بقلم / أبو زيد بن عبد القوي
حتى نعرف حقيقة المذهب الزيدي سأكتفي بنقل قول علامة اليمن في هذا العصر القاضي محمد بن إسماعيل العمراني - حفظه الله تعالى - نقلاً عن موقعه على شبكة المعلومات ( الإنترنت ) لأهميته يقول العلامة العمراني : ( لقد جهل كثير من المسلمين عقيدة إخوانهم "الزيدية" الذين يقطنون الشمال الشرقي من بلاد اليمن جهلا عظيماً ، كان من نتائجه السيئة أن رموهم بالابتداع في الدين ، و الشذوذ في الرأي و المخالفة في المأخذ للأحكام الشرعية ، وأنهم تركوا دراسة كتب الحديث الشريف المشهورة ، ورغبوا عن الاحتجاج و العمل بما فيها مستبدلين بها غيرها من الكتب المجهولة التي لا يعرفها علماء الحديث ولا يعترفون بها. هكذا رموا من بعض إخوانهم جهلا ، كما رموا من بعض آخرين بالجمود و التعصب المذهبي ، و البغض للسلف الصالح من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. . .
والحق أن الزيدية لم يشذوا في آرائهم عن آراء إخوانهم المسلمين كما أنهم لم يشذوا في طريق الأخذ والاحتجاج ، بل هم أقرب المذاهب إلى مذهب أهل السنة و الجماعة ، لاسيما مذهب الأمام أبي حنيفة رضوان الله عليه. و البرهان الصحيح على هذا هو" مجموع الإمام زيد بن علي" نفسه ، فإن من اطلع عليه منفردا أو مع مراجعة شرحه ( الروض النضير ) ، عرف حق المعرفة صدق ما قلته من أنهم لا يخرجون في الغالب عن مذاهب الأئمة الأربعة عموماً، وعن مذهب الحنفية خصوصاً ، كما اعترف بذلك بعض محققيهم ممن اطلع على" المجموع" و"شرحه". وهكذا القول في فروعه كالمذهب الهادوي و القاسمي و الناصري و الهاروني وغيرها من المذاهب الفقهية التي تفرعت من مذهب الأمام الأعظم زيد بن علي عليه السلام فإنها مهما اختلفت عن أصلها في بعض المسائل الفقهية اليسيرة أو خالف بعضها بعضا في شيء من ذلك، نراها تتفق كثيراً مع أصلها في عدة مسائل كثيرة كبرى وتوافق غيرها من المذاهب الإسلامية الأخرى كما وافقها أصلها ، لأنها فرق متفرعة عنه ومتولدة منه ولا تخرج عنه إلا نادرا ، لاسيما المذهب الهادوي ، الذي أسسه إمام اليمن، الإمام الهادي يحي بن الحسين رضوان الله عليه ، و تمذهب به زيدية اليمن، وظل المذهب الرسمي للحكومة اليمنية أكثر من ألف عام. وهو أيضاً كأصله في الموافقة غالباً لما عليه المذاهب الإسلامية الأخرى ، وعلى الخصوص مذهب الحنفية الذي يتمذهب به كثير من المسلمين. وتمذهب به كثير من دول الإسلام وحكوماته قديما وحديثا، وظل المذهب الرسمي للحكومة المصرية حتى الآن. وكتب الهادوية شاهدة على ما قلته من الموافقة ، حتى كان بعض أئمة الهادوية يرى الأخذ من أقوال أبي حنيفة - إذا لم يجد للهادي نصاً في أية مسألة فقهية- مذهبا للإمام الهادي وهذا أكبر دليل على أن المذهب الحنفي و المذهب الهادوي أخوان. بل يمكن أن أصرح للقارئ بأن المذهب الحنفي أقرب إلى المذهب الهادوي أو الزيدي منه إلى المذهب الحنبلي، نعم ربما تفردوا بأقوال لا يوافقهم عليها أحد من أئمة المسلمين، ولكن في مسائل جزئية محصورة