فارس محمد الصليحي
أين نحن وأين هم ، كيف كانوا وكنا وكيف أصبحوا وأصبحنا ، لماذا وما السبب وحتى متى يبقى المطب؟ هل كتب علينا هكذا نعيش أم حكمنا على أنفسنا عمراً تعيساً؟.
رعاة الشاة والحفاة العراة كرسوا جهودهم لبناء الوطن وخدمة الشعب أرضاً وإنساناً ونحن أهل العلم والإيمان والحكمة أخذتنا العزة والأنفة والفخر بهذا المدح النبوي وصدقنا أنفسنا وظل كل واحد فينا "شايف" نفسه هو المقصود وهو صاحب الوجاهة وهو العالم والشيخ والآمر والناهي والكل أمير، ولم ندر من هو راعي الحمير وحامي الصغير وناصر المظلوم والفقير.
أولئك بنوا ناطحات السحاب وأقاموا البنية التحتية على مستوى العزلة والقرية والمديرية والمدينة وشقوا شوراع مخططة لنصف قرن قادم بمختلف الخدمات ونحن ما شاء الله تبارك الله بالسنة الواحدة نفرش الشارع خمس مرات أسفلت جديد ليبقى جديداً دائماً للوافدين والزائرين ونوسعه في العام عشر مرات ونغرس فيها أشجاراً وزهوراً محلية وخارجية في كل شهر لون آخر بحسب الموديل الشهري المرغوب لونه ورائحته لدرجة أن معظم الناس يظلون يشترون العطور نتيجة للروائح الطيبة التي تأتي من أزهار وأشجار الحدائق والشوارع والموردة من جزر القمر وفرنسا "ويازلط جري زلط" اللهم لك الحمد أولئك شقوا وأقاموا سور الصين العظيم ونحن والحمد لله أقمنا سور اليمن الكبير بصنعاء القديمة وتعز المدينة ثم حديثاً جسر التحرير والستين وشارع الخمسين ومستقبلاً جولة سبأ وأخواتها.
ليس من العيب أن نتعلم من تجارب الآخرين وإنما العار والخزي أن تأخذنا العزة بالإثم فنظل نبحر في محيط لا ساحل له كما هو الحال في مسلسل "طفي لصي" ومر علينا نصف قرن من عمر الثورة الأم ولا زلنا نعيش في ظلام دامس وزيدنا على أصحاب التيه تسع سنوات وقد تزيد لاحقاً.
النهضة الصناعية والاقتصادية التي يشهدها الصين العظيم في العالم بنيت على ثلاثة محاور
1. القوة البشرية "العلم" .
2. الاقتصاد القومي المحلي.
3. الثقة.. وعلى هذه القواعد يعيش ثلث العالم بينما نحن بكل فخر واعتزاز نعدل في السنة القوانين واللوائح والدستور حسب الأحداث وقرحة القات والتصنيفة وما مثلنا في الديقراطية بلد بلد بلد.
الأحزاب في العالم تختلف وقت الإنتخاب وبعد الإنتهاء وإعلان النتيجة تعود المودة والإئتلاف وينتهي الخلاف ويعملون جميعاً تحت علم وسقف واحد لخدمة شعوبهم وبلدانهم ، ونحن واللهم لا حسد على مدار السنة خلاف وإختلاف وصراع ومصايحة ومشارعة الحاكم يتهم المشترك والمشترك يتهم الحاكم وبالأخير يتقاسمون "بنت الصحن" ويصدرون بياناً لأجل المصلحة الوطنية والشعب وأم الشعب وأخوات الشعب ثم يتفقون على إعطاء الصحن لابن هادي وبن هادي يقسمه على المنظمات والإتحادات والنقابات والصحف وإذا لم يكف الصحن -بسيطة- قليل قرض من البنك الدولي لدعم مؤسسات المجتمع المدني والسلطة الرابعة وسبرت الأمور وقس على ذلك.
الدول الشقيقة والصديقة حولت جيوشها من مستهلكة لكل مقومات الدولة خارجياً ومكتفية محلياً بينما حكومتنا الرشيدة بارك الله فيها تعتز وتفتخر أنها تنفق على المؤسسة العسكرية سنوياً 50% من الميزانية العامة ومعظمها من عائدات المشتقات النفطية بينما بين الحين والآخر نسمع عن نفاذ بعض آبار النفط والله يلطف لو نفذت جميعها ماذا سيأكل ويشرب العسكر فيما لو ظلت مؤسسة مستهلكة؟.
حكومات وأنظمة عربية وإسلامية غرست حب الوطن في قلوب أبنائه وصار فكراً وعقيدة لا تفريط فيه مهما كانت الأسباب والعواقب حتى يقال أن الفرد المصري قد يسرق ويزني ويسكر ويرتكب كل ما لا يخطر على بال ومثله المرأة قد تكون راقصة وعاهرة وفاسقة لكنها إذا دعيت للإنتحار في سبيل وطنها سرعان ما تنفذ دون قيد أو شرط وحينما يتعلق الأمر بالخيانة الوطنية والعمالة مع الطرف الخارجي والعدو المشترك فأمر محال وألف مستحيل ولو أدى ذلك لإزهاق روحه وفرم جسده أو القدوم طوعاً على الإنتحار مقابل رفضه خيانة وطنه.. إنه أمرُ في غاية الغرابة والتأمل والحيرة يجعلنا نتساءل عن الأسباب التي أتخذت لغرس هذه المبادئ والقيم. هنا ينبغي أن نقارن بيننا وبينهم فالبعض بكل أسف لا يرتكب شيئاً مما ذكر في الجانب الإخلاقي والديني لكنه يفضل مصلحته الشخصية على الوطنية ويبيع أرضه ومجده وتاريخه وبلده بأرخص الأثمان لأغراض دنيوية ومصالح نفسه بينما أولئك بعكس ذلك ترى أيهما أشد سخطاً وعاراً وجرماً الأول أم الثاني؟ سندعها للقراء لطرح آرائهم حول هذه القضية ويكفينا "برع تيوس".