في منطقة غارب هيثم كما أشرنا في الحلقة السابقة التي تتجمع فيها قوات الثورة الأمر الذي جعل البدر يكرر هجماته المعاكسة فيما كان أحمد فرج وزملاؤه بمعية الشيخ/ قملان قد جهزوا الدبابة لمواجهة أنصار البدر.
وفي ذلك الوقت كان الأخ/ عبدالعزيز البرمي حكيمدار ورامي على دبابة الأخ/ محمد رزق الغويدي بينما كان الأخ/ علي المنصور حكيمدار ورامي على الدبابة الثانية والتي أقودها وبدأت المعركة ومعها كانت الاشتباكات متواصلة لأفراد مشاتنا مع العدو أما نحن فكان تركيزنا على الدفاع عن الأفراد الذين يتمركزون في المواقع والمنازل التي عرفنا بها الأخ/ أحمد المتوكل قبل الهجوم وكان الضرب بالدبابات مكثف إذ تم تزويد الدبابات بالذخيرة عدة مرات.
ومن الجدير بالذكر أنه كان هناك تنسيق بيننا وبين أفراد المشاة المترجلين وتلبية لمطالبهم لفك الحصار على البعض وتشديد الضرب على الأعداء ، أذكر في حينها بأن الضرب كان على أشده مما دفع الأخ/ عبدالعزيز البرطي إلى استخدام الضرب بالمدفع الكهربائي بهدف السرعة وخلال الضغط على زر الكهرباء تأخر المدفع في إطلاق القذيفة وعندها أراد الأخ/ عبدالعزيز مفاقدة الكهرباء وإذا بالمدفع يطلق طلقته لتعود عليه أجهزة الرجوع التي سببت له بعض الجروح خاصة في أنفه والتي قذفت بكثرة تحت ظروف غياب أي وسائل إسعاف سريعة لمواجهة ما حدث له وكذا عدم وجود وسائل نقل أو إسعاف ترافق الحملة حيث كان لدينا فقط سيارتين طلبت من قيادة عبس ووايت الماء الذي أسعفا عليه.
ويقول المؤلف : أثناء المعارك التي كانت على أشدها ركز العدو على مشاتنا ومطاردة أفرادها تاركين الدبابة في وسط الوادي حتى تمكن بعض أفراده من الوصول إلى المكان الذي توجد فيه التعيينات والذخائر الخاصة بنا بعدها تركوا المطاردة واتجهوا نحو تلك المؤن أما فيما يتعلق بدبابة الأخ/ محمد رزق فقد تحركت عندما تأكد هو ومن معه بأن أفراد المشاة قد انسحبوا جميعاً من المنطقة بينما نحن نراقب تحركات العديد منهم يتجهون وبسرعة على جنبات الوادي وكان الأخ/ علي المنصور حكيمدار دبابتنا يراقب الموقف بهدوء ويتصرف بحكمة وحينئذ طلب مني التحرك والحذر أثناء المنحنيات لما تحدثه في الجنازير خاصة ونحن بمفردنا وخلال تحركنا وجدنا العديد من أفراد المشاة من جانبنا يسيرون ومع ذلك كنا نوقف الدبابة حتى يركبوا معنا "أنهم كانوا يرفضون وعندها تذكرنا المثل القائل "لا يرد الهزيمة ألف فارس" وتلك حقيقة إذا كانت المعارك السابقة محسوبة ولها أثر كبير حيث خسرنا فيها العديد من الشهداء وجرحت علينا مجاميع كبيرة وفي اليومين الأخيرة منها تميزت بحدتها وكانت نتيجتها الانسحاب لمسافة كبيرة ولم تتوقف إلا بجوار القوات المصرية التي كانت تتمركز في ربوع المحرق ، أما بالنسبة لأفراد العدو فقد تفرغوا لنصب لنهب المؤن والذخائر التي تركناها ، وكانت تلك المعركة قد أعطتهم إحساساً بنشوة النصر.
