بقلم / طارق الحميد
ملخص ما يحدث في إيران الآن، وتحديداً بعد كلمة المرشد الأعلى في صلاة الجمعة، أن معركة السلطة قد نزلت إلى الشارع، وهذا هو خطأ علي خامنئي القاتل، بحق النظام ككل، ومركز الولي الفقيه.
خطاب المرشد انطوى على تهديد صريح لموسوي وكروبي، وغيرهما، حيث حملهم مسؤولية العنف، وفي ذلك تهديد مبطن، خصوصاً أنه لم يصدر عنهم عنف من قبل، وهذا يعني أن قادم الأيام سيكون أسوأ.
فبخطابه يوم أمس بات خامنئي الخصم والحكم في هذه المعركة، وبدلا من ان يكون زعيما للثورة اصبح زعيم تيار في إيران, فقول خامنئي إن «النزال الدائر في الشارع خطأ، وأريده أن ينتهي»، جعل المرشد في مواجهة مع الشارع، حيث لم يترك مجالا مفتوحا لمخرج يضمن سلامة سمعة النظام، ويحفظ ماء الوجه للجميع. وذلك يعني أنه بمجرد خروج مظاهرة واحدة، سيكون ذلك بمثابة تحرك ضد الولي الفقيه نفسه، وبالتالي ضد النظام. وخطأ خامنئي الكبير أنه بات طرفاً «مكشوفاً» في لحظة غضب جماعية، خصوصاً قوله إنه يرى «بعض الرجال أكثر كفاءة من غيرهم لخدمة البلد».
فبدلا من أن يكون المرشد في مكان أعلى، أو خارج دائرة الصراع، من أجل أن يستطيع الإمساك بورقة الحكم، ويحافظ على هيبة النظام، بات الآن طرفاً، ووضع النظام كاملا على المحك.. خطاب خامنئي يصب بلا شك في مصلحة المعارضين الإيرانيين، وتحديداً السيد هاشمي رفسنجاني الذي يخوض معركة صامتة مع المرشد منذ سنوات، وإن أصبحت اليوم علنية، حيث باتت الكلمة الآن للسيد رفسنجاني.
فخروج المظاهرات مجدداً مع صمت من قبل رفسنجاني، وهذا من المتوقع، وسيجعل النظام الإيراني في ورطة، فإما أن تمارس السلطات الإيرانية القمع بحق الشعب، وهذا ما لمح إليه المرشد، أو يتم اللجوء إلى رفسنجاني من أجل التهدئة، وحينها سيطلب ثمناً مكلفاً، وقد لا يستطيع التهدئة. فسقف المواجهة الآن بات مرتفعاً بشكل كبير، خصوصاً أن هناك قتلى بين المتظاهرين، وهذا يعني مزيداً من الغضب، ناهيك عن أن أي عنف سيتم بحق من ينزلون إلى الشوارع سيكون الملوم به هو المرشد.
ولذا فنحن الآن أمام معركة كسر عظام حقيقية في إيران، حيث لا بد من أن ينزل أحد الطرفين من فوق الشجرة، كما يقال، فالمخاطرة أصبحت عالية، ولم يعد هناك باب مفتوح للخروج من الأزمة بحلول وسط. فالمخرج الوحيد كان بيد خامنئي، لكن بعد خطابه أمس، فإن المعركة في إيران أصبحت بخروج مغلوب، ولا يقبل فيها التعادل الآن بأي شكل من الأشكال، وما كان سينظر إليه على أنه براغماتية، أو تغليب لمصلحة وطنية، سيعتبر اليوم خسارة كبيرة. فقد تعرضت سمعة النظام كاملة للضرر الداخلي والخارجي، وسقط قناع الديموقراطية المزيف، وثبت أن الشعب كاملا يتعرض إلى عنف دولة، كما بات واضحاً للمجتمع الدولي أن النظام في طهران لا يحظى بإجماع داخلي.
ومن الصعب اليوم التنبؤ بقادم الأيام، لكن الظاهر أن الموجة باتت عالية جداً في إيران، بل أعلى من مَن قادوها في البدء، وكل ما فعله المرشد الإيراني أنه أبحر ضد تلك الموجة المتلاطمة، ولذا فنحن بانتظار ما سيحدث للمركب الإيراني.<