د. عبدالله الفضلي
في البداية أحب أن أنوه بأنني لست أحد أعضاء المجالس المحلية ولكني دعيت إلى المشاركة في مثل هذه المؤتمرات المحلية لأول مرة وقد أعجبت بالإعداد الجيد والترتيب الرائع والتنظيم الملفت للنظر وتوفير الأدبيات والمطبوعات والحقائب الرائعة والأقلام والدفاتر والعصائر والمشروبات خاصة وقد عقد المؤتمر في أكبر وأضخم قاعة على مستوى اليمن وهي الصالة الرياضية الكبرى المغلقة التي أزورها لأول مرة وهي صرح معماري شامخ يضاف إلى منجزات الوحدة المباركة والتي تحمل اسم قاعة "22 مايو" وهي قاعة متسعة ومتعددة الأدوار والأغراض وهي مفخرة لبلادنا ولمن يزور بلادنا كما أنها مفخرة ومنجز وطني للشباب الذين يمارسون فيها الألعاب الرياضية المختلفة.
إن أجمل وأروع ما استمتعنا به في هذا المؤتمر خلال فترة انعقاده لمدة يومين متتاليين هي الشفافية والصراحة والوضوح والرؤية والأفق الواسع والإلمام الكامل لكل ما يتعلق بأمانة العاصمة بكل جوانبها السلبية والإيجابية هذه الرؤية وهذه الشفافية هي ما يتمتع بها الأخ الأستاذ القدير /عبدالرحمن الأكوع وزير الدولة أمين العاصمة.
حيث كان بحق نجم المؤتمر الأول فقد تحدث إلى المؤتمرين من كل فئات المجتمع من وزراء ووكلاء ورؤساء هيئات وجامعات ووزارات وأساتذة عن كل ما يقف عائقاً وحجرة عثرة أمام تطور أمانة العاصمة والحد من نموها وتطورها وعرقلة مسيرتها وتحدث بحسرة وبألم عن كل المشكلات التي تعيق أمانة العاصمة لكي تحقق الأهداف التي رسمتها.
وكنا نتصور أن مهام أمين العاصمة لا تتعدى المهام التنفيذية والمهام الروتينية اليومية، ولكن ومن خلال ما طرحه الأخ الوزير من موضوعات وقضايا شائكة وحساسة وتشعبات ومهام وأعمال ومسؤوليات تفوق كل تصور ولم نكن نعلم ما يعانيه أمين العاصمة من مشكلات وإشكاليات ومواجهات مع المتنفذين لدرجة أن ما وضعه وطرحه أمين العاصمة من قضايا تستدعي وجود حكومة مستقلة تعمل على حل مشكلات أمانة العاصمة لمدة عام كامل نظراً لما لحق بأمانة العاصمة من أضرار وتعسفات واعتداءات وعشوائيات وما قام به المتنفذون العتاولة من استيلاء على أملاك الدولة وعقاراتها ومرافقها وأوقافها ولم يدعوا للعاصمة متنفساً واحداً وباتت أمانة العاصمة عاجزة عن بناء مدرسة واحدة في صنعاء القديمة لعدم وجود الأراضي الخاصة بالدولة.
وكنا نظن أن أمين العاصمة قادر على إزالة وإصلاح كل شيء باعتباره من الشخصيات المدعومة رئاسياً وحكومياً إلا أن الأخ أمين العاصمة وهو يتحدث أمام السلطة المحلية أوضح أنه قد واجه ولا يزال يواجه الكثير والكثير من الاحباطات والإشكاليات التي تحد من طموحات أمين العاصمة ومن أهمها المتنفذين من كل شكل ومن كل لون ومن كل طيف فهناك متنفذون من أعضاء مجلس النواب ومن أعضاء المجالس المحلية ومن بعض الوزراء والضباط والمشائخ من العيار الثقيل الذين تعجز الأجهزة الأمنية والقضائية عن الإمساك بهم أو الاقتراب من منازلهم وتقديمهم إلى القضاء العادل. أي أن مثل هؤلاء المتنفذين قد أسرفوا في الإساءة إلى أمانة العاصمة كما أسرفوا في تصرفاتهم وفي طغيانهم وهم دائماً يقفون ضد كل خطوة تؤدي إلى تطور العاصمة فمصالحهم فوق كل شيء فوق الدولة وفوق القانون وفوق المصلحة العامة.