القوات المصرية. . وأول درس في المنطقة
في منطقة الربوع كانت تتواجد كتيبة من القوات العربية المصرية والتي أتمت تجهيز مواقعها الدفاعية بما في ذلك توزيع أسلحتها الخفيفة والمتوسطة على المداخل الحساسة، وعلى ضوء ذلك صدرت منهم توجيهات بعدم الضرب من أي سلاح وأنهم وحدهم سوف يواجهون المهاجمين وبالفعل وبمجرد اقتراب أفراد العدو من موقع الكتيبة حيث كانت الساعة تقترب من الثامنة مساء ووصول مجاميع منهم إلى مرمى نيران الكتيبة ، ومع ذلك لم تصدر من قائد الكتيبة أي أوامر بإطلاق أي رصاصة ، إلى أن عرف أن العدو يقترب من مرمى الأسلحة الخفيفة أطلق إشارة حمراء إلى الجو تلتها طلقات كاشفة من عدة اتجاهات، ومن ثم طلقات من مدفع الهاون والتي أضاءت المنطقة بكامله فظهر بعض أفراد العدو بجوار الموقع وعندئذ أطلقت جميع الأعيرة النارية المختلفة وكان أغلب الطلقات من النوع الكاشف حتى اعتقدنا عندها بأن المنطقة تلتهب تماماً، وتم القضاء على أفراد العدو ولم يبق منهم على قيد الحياة إلا أفراد كانوا في مواقع بعيدة وكانت تلك المعركة بمثابة الدرس الأول الذي تلقته الأعداء على أيدي القوات المصرية في تلك المنطقة.
ومن الجدير بالذكر أن المعارك كانت مستمرة دون إنقطاع خلال الفترة السابقة التي مكثناها في المنطقة التي زارت التهاباً نتيجة لتواجد البدر المخلوع وإدارته للمعركة بصورة مباشرة منها بعد عودته من السعودية وتلقيه الدعم من أعداء الثورة والعودة بها وإمداد مناصريه على إمتداد لواء حجة وبقية المناطق الأخرى.
القنبلة. . والمثل السيئ لضابط الثورة
يقول المؤلف تحت هذا العنوان : بعد مرور أكثر من خمسين يوماً والمعارك على أشدها في المناطق التي سبق ذكرها كانت تلك الهزيمة والخسائر الجسيمة في الأرواح والممتلكات بالرغم من حرصنا على الممتلكات الخاصة ووضع حد لتك الشائعات والتي اعتبرت من قبل العدو بمثابة السلاح القاتل لتشويه الثورة والجمهورية خاصة والفوضى تعم كل اليمن منها ما هو مقصود ومنها ما هو غير ذلك أي لم يكن متعمداً ، كما أن من الأسباب التي ادر كناها حينذاك أن الأخوة من قادة ثورة سبتمبر كانوا يسندون بعض المسؤوليات ومنها قيادات بعض المناطق لأشخاص يفتقرون إلى الخبرة وكبقية التعامل مع المواطن في ذلك الوقت ،وعلى سبيل المثال أحد المسؤولين في حجة فبعد خروج الأخ/ علي سيف الخولاني منها ووصول أفراد الحرس الوطني إليها عين محمد القنبلة قائداً لمنطقة في حجة وهي ناحية مسور ومنطقة هدار بالرغم من أن المذكور عرف عنه أنه كان يعيش بعيداً عن المنطقة حيث نقل من عدن إلى حجة،وكان يتصف بالعنجهية ولم يكن مقبولاً في حجة وتزوج ذلك القائد بفتاة من تلك المنطقة وفيما بعد ألزم زوجته بارتداء ملابس عسكرية، وأجبرها على حمل السلاح ، ومثل ذلك التصرفات كانت تسيء للثورة والجمهورية في مجتمع محافظ متمسك بالتقاليد وكان ذلك الفعل مصدراً مباشراً اعتمد عليه عناصر البرد المخلوع في تشويه صورة المستقبل في اليمن وكان ذلك القائد يعامل الناس بأساليب غريبة يعتبرها ترجمة لمعاني الحرية. <