تعد بالأصبع لا تخرجهم إلى البدعة ولا توجب نبذهم بالشذوذ أو الابتداع. وكم من عالم شذ في بعض أقواله العلمية، وآرائه الفقهية، واغتفروا له ذلك الشذوذ، ولم يخرجوه من دائرة السنة إلى البدعة ولم ينبذوه بالشذوذ و الابتداع، ومؤلفات الإمام ابن حزم كالمحلى وغيره أكبر شاهد على أن تفرد أي عالم برأي يخالف أئمة المذاهب المتبوعة لا يخرجه إلى البدعة. وهم أيضاً أبريا مما اتهمهم البعض به من عدم دراستهم لكتب الحديث الشريف، وعدم العمل و الاحتجاج بما فيها، كيف لا وهذه كتبهم أكبر برهان على رد هذه التهمة التي ليس لها مستند سوى توهم أن تفردهم برواية كتب حديثيه، - رويت لهم من طريق أهل البيت- مما يدل على جهلهم بكتب الحديث المشهورة المتداولة لدى جماهير المسلمين. والواقع أنهم جمعوا بين الدراسة لكتب أهل البيت النبوي كالمجموع الفقهي و التجريد و الأماليات، وبين الدراسة لكتب المحدثين كالأمهات الست، وما يتبعها من المسانيد و المجاميع و المعاجم. وأعظم البراهين على قراءاتهم لها وعلمهم بأدلتها، نقلهم عنها، و احتجاجهم بها في مؤلفاتهم الفقهية لاسيما مؤلفات متأخريهم كالإمام القاسم بن محمد في (الاعتصام) والسيد أحمد بن يوسف زبارة في ( أنوار التمام ) و السيد حسن الجلال في ( ضوء النهار ) و القاضي حسين السياغي في ( الروض النضير ) ، وهكذا غيرهم. كمن اعتنى بالتخريج لكتبهم من كتب المحدثين. كالضمدي في أحاديث" الشفاء "وابن بهران في تخريجه أحاديث" البحر الزخار" وأحمد بن يوسف في تخريجة للمجموع الفقهي الكبير الذي جمعه أبو خالد الواسطي مما رواه عن زيد بن علي. ويؤيد برهاننا هذا ما نراه في تراجم علمائهم عموما و المتأخرين منهم خصوصاً، من أخذهم عن مشايخ مذهبهم كتب أهل البيت أولا وكتب أهل الحديث ثانياً، بل ربما أخذوا في كتب الحديث عن غير مشايخ مذاهبهم من شافعية و أحناف. وحسب القارئ أن يطلع على ما قد طبع من تراجم علمائهم (كالبدر الطالع)و (الملحق التابع) و(نيل الوطر)و (نشر العرف). و(أئمة اليمن) إلى الآن مثل (نفحات العنبر) و (درر نحور الحور العين) وغيرها. وهكذا مما يؤيد ما ذكرته ما يراه القارئ في مؤلفات متأخريهم التي جمعوها في الأسانيد والإجازات و الإثبات، ويكفيه ما قد طبع منها في الهند ومصر ك ( إتحاف الأكابر ) ( والدر الفريد ) ، وكلها مؤيدة لما ذكرته من غزارة معين علومهم الدينية، وسعة دائرة معارفهم الفقهية حيث جمعوا بين علوم أهل الأثر و الحديث، أخذا وتدريساً وعملاً واحتجاجاً، وهذا إن دل على شيء فهو براءتهم مما اتهموا به من قصورهم في معرفة كتب المحدثين ورغبتهم عن العمل بما فيها، كما يدل في نفس الوقت على نهمهم العلمي وتحررهم الفكري تحررا مقرونا بالتسامح و الإنصاف، ولو عرف الذين يتهمونهم بهذه التهمة حقيقة أمرهم لجعلوا تفردهم برواية هذه الكتب حسنة من حسناتهم لا سيئة من سيئاتهم. على أنه قد يوجد منهم من لا يأخذ ولا يدرس كتب الحديث الشريف ، ولا يري العمل بما فيها، ولكنه قليل نادر يتضاءل أمام الكثير الغالب