حسن محمد القاضي
وحدنا نحن الذين لا نمتلك سكناًَ تتقاذفنا أمواج البحث الدائم عن مأوى وتُنهك قوانا جراء التخبط المستمر بين مكاتب العقارات، والتي عادة ما يمارس أصحابها أبشع أنواع الاستغلال والابتزاز مستغلين حاجتنا الملحة للسكن، والذي لا نحصل عليه إلا بعد أن يكون أحدنا قد حمّل نفسه أضعاف ما يستطيع.. وليت الأمر ينتهي عند هذا الحد إذ أن الأسى ربما بدأ للتو.. ففي ظل غياب القانون الذي ينظم علاقة المؤجر بالمستأجر، يعيش المستأجر المغلوب على أمره في قلقٍ دائمٍ خوفاً من تصانيف صاحب الملك (المؤجر) الذي يضع شروطاً مجحفة فهو من يحدد قيمة الايجار، وهو من يحدد عدد الساكنين الذين لا يجوز للمستأجر تجاوزهم كما من يحدد موعد انطفاء النور ونوعية الأجهزة الكهربائية التي يجوز للمستأجر استخدامها وأما الماء فحدث ولا حرج فله أن يقوم بقطعها متى شاء واعادتها متى أراد..
كما أن المؤجر( صاحب الملك) له الحق أن يطلب زيادة الايجار وبنسبة قد تصل إلى زيادة خمسين في المائة على الايجار المتفق عليه سابقاً، وليس لك الحق أن ترفض، لأنك لو فعلت فستجد نفسك ومن تعول وكل أثاثك في الشارع دون مأوى أو ملجأ ولن تجد من يتعاطف معك مهما حاولت ومهما قلت، فلا أحد يهتم لك أصلاً أو يهتم بمستوى دخلك المتدني أو ظروفك التي لاتحتمل الزيادة المطلوبة، وكل ما عليك فقط أن تدفع إذا كنت تريد البقاء في منزلك أقد في منزله..!!
وكتنبيهٍ مهم إذا ما حدث وأن طردك صاحب البيت ( المالك) وأخرجك لسببٍ أولغيره فلا تفكر مطلقاً أن تلجأ إلى القانون أوالشرطة مثلاً ومهما كنت محقاً ومهما كان طلب المؤجر مجحفاً ومخالفاً للاتفاق بينك وبينه، فبدون أن يتكلم المؤجر ستكون أنت المخطئ حتماً، وأنت وحدك من سيتحمل كل الاتعاب وفي النهاية شئت أم أبيت سترضخ لكل ما أراده منك.. هذا بالطبع إذا محظوظاً ولم يؤمر بك إلى السجن ويؤمر بأسرتك وكل أغراضك إلى الشارع..!!
درامية تحدث كل يوم وتشاهد على الدوام وبصورٍ قد يكون ما عرضناه آنفاً هو أكثرها رحمة وانسانية..
هذه القضية يتجاهلها الجميع مع أنها ربما تشكل القضية الأهم، إذ أن معظم الناس يعانون منها بصورة أو بأخرى، فيما يبخلُ مشرّعونا عن ايجاد قانون يحفظ للمستأجر كرامته وآدميته وينظم العلاقة بينه وبين صاحب الايجار بما يرضي الطرفين دون انحياز لطرفٍ على حساب الآخر، وبشروطٍ تتوافق والمنطق والعقل..
أما إذا كان قانون كهذا موجود بالفعل فلماذا لا يطبق، أم أن قانون الغاب والعشوائية واللامنطق السائد الآن هو الأفضل؟!
كثيرٌ من مشلاتنا إن لم تكن كلها يكمن حلها في ايجاد القانون وتطبيقه والامتثال له، فغياب القانون أو تطويعه لمصالح أشخاص أوفئات هو ما يفاقم جلَّ مشاكلنا ويجعل وضعنا مأساوياً..
ايجاد قانون ينظم العلاقة بين المؤجر والمستأجر مهمٌ ومهمٌ جداً وقد يحلّ قضايا ومشاكل كثيرة ويشعر الكثيرين بالاستقرار ويخلصهم من مشاكل السكن وعشوائية الملاك وأصحاب العقارات وعنجهيتهم وتسلطهم وكل ممارسات الابتزاز التي ينتهجونها..
hassangade3@hotmail.com