ومن أهم ما يؤرق أمانة العاصمة هو التداخل مع محافظة صنعاء في كل شيء لدرجة أن أطراف العاصمة صنعاء قد استولى عليها المتنفذون الذين يأتون من محافظة صنعاء من بسط على الأراضي والبناء العشوائي وتشويه صورة العاصمة ومداخلها وانتهاك حرمان سكانها وإزعاجهم بشتى الوسائل وترويعهم من خلال القتال وإطلاق الأعيرة النارية من أجل الاستيلاء على أرض معينة.
وفيما يتعلق بتسمية وترقيم الشوارع بأمانه العاصمة فقد تم الانتهاء من تجهيز اللوحات والأسماء ولم يتبق إلا تركيب اللوحات إلا أنه قد واجه هذا الإنجاز اعتراض من قبل الهيئة العامة لعقارات وأراضي الدولة وادعوا بأن هذا المشروع هو من صميم اختصاصاتهم وهم المسؤولون عن الترقيم ووضع اللوحات فأوقف المشروع ولم ينفذ حتى الآن.
وبالتالي فإن مشروع مياه مدينة صنعاء قد أوشك على الانتهاء وهي كارثة خطيرة جداً إذا لم تقم الجهات المختصة بالإسراع في وضع الحلول والدراسات والبدائل لنضوب المياه عن العاصمة صنعاء وهي قضية إنسانية ودينية ووطنية.
ومما يزيد العاصمة سوءاً وإزعاجاً وتلوثاً هو وجود آلاف الدراجات النارية التي باتت ظاهرة مزعجة ومقلقة ومن الصعب إزالتها والقضاء عليها بسهولة ما لم يكن هناك تضامن وتضافر من كل الجهات الحكومية ومجلسي النواب والوزراء ومنظمات المجتمع المدني ووزارة الداخلية وذلك لوضع الحلول والبدائل للقضاء على هذه الظاهرة التي نبتت في شوارع العاصمة كنبتة شيطانية خبيثة ولابد من اجتثاثها بشتى الوسائل ومنها منع استيراد هذه الدراجات بصورة نهائية وإغلاق الورش التي تقوم بإصلاحها وتركيب أرقام لكل دراجة نارية ومنح قائدها رخصة قيادة والالتزام الكامل بكل تعاليم وقوانين المرور ووضع كواتم للأصوات والغازات.
ومما أشار إليه الأخ الأستاذ / عبدالرحمن الأكوع وزير الدولة أمين العاصمة وهو يسرد المشكلات ويشخص الأمراض - قلة موارد أمانة العاصمة وتناقص المخصصات المالية عاماً بعد آخر خاصة ما يتعلق بالنفقات التشغيلية لأن أمانة العاصمة كل مهامها وأعمالها وخدماتها وأدائها هي مهام تشغيلية وتحتاج إلى نفقات وأجور باهظة فالصيانة ونفقاتها كبيرة جداً لدرجة أن معظم الآلات والمعدات قد تهالكت مع الزمن وهي بحاجة إلى تجديد وصيانة لكي تؤدي مهامها في مجال النظافة بالصورة المطلوبة.
كما أشار الأخ أمين العاصمة وبحسرة وألم أيضاً إلى تداخل الاختصاصات وتضاربها وتباينها بين أمانة العاصمة وبعض الجهات الحكومية بنوع من المركزية الشديدة ولم يتضح بعد حتى الآن هل نحن مقبلون على حكم محلي واسع الصلاحيات أم أننا سنكرس المركزية حتى داخل العاصمة صنعاء ولذلك لابد من فض هذا الاشتباك وتحديد الاختصاصات ومنح الصلاحيات للحكم المحلي.
قصارى القول أن الأخ الأستاذ القدير / عبد الرحمن الأكوع قد شخص الأمراض والأدواء التي تعاني منها أمانة العاصمة ولكنه سيظل هو وأعضاء أمانة العاصمة عاجزين عن تحقيق أي شيء دون تعاون وتكاتف وتضافر كل الجهات الحكومية والأهلية للنهوض بالعاصمة وتحقيق أهدافها المنشودة، وباختصار شديد فقد كان لاستعراض الأخ الوزير أمين العاصمة أثر عميق في نفوسنا الأمر الذي تأكد لنا أن الأخ أمين العاصمة قد وضع في مكانه الصحيح وفي زمانه وجاء في وقته فقد ألم بكل المشكلات والصعوبات والمعوقات التي تراكمت مع مرور الزمن.