تضاؤلا يمنع من الحكم على جميعهم بذلك. وهم لا يتعصبون على غيرهم ممن يخالفهم في الفقه الإسلامي من إخوانهم المسلمين ممن يتعبد بأي مذهب إسلامي إذا كان الخلاف في المسائل الفقهية التي لا يخل الخلاف فيها بجوهر الدين أي إخلال. وكتبهم الأصولية و الفروعية دالة أكبر دلالة على إحسانهم الظن بكل من يخالفهم خلافا لا يمس الدين، ولا يخل بأصل من أصول الإسلام الكبرى. ومادام المخالف لهم لم يخالفهم في أي مسألة من المسائل الكبرى التي يعد المخالف لهم فيها مخالفا لما هو معلوم من الدين بالضرورة عند علماء الإسلام. وهاك بعضاً من قواعدهم الأصولية والفروعية المنصوص عليها في أكبر مؤلفاتهم وأشهرها مثل قولهم:
أ- "الاجتهاد جائز لمن قد حقق علوم الاجتهاد الخمسة المذكورة في علم الأصول"
ب- "لكل مجتهد نصيب". . ج-" إذا اختلف مذهب إمام الصلاة ومذهب المؤتم به فالإمام حاكم". .
د- " لا إنكار في حكم مختلف فيه". . . ه- "لا يكون التكفير و التفسيق إلا بدليل قاطع". .
و- "حكم الحاكم بين الخصمين يقطع النزاع، مهما كان مذهب الحاكم، وكيفما كان مذهب الخصمين". .
ز- "الجاهل الصرف الذي لا يعرف عن المذهب شيئا مذهبه مذهب من وافق". .
ح- "كل مسألة خلافية خرج وقتها فلا يجب على المكلف قضاؤها، و لو أداها مخالفة لمذهبه، مهما كان الخلاف قد وقع فيها لمصادفة فعلة قول قائل من علماء المسلمين".
وغير ذلك من القواعد الكلية الكبرى الدالة على ما ذكرته آنفا من أنهم على قدر كبير من التسامح المذهبي. على أنه يوجد في بعضهم شيء من التعصب المذهبي ولكنه في الغالب يكون في العامة الذين لا يعرفون عن أصل مذهبهم شيئاً. وربما وجد في بعض الخاصة ولكنه وجود نادر قد تكون الأسباب فيه خارجية لا علاقة لها بأصل المذهب، كما يوجد مثل ذلك في جميع المذاهب الإسلامية من بعض الأفراد الذين قل أن يخلو عنهم مذهب من المذاهب كما نطقت بذلك كتب التاريخ. وهم أيضاً لا يجمدون على ما نصه إمام مذهبهم، بل طريقتهم أنهم إذا رأوا في أية مسألة أن قول غير إمامهم أرجح دليلاً منه، أخذوا بقوله غير مستنكفين ولا آنفين من الميل عن إمامهم إلى إمام آخر من أئمة المسلمين ، مادام هذا الإمام قد تمسك بدليل أرجح من دليل إمامهم. بل إن البعض منهم يستنبط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية، ويتخذ هذه الأحكام المستنبطة مذهبا له غير عالم بمن قد سبقه إلى هذا الرأي وذلك كله نتيجة لفتحهم باب الاجتهاد المطلق الذي كان قد أوصده الجمهور على أنفسهم بلا دليل. . . ولذلك نرى كثيراً منهم يذهبون إلى آراء قد توافق إمام مذهبهم، وقد لا توافق، وقد يكون فيها مرجحا لمذهب عالم سني، وقد رآه ابتداء وذلك كالإمام يحيى بن حمزة مؤلف ( الانتصار ) وغيره و الإمام عبد الله بن حمزة مؤلف (الشافي) وغيره و الإمام المهدي أحمد بن يحيى مؤلف (البحر الزخار ) وغيره. بل جاء بعدهم من فتحوا باب الاجتهاد المطلق على مصراعيه غير هيابين ولا خائفين ولا وجلين. ودخلوا منه غير هيابين ولا مبالين بمخالفة أي