نبيل مصطفى الدفعي
لأول مرة تجمعنا الدفة وعلى بعد أكثر من عشرة أمتار من المقهى الذي نتردد عليه باستمرار ونعتبر من رواده الدائمين أنا والأستاذ توفيق والوالد عثمان والحاج سالم طبعاً بعد أن جمعتنا الصدفة حيا كل واحد الآخر ومشينا مع بعض متجهين إلى المقهى كالعادة لتناول الشاهي بالحليب ومن ثم أو بعد ذلك نتبادل الأحاديث وندردش. . وقبل دخولنا المقهى شدني من يدي الأستاذ توفيق وقال لي مشيراً بيده إلى المقهى. . أنظر من في المقهى جالس. نظرت ثم أجبت إنه الوالد عمر ما الغريب في ذلك ؟ واصل الأستاذ توفيق حديثه باستغراب انظر كيف جالس يحدث نفسه. . . ليس هذه من عادته كما أنه حضوره في هذا الوقت إلى المقهى وليس من عادته فهو لا يخرج من البيت في هذا الوقت إلى المقهى وليس من عادته فهو لا يخرج من البيت في هذا الوقت ! هنا قلت دعنا نذهب ونجلس بجانبه وسنعرف كل شيء. دخل جميعنا المقهى وقمنا بإلقاء التحية على الجالسين ثم اتجهنا لنجلس بجانب أبو عُمر ونتشارك معه نفس الطاولة. الرجل تنبه لنا فرد التحية ولكن لا حظناه أنه لم يكن على عادته والزعل والحزن بادي على ملامح وجهه. طبعا طلبنا الشاهي وشربناه وتبادلنا الأحاديث إلا هو ظل صامتاً لا ندري بماذا يفكر!.
هنا نفذ الصبر والفضول من الأستاذ توفيق وقام مباشرة بتوجيه سؤال ل"أبو عمر" مستعجلاً الإجابة قائلاً خير يا أبوا عمر من ساعة ما حضرنا المقهى وشربنا الشاهي وتبادلنا الحديث كل هذا بجانبك وأنت كأنك غير موجود جسدك هنا وعقلك وروحك في مكان ثاني. أيش في ؟ وما ذا حصل لك إذا كان في مشكلة قول نحن أخوانك سنساعدك.
هنا فاق أبو عمر وتنهد تنهيدة طويلة وقال سمعتكم وأعرب أننا أصبحنا أخوان ولكن ما جرى هو داخل أسرتي في بيتي. ولابنتي الكبرى تحديداً وأرجوا أن تقولوا لي أين الخطاء ومن المخطي. . جميعنا توجهت نظراتنا المشفقة عليه ووعدناه بتنفيذ طلبه ولكن بعد أن يحكي لنا، فبدأ يحكي لنا قائلاً : جميعكم يعرف أنني العائل الوحيد لأسرتي المكونة من ثلاث بنات وأمهم.
الأبنة الكبيرة في سنة ثلاثة بالجامعة وكان المفروض هذا العام تتخرج وتبحث عن العمل لتعاوني في إعالة الأسرة لتحسين الوضع ولكن منذ عام تقدم لها شاب وطلبها للزواج وقد أكمل الجامعة ولكن بدون عمل ويعيش مع والده المتقاعد وأخوان الأربعة وأمهم وقد تعهد والده بكل مصروفاته وزوجته بعد أن يتزوجها وسوف تعيش معهم في نفس البيت. وقد رفضهم ورفض طلب الزواج ولكن ابنتي وقفت ضدي وقالت إنه يحبها وهي تعرفه من الجامعة منذ عام وأنه ممتاز وأنه لن يمانع من مواصلة دراسته وإكمالها وبعد إلحاح منها وإصرارها وموافقة أمها المسكينة التي تعتقد أن نصيبها قد جاء. وواصل أبو عمر حديثه طبقاً وافقت وتزوجت ابنتي وعاشت معهم عام فيه الحلو وفيه المر وصبرت على كل شيء وشاءت الظروف أني توفى أبو زوجها الذي كان يصرف عليهم من معاشه وبعد شهرين من الوفاة بدأت المشاكل مع زوجها الذي كان دائماً عصبي ويتشاجر معها عندما تطلب أي شيء لأنها كانت حامل وبدأت المشاكل بين الأخوان على معاش الأب وبدأوا يفكروا ببيع البيت والبنت أصبحت مثل الضائعة وزوجها لا يبالي فهيا وهي حامل في الشهر التاسع وقد طلبوا منها مغادرة البيت لتذهب إلى عندي حتى زوجها فسمعت كلامهم وجاءت بيت أبوها ليعزها ومن ذلك الوقت لم يحضر زوجها كما أنهم باعوا بيتهم وتقاسموا الفلوس. . المهم حافظت على البنت وقد ولدت طفلاً ولكنها مسكينة مكسورة الجناح وأنا كل يوم أتحسر عليها وأبكي ما رأيكم. هنا صمت الجميع وطيبنا خاطره وتمنينا أن تحدث هذه المأساة لأحد. والله من وراء القصد. .