وكان من ضمن ما أشار إليه وهو يستعرض هموم الأمانة أن هناك غياباً كاملاً للإعلام المرئي والمسموع والمقروء فيما ما يتعلق بالإرشاد والتوجيه والتوعية الإعلامية لكل مواطني العاصمة وواجباتهم نحو مدينتهم وعاصمتهم وتساءل لماذا لا توجد إذاعة محلية لأمانة العاصمة أسوة بكثير من الدول التي أنشأت إذاعات محلية لعواصمها مثل إذاعة القاهرة الكبرى وغيرها.
وأخيراً فقد أشار الأخ الوزير إلى تعدد الجهات الأمنية وعدم انسجامها وتحديد اختصاصات كل جهة أمنية ومعرفة مهامها وواجباتها هذا إلى جانب ما يمثله غياب الأمن العام عن الضبط واتخاذ الإجراءات القانونية في حق العابثين في أمانة العاصمة بالإضافة إلى غياب المرور مع الفوضى المرورية القائمة وبصفة خاصة تجاه الدراجات النارية التي لم يقم المرور بواجبه بترقيمها ومنح سائقيها تراخيص رسمية والتقيد بآداب وقوانين المرور ، فلا ضبط للمخالفين دون وجود الأمن ولا ضبط للباعة والبساطين في الشوارع دون وجود الأمن فالأمن هو أساس الانضباط وتطبيق النظام والقانون.
بعض الملاحظات أمام الأخ وزير الدولة أمين العاصمة:
1- إيلاء ظاهرة الدراجات النارية كل الاهتمام وبصورة جادة وذلك للتقليل من خطورتها على المجتمع وعلى المارة.
2- منع وإنهاء ظاهرة التدخين المسرف في كل مكاتب العاصمة صنعاء من فنادق وجامعات ومستشفيات ومؤسسات ووزارات وأماكن عامة ومعاقبة من يخالف التوجيهات والتعليمات في هذا الشأن فقد أصبحت ظاهرة التدخين ظاهرة غير صحية وخطيرة على المجتمع بأكمله.
3- إيلاء بناء وإنشاء المكتبات العامة ومكتبات الأطفال بأمانة العاصمة كل الاهتمام والرعاية فهذه المكتبات هي التي تنمي المعرفة لدى الأطفال والشباب وتغرس فيهم القيم والعادات والتقاليد والمثل والأخلاق والآداب العامة وحب الوطن والانتماء إليه حيث تنفق الدول المتقدمة على بناء مكتبات الأطفال والمكتبات العامة في الأحياء المختلفة مئات الملايين لبناء المكتبات العامة فهي مكتبات شعبية ثقافية ديمقراطية.
4- إن شارع الستين الجنوبي قد أصبح مصيدة يومية لضحايا بشرية وحوادث مرورية مروعة وبالجملة نتيجة لغياب الإرشادات واللوحات الضوئية التحذيرية وعدم وجود كاميرات مراقبة وكثرة الفتحات إلى اليمين والشمال فلا يمر يوم واحد دون حدوث أكثر من كارثة مرورية ونقترح بأن تقوم الأمانة بإنشاء أنفاق تحت الأرض لمرور المشاة بالتعاون مع أهل الخير ورجال الأعمال لأن الحفاظ على أرواح الناس أهم من بناء مسجد.
وفي نهاية هذا التناول فإننا نشد على أيدي الأخ / عبدالرحمن الأكوع وزير الدولة أمين العاصمة ونحن معه في كل ما طرحه من قضايا ملحة صفق لها الجميع فإذا كانت هذه هي هموم أمين العاصمة وما يواجهه من صعوبات ومشكلات ومتنفذين فما بالنا بهموم الأخ رئيس الجمهورية وهو يعاني مسئوليات عشرين محافظة وكل محافظة تحتاج إلى أكثر من حكومة وأكثر من رئيس لحل مشاكلها وما تعانيه من تراكمات.
ولذلك فإن المسؤولية أمانة وجدارة وإرادة وصبر وتحمل وهي تكليف لا تشريف، فتحياتنا للأخ وزير الدولة أمين العاصمة لما يتمتع به من نضج وفهم وإلمام بكل قضايا العاصمة صنعاء ولم نورد في هذه المقالة إلا الشيء اليسير مما تحدث عنه أمام أعضاء مؤتمر السلطة المحلية بأمانة العاصمة.<