عالم مهما كان علمه ماداموا قد تمسكوا بالكتاب و السنة، فتركوا المذاهب الفقهية و الأصولية و الكلامية أجمع ورجعوا إلى أصول الدين الإسلامي وأدلته الشرعية الصحيحة، وأعلنوا اجتهادهم المطلق أصولا وفروعاً وكلاماً وتفسيراً وحديثاً وفقها في عصور عز الاجتهاد في واحد منها، أولئك أمثال السيد محمد بن إبراهيم الوزير مؤلف (العواصم و القواصم) و (إيثار الحق على الخلق) و (الروض الباسم) و (ترجيح أساليب القرآن على أساليب اليونان) و (البرهان القاطع) و(تنقيح الأنظار) ، وغيرها من المؤلفات القيمة. و الشيخ صالح المقبلي مؤلف (العلم الشامخ في إيثار الحق على الآباء و المشايخ) و (الأرواح النوافح) و (المنار على البحر الزخار) و (الإتحاف لطلبة الكشاف) وغير ذلك. و السيد حسن الجلال مؤلف (نظام الفصول)، (وضوء النهار المشرق على حدائق الأزهار) (والعصمة عن الضلال) وغيرها. و السيد محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني مؤلف (سبل السلام) و (منحة الغفار) و ( العدة) و (التحبير) و (الروضة) وغيرها. والقاضى محمد الشوكاني صاحب المؤلفات القيمة التي لو لم يكن منها إلا ما قد طبع لكفته فخراً، فكيف و الكثير منها لم يطبع، فمن مؤلفاته المطبوعة : (نيل الأوطار ) و( الدرارى المضية ) و ( تحفة الذاكرين) و ( القول المفيد ) و ( فتح القدير ) و النصف الثاني من ( السيل الجرار) و( الفوائد المجموعة ) و (إرشاد الفحول) وغيرها. فلله دره من مذهب أنجب أمثال هؤلاء العلماء في عصور ساد فيها التقليد و الجمود على الاجتهاد الشرعي وعلى التحرر الفكري، وسد فيها باب الاجتهاد المطلق على الكثير من العلماء ممن هو قادر على الاستنباط وممن قد حاز علوم الاجتهاد. ومهما يكن من الأمر فإن زيدية اليمن ليسوا كما يتوهم الكثير ممن يجهل حالهم وفقههم، بل هم إن قلدوا فإنما يقلدون أئمة مذهبهم الذي لا يخرجهم عن مذاهب إخوانهم أهل السنة، لاسيما الأحناف. وإن اجتهدوا وتحرروا، فاجتهادهم مثل اجتهاد الوزير المقبلي و الأمير و الجلال و الشوكاني ، هؤلاء العلماء الذين لا يعرف أحد قدرهم إلا بعد أن يحيط علما بجميع مؤلفاتهم القيمة أي الزيدية. وهم كغيرهم من أهل المذاهب الإسلامية الأخرى في التولي للخلفاء الراشدين، و التعظيم لهم بصفتهم وزراء النبي صلي الله عليه وسلم وأعظم مناصريه، ومن انتقصهم منهم فهو إما من العوام الجهال، أو من الخاصة المتعصبين الذين لهم أقل من القليل. و الدليل الصحيح على هذا هو ما نراه في كتبهم الكثيرة التي ألفها أكبر علمائهم، من النقل عن جماهير أئمتهم وعلى رأسهم إمام مذهبهم الأكبر الإمام زيد بن علي رضوان الله عليه ، من وجوب التولي والحب والتعظيم لجميع الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم. وحسب القارئ أن يتصفح منها ما قد طبع بمصر من المؤلفات القيمة التي تبين صدق ما قلته من براءتهم من كل ما اتهموا به من رفض و ابتداع ، أذكر منها على سبيل المثال ( الرسالة الوازعة للمعتدين ) المطبوعة بالقاهرة، ومجموعة