته في الإنضمام إلى جوار أفراد طقم الدبابة وأن يكون له نصيب في ضرب أعداء الثورة والجمهورية ، وكان عثمان أبو ماهر شاباً مثقفاً ومتحمساً للثورة والدفاع عنها.
وكان قد وصل مع جماعة من أفراد الحرس الوطني المتطوعين للدفاع عن الثورة والجمهورية وأتذكر في حينه وأنه بعد أن ألقى الأخ/ عثمان القنبلة والتي أحدثت إصابات بين قتيل وجريح في صفوف أعداء الثورة أما من تبقى منهم فقد سارع بالإنسحاب نحو الشرق أما نحن فقد عدنا بالدبابة لنلتقي بقائد اللواء والذي بادر بتوجيه الأسئلة إلينا ومنها معرفة ما إذا كانت هنالك مقاومة واجهناها عندها كانت الدبابة عليها بعض أثار الرصاص وخزانات الوقود الاحتياطية قد ضربت وبالطبع شاهدنا تلك الأضرار التي لحقت بالدبابة وبعد خروجي من الدبابة تحركت أنا والقائد إلى أطراف الحقل الزراعي الذي وجدنا عنده قتيلين من أعداء الثورة وطلب القائد معرفة من أين هؤلاء ، وفي الغالب أنهم ينتمون إلى بني مروان التي نحن فيها وبعد أن طلب مني معرفة أين تقع القبيلة لم أتعرف على أهداف ذلك القائد بالضبط في حينه وإذا به يردد بقوله نحن وصلنا للدفاع عن الثورة والجمهورية من السعوديين والأردنيين ولم تصدر إلينا توجيهات لمحاربة اليمنيين.
عودة اللواء الخامس إلى عبس
في تلك الآونة صدرت توجيهات برحيل اللواء الخامس من القوات العربية من حرض إلى عبس وبالرغم من ذلك كان قائد اللواء يريد معرفة الطرق المؤدية إلى المناطق التي تسيطر عليها السعودية واتضح بعد ذلك بأن قائد اللواء أعطى أوامره بزرع ألغام في المداخل المؤدية إلى جيزان بدون أن يشعرنا بذلك، ورافق ذلك توجيهات إلى بدء رحيل اللواء إلى متصف الطريق بين حرض وعبس، وعندها شعرنا بنوع من الخوف والهزيمة وتوقعات كثيرة خاصة بعد تلك المعركة التي استمرت أكثر من أربع ساعات، انسحب على أثرها أعداء الثورة وما رافق ذلك من خسائر بين أفراد اللواء الخامس وسقوط أعداد من القتلى والجرحى بين صفوفه وتعطيل أعداء من الآليات والمعدات القتالية التابعة له.
وبالرغم من هزيمة الأعداء إلا أن سماعهم بإنسحاب القوات المصرية عندها اعتبروا أنهم حققوا نصراً وارتفعت معنوياتهم ولذا عاود الأعداء هجومهم بعد مرور ليلة خالية من الهجمات والتحرشات وفي اليوم الثاني على المعركة السابقة وفي الساعة العاشرة صباحاً سمعنا أصوات مصدرها سطح مبنى حكومة حرض تنادي بأن هناك قوم وهجوم على المدينة من الشرق وما كان منا إلا الصعود على السطح ويمكن القول أنه في ظل تدني الوعي بين أبناء تلك المناطق وإجادة عناصر الإمام استخدام أساليب التغرير وفي مقدمتها الدين فالاحتمال الأكبر هو أن تكون تلك المجاميع من العناصر الموالية للإمامة.
وبعد مرور دقائق نادى البعض طالبين الانتباه وأن القادمين أعداء وما هي إلا دقائق قليلة وإذا بهم يرفعون أسلحتهم إلى الإمام وأصوات الطلقات تتلاحق ، يرافقها أصوات تنادي بالقول: فوقهم فوقهم فوق أعداء الله، طالبين تسليم السلاح والاستسلام، وهكذا كانوا يرددون بعض الكلمات التي تدل على ما تركته تلك الأساليب المظللة والمخادعة وبالتالي أصبح علينا مواجهة الموقف الصعب والذي دل من صعوبته رحيل القوات المصرية في اتجاه عبس. .
وهنا تحركت إلى جوار الدبابة التي تتمركز بجوار الحكومة مع من كان داخل سور الحكومة وقمنا بإطلاق النار بالمدفعية كما عملنا في أول هجوم على حرض والذي سبق توضيحه ،وفي هذه المرة كان الأخوة المكلفون والمدربون على القيام بالضرب بالمدفع قد اكتسبوا المزيد من الخبرة في تصويب الهدف وهم الأخوان / أحمد ماطر وعلي عوسجة اللذين كانا ينتسبان إلى فوج البدر ، والذي يصفونه بالشجاعة والإيمان بالثورة والجمهورية والهدف الذي يقاتل جميعاً من أجله وإذا بتلك القذائف تحدث خسائر كبيرة في صفوف أولئك الذين حاولوا اقتحام المدينة على أمل تحقيق أهدافهم بعد أن تأكدوا من رحيل القوات العربية.