عصام المطري
أنت لا تعيش في هذه الدنيا بمفردك وإنما تخالط الناس في العمل وفي الحي وفي القرية ، وتتعاطى معهم ، وتقيم معهم علاقات زمالة وإذا تطورت فعلاقات صداقة وعلاقات أخوة.
وأنت تشكل في هذا العالم الفسيح لك قدراتك ومواهبك وإمكاناتك الخلابة ، وهذا ما قد يعرضك للحسد وازدرائك من قبل زملائك وأصدقائك وإخوانك ، فاحذر أن تكون ردة فعلك هي التعالي عليهم لأن ذلك لا يصلح الأمر إنما اعمل على التودد إليهم وشجع مواهبهم المطمورة ، وقدراتهم الحبيسة والتي لم تتفجر بعد ، وإمكاناتهم التي تحاول أن تكتشفها أنت بذاتك ، وأعمل لك برنامجاً للارتقاء معهم وتوجيه مواهبهم ، وأطر قدراتهم وإمكاناتهم، واعمل بالتالي على صقلها ، وكلف نفسك مجهوداً كبيراً لأنهم يحبوك ولكن لا يروقهم تفوقك بمواهبك وقدراتك وإمكاناتك عليهم فلا تجعلهم فريسة سهلة للشيطان الرجيم،وأن يعقل الحسد في صدورهم ويبلغ منهم كل مبلغ على نحوٍ قد يدفع بهم إلى التضحية بالزمالة الطيبة ، والصداقة الراقية، والأخوة الحانية.
إن بمقدورك أن تصنع لك مؤيدين وأحباباً كما أنه باستطاعتك أن تصنع لك أعداء ، فحذاري حذاري من صنع الأعداء ذلك لأن العداوة موحشة وتؤدي إلى معصية الله عز وجل حيث الحسد والغل والأحقاد والضغائن على نحوٍ قد يساهم في تفكك المجتمع وانهياره نتيجة لتلك الأخلاق السامية من الحسد والغل والضغائن ، وأنت بذلك لن تهتم بجميع الناس، وإنما بمن تتوافر لديهم الاستجابة إلى تفجير المواهب والقدرات والإمكانات إلى من يملكوها ولا يجيدون الطريق الصحيح إلى خلقها وإيجادها على أرض الواقع العملي المعيشي.. المهم إذا كنت من أصحاب المواهب والقدرات والإمكانيات عليك أن تتواضع ، واخفض جناحك لمن متعك ولا تكن مختالاً مغروراً لا يرى في الدنيا سوى ذاته عبقرياً ونابغة.
احترم ذوات الآخرين ، وحافظ على مشاعرهم وأحاسيسهم ولا تحرجهم أو تقحمهم بأعمال لا يعرفون القيام بها أو لم يتوافر لهم الاستعداد التام والكامل للقيام بها ، ولا تكن فضولياً تحشر نفسك في أدق التفاصيل عن حياتهم الشخصية ، وتوكل على الله في كافة أمورك ، واستعن بالله ولا تعجز وخالق الناس بخلق حسن، وارض بقضاء الله وقدره، ولا تتمنى ما عند الغير من مواهب ومقدرات وإمكانات ولا تحزن لحظك القليل منها فأنت تقرأ الدعاء التالي في الصباح والمساء المأثور عن الرسول والنبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم والذي تقول فيه :"اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك"، فالخلق الأسلامي الرفيع لا ينادي بتمني زوال النعمة عن الغير وهو الحسد، ، وإنما ينادي بأن تتمنى أن يرزقك الله مثل نعمه وتلك هي الغبطة المشروعة، فلا بأس عليك أن تتمنى، وإنما لا تفرط بالتمني فقد يصاحبه حزن وسوف يستحيل إلى الحسد فوراً، ولا تمشي في الأرض مرحاً ، إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولاً، ولا تصعر خدك للناس، واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير، وراجع نفسك قبل أن تتخذ قراراً في حق أحد زملائك أو أصدقائك أو أخوتك وليست هي المراجعة المفضية إلى التردد فليس أعظم وأخطر وأفتك من مرض التردد، ولا تشك في أصدقائك أو أن تحمل عباراتهم فوق ما تحتمل ، وكن فسيح الصدر تقبل النقد البناء الموضوعي ولا تغضب ممن يهدى إليك عيوبك فهو يبصرك بها ومن تحامل عليك اتركه وشأنه.. وإلى لقاء يتجدد والله المستعان.<