ضمن الرسائل اليمنية للإمام يحيى بن حمزة اليمني الزيدي وكتاب (إرشاد الغبي إلى مذهب الآل في صحب النبي ) لشيخ الإسلام الشوكاني وهو أحد مؤلفات الشوكاني الكثيرة التي لا تزال في عالم المخطوطات. وحاصل هذا المقال ، هو أن من تجرد من أثواب التعصب المذهبي ونظر في مؤلفات زيدية اليمن عموما، وفيما قد طبع منها خصوصا لا يخرج إلا مؤمنا أعظم إيمان بأن إخوانه ( الشيعة الزيدية ) ليسوا كما أشيع عنهم جهلا من الشذوذ و الابتداع في الرأي و العقيدة و الرواية و المأخذ ، كما أنهم أيضاً بريئون من الجمود و التعصب المذهبي الذي طالما رموا به ، بل إنهم كغيرهم من إخوانهم المسلمين رواية وأخذا للشريعة الإسلامية، من دواوينها المشهورة التي دونها أئمة الحديث وحفاظه المشهورون، كما أنهم أيضاً كغيرهم من المسلمين إنصافاً وتسامحاً وحرية وحباً للسلف الصالح من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وتوليا لخلفائه الراشدين. وفي الوقت نفسه يؤمن أكمل إيمان بأنهم من أبعد المسلمين عن البدعة وأقربهم إلى السنة ، وأن المذهب الزيدي والمذهب الحنفي أخوان، ومهما تخالفا فلن يخرج المذهب الزيدي عن أي مذهب من المذاهب الإسلامية الأخرى وهكذا ما تفرع عنه من فرق ومذاهب ، حكمها حكمه، خصوصا المذهب الهادوي منها. وقد يشذ هذا الأخير وينفرد بأقوال لا يوافقه عليها غيره مطلقا ، ولكنه انفراد يسير في مسائل فروعية جزئية محصورة. وهكذا صار واضحاً أن ما أشيع عنهم من عدم توليهم لبعض الخلفاء الراشدين هم منه براء، ومهما وجد بعض من ذلك فلن يتجاوز عددا مخصوصا من متطرفي فقهائهم، يتضاءل أمام الجم الغفير من علمائهم الذين ترى أقوالهم العلمية مسجلة على صفحات الكتب بروح عظيمة من التسامح و الإنصاف و التحرر الفكري. ) www. aliman. org/omrane/zeade. htm ) )
المتعة عند الزيدية
شتان ما بين المذهب الزيدي والمذهب الاثنى عشري !! وشتان بين من يعتمد على قال الله تعالى وقال الرسول صلى الله عليه وسلم وبين من يعتمد على الخرافات والأساطير والأكاذيب !! وشتان ما بين السماء والأرض !! فإذا كانت الاثنى عشرية قد أباحت المتعة ( الدعارة المقنعة ) فقد آن الأوان لنعرف حكم هذه المتعة المشينة عند الزيدية وسنكتفي بالنقل من أهم كتب الزيدية الفقهية وهو " الروض النظير شرح مجموع الفقه الكبير" للقاضي العلامة شرف الدين الحسين بن أحمد السياغي ( ت 1221ه ) رحمه الله تعالى فإلى التفاصيل :
حكم المتعة
جاء في "الروض النظير شرح مجموع الفقه الكبير" 4/213 : ( حدثني زيد بن علي ، عن أبيه ، عن جده عن علي عليهم السلام قال : ( نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن نكاح المتعة عام خيبر ). أخرج البخاري ومسلم ، والمؤيد بالله في " شرح التجريد " وغيرهم من طريق مالك عن ابن شهاب ، عن عبد الله والحسن ابني محمد بن علي ، عن أبيهما عن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( نهى عن متعة النساء يوم خيبر ، وعن لحوم الحمر الانسية ) وقال المؤيد بالله : أخبرنا أبو العباس الحسني ، قال : نا عبد العزيز بن إسحاق ، قال : نا أحمد بن منصور الحري ، نا محمد بن الأزهر الطائي ، نا إبراهيم بن يحي المزني ، عن عبد الله بن الحسن ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي عليهم السلام قال : حرم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المتعة من النساء يوم خيبر ، وقال : لا أجد أحداً يعمل بها إلا جلدته ولعل قوله : ( لا أجد أحداً ) من قول علي عليه السلام ) وحكم الخليفة علي رضي الله عنه بالجلد على من تمتع يثبت أن الزنا والمتعة صنوان لا فرق بينهما على الإطلاق والفعل القبيح لا يجمله الاسم الحسن وتغيير اسم الزنا إلى متعة لا يجعل المتعة حلالاً كما أن تغيير اسم الخنزير إلى خروف لا يجعل الخنزير حلالاً.
ويقول القاضي العلامة شرف الدين السياغي تعليقاً على الحديث السابق في 4/214 : ( والحديث يدل على تحريم نكاح المتعة للنهي عنه. . . )
تعريف المتعة
يقول العلامة السياغي رحمه الله تعالى في
4/214 : ( هو النكاح المؤقت إلى أمد مجهول أو معلوم. . . الاستمتاع طلب التمتع والاسم : المتعة ومنه : متعة النكاح ومتعة الحج ومتعة الطلاق وأمتعه الله أو متعه بمعنى وقد كانت مباحة في صدر الإسلام ثم نسخت ) كما كان الخمر حلالاً في صدر الإسلام ثم حرم.
حقوق المتمتعة
يقول العلامة السياغي في 4/214 : ( ولا يثبت لها مهر ولا نفقة ولا توارث ) تماماً مثل الزانية ليس لها أي حقوق في الإسلام بل حقها الوحيد هو الرجم أو الجلد.
الإجماع على التحريم
يقول العلامة السياغي في 4/216 : ( وبتحريم المتعة قال جمهور الصحابة : وأجمع عليه فقهاء الأمصار بعد الخلاف ، ولم ينقل الخلاف المحقق فيه إلا عن الإمامية ، وحكاه في (( البحر )) عن ابن عباس ، والباقر ، والصادق ، وابن جريج ، وفي ذلك نظر ، أما ابن عباس ، فقد صح القول عنه بذلك ، ولكنه روي عنه الرجوع ) ويؤكد العلامة الزيدي شرف الدين السياغي رحمه الله تعالى على رجوع أبن عباس فيقول في 4/217 : ( وفي كتاب " غرر الأخبار " أخرجه بإسناد ساقه في " التلخيص " عن سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس : ما تقول في المتعة ، فقد أكثر الناس فيها حتى قال فيها الشاعر.
قد قلت للشيخ لما أطال مجلسه
يا صاح هل لك في فتوى ابن عباس
وهل ترى رخصة الأطراف ناعمة
تكون مثواك حتى مصدر الناس
قال : وقد قال الشاعر فيه ؟ قلت : نعم ، قال : فكرهها أو نهى عنها.
وأخرج البيهقي عن ابن شهاب قال : ما مات ابن عباس حتى رجع عن هذه الفتيا. . . ) . وإذا صدقنا الإمامية بأن المتعة حلال فعلينا تصديقهم بوجود الإمام الثاني عشر والذي اختفى في السرداب قبل أكثر من ألف ومائة عام وهو حي إلى اليوم !! ويحفظ الأرض حتى لا تسيخ بأهلها !! وهو يراقب الأمور !! أيضاً بل يجب علينا أن نضرب رؤوسنا بالسيوف !! وظهورنا بالسلاسل !! وأن نأكل طين الحسين رضي الله عنه للشفاء !! ويجب أن نصدقهم في باقي أساطيرهم وخرافاتهم التي يتعجب منها الشيطان نفسه !!
إجماع أهل البيت
ينقل السياغي إجماع أهل البيت على تحريم المتعة فيقول في 4/218 : ( وأما الباقر ، وولد الصادق فنقل في " الجامع الكافي " عن الحسن بن يحي بن زيد فقيه العراق أنه قال : اجمع آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على كراهية المتعة ، والنهي عنها. وقال أيضاً : أجمع آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على أنه لا نكاح إلا بولي وشاهدين وصداق بلا شرط في النكاح ، وقال محمد - يعني ابن منصور - : سمعنا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعن علي ، وابن عباس ، وأبي جعفر يعني الباقر ، وزيد بن علي ، وعبد الله بن الحسن ، وجعفر بن محمد عليهم السلام أنهم قالوا : لا نكاح إلا بولي وشاهدين. ) وهذا يثبت أن الروايات التي تبيح المتعة على لسان الباقر وابنه جعفر الصادق رحمهما الله تعالى هي من اختلاق الإمامية الاثنى عشرية وهي مكذوبة وملفقة لا سيما والاثنى عشرية هم أكذب البرية ومن قرأ كتبهم وجد من الكذب العجب العجاب.
عمر والمتعة
لكي يروج الاثنى عشرية للمتعة النتنة يزعمون أن عمرا بن الخطاب رضي الله عنه هو الذي حرمها وليس الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وقد كفانا القاضي العلامة السياغي مئونة الرد فقال رحمه الله تعالى في 4/219 : ( فكان نهي عمر عن نكاح المتعة موافقاً لسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فأخذنا به ، ويبين أن عمر إنما نهى عن نكاح المتعة ، لأنه علم نهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم عنه ما روي من طريق سالم بن عبد الله ، عن أبيه ، عن عمر بن الخطاب قال : صعد عمر المنبر ، فحمد الله ، وأثنى عليه ، ثم قال : ما بال رجال ينكحون هذه المتعة وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عنها إلا أوتى بأحد نكحها إلا رجمته. اه ) وقال في نفس الصفحة : ( وما روي عنه في " الصحيح " أنه قال : متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنا أنهي عنهما. . . الحديث معناه : أنا أؤكد النهي عنهما ، وأبينه للناس إذ يبعد أنه أراد التشريع بخلاف ما عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما لا يخفى. )
لا اجتهاد ولا خلاف
المتعة لم تعد محل اجتهاد بل هي محرمة بعد ظهور النص يقول السياغي في 4/221 : ( وما أحسن ما قال شارح " بلوغ المرام " وهو أن المبيحين إنما بنوا على الأصل لما لم يبلغهم الدليل الناسخ ، وليس مثل هذا من باب الاجتهاد ، وإنما هم معذورون لجهل الناسخ ، فالمسألة لا اجتهاد فيها بعد ظهور النص. ) وفي 4/224 يقول : ( وقد عرفت فيما تقدم أنه لم يتحصل فيها خلاف محقق من الصحابة والتابعين والله أعلم ).
المتعة في واقع الزيدية
الزيدية أهل مروءة وعفة وطهارة فلم يذكر التاريخ الغابر والذي امتد لأكثر من ألف عام حادثة واحدة تدل على وقوع أحد من الزيدية في المتعة كيف وكتبهم تحرمها تحريماً مطلقاً - راجع ما سبق - ويشهد الصديق والعدو للزيدية بمحافظتهم على الأخلاق الإسلامية وعلى تربية النساء على الحشمة ولبس الحجاب مما حصن اليمن فلم تقع فريسة للغرب الخليع وسلمت من التهتك والسفور الذي وقعت فيه الكثير من الدول العربية والإسلامية وموعدنا غداً إن شاء الله تعالى.