بقلم :ممدوح طه
ما أكده مشير المصري باسم حركة المقاومة الإسلامية حماس من أن قيادة الحركة في الخارج تسلمت من الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر رسالة مكتوبة تمثل مبادرة شخصية منه تهدف لفتح حوار مع الحركة، يوضح حقيقة ما حمله كارتر من رسائل سياسية مكتوبة من الإدارة الأميركية خلال اجتماعه مع قادة فصائل المقاومة الفلسطينية بدمشق، وبالتحديد مع خالد مشعل رئيس حركة المقاومة الإسلامية «حماس» أو خلال اجتماعه مع إسماعيل هنية رئيس الحكومة الفلسطينية ( المقالة ) في غزة كاسراً الخطوط الحمراء.
خصوصاً مع توقعات رد ما من الرئيس الأميركي على رسالة هنية إلى أوباما في أعقاب انتخابه رئيسا والتي تسلمها جون كيري المرشح الرئاسي الديمقراطي الأسبق خلال زيارته لغزة لتفقد آثار العدوان الإسرائيلي، ويبدو أن مبادرة كارتر بالحوار مع قادة حماس من خلال رسالة مكتوبة جاءت كرد غير مباشر من أوباما كخطوة وسطي بين سياسة الحصار التي اتبعها بوش وسياسة الحوار التي يعتمدها، وكمخرج دبلوماسي للحرج السياسي بين الرد الرسمي أو التجاهل.
والجديد والمهم في هذه الرسالة الأميركية بواسطة كارتر، أنها لم تكسر فقط حواجز الخطوط الحمراء بعدم الحوار مع منظمة «إرهابية» وفق التصنيف الأميركي، بل تجاوزت أيضا شروط الرباعية الدولية التي ترفضها حماس والتي تربط إنهاء سياسة العزل والحصار عن الشعب الفلسطيني في غزة، بإنهاء مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، وبالاعتراف بإسرائيل، والالتزام بالاتفاقيات الفلسطينية مع إسرائيل وفي مقدمتها «أوسلو» وخارطة الطريق!
وإن كان الرد الرسمي الأميركي قد جاء على لسان أوباما نفسه من القاهرة في رسالته إلى العالم الإسلامي حين تجنب وصف حماس بالإرهاب، بل اعترف بأنها تحظى بدعم قطاع واسع من الشعب الفلسطيني، وأن هذا يحملها مسؤولية في التجاوب مع متطلبات السلام، غيرا أنه لم يقدم جديدا معها سوى إعادة ترديد شروط الرباعية الدولية المرفوضة منذ إدارة بوش، وهي ذات الطلبات التي دعا كارتر حماس إلى القبول بها أيضا في مؤتمره الصحافي مع هنية في غزة !
فإن رسالة كارتر التي تحمل الرد الأميركي غير الرسمي تجنبت طلب الاعتراف المباشر بإسرائيل حاليا، بل ركزت في المبادرة الجديدة على مسألتين هما طلب «قبول» حماس «بمبادرة السلام العربية»، و«قبول» الحل القائم على أساس دولتين فلسطينية وإسرائيلية وفقا لخارطة الطريق»، ورأى أن قبول حماس بهذه المبادرة يفتح الطريق أمام الحوار الرسمي مع الإدارة الأميركية ورفع الحظر المفروض على الحركة.
بينما دعا كارتر في تصريحاته إلى البدء ب«مفاوضات مباشرة» مع حماس بهدف المساعدة على حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وقال إنه يدعو «الحكومة الأميركية إلى البدء في أسرع وقت بمفاوضات مباشرة مع حماس»، مؤكدا استحالة التوصل إلى أي تسوية سلمية للصراع إذا استمرت الإدارة الأميركية الجديدة باتباع سياساتها القديمة بالعزل والحصار!
وكلام كارتر على ما يبدو هو ما ستتبعه إدارة أوباما، لأنه عين العقل، إذ انه لم تجد في الماضي، كما لن تجد في المستقبل سياسات إدانة القتيل وتبرئة القاتل والتعامي عن الحقائق والمبادئ العدالة، ولا سياسات العزل السياسي والحصار الاقتصادي والعدوان العسكري، ولأن المجدي كما يبدو هو الحوار، وصولاً إلى الحق والعدل والسلام،على أساس القرارات الأممية المقبولة، وليس بشروط الصهيونية العالمية أو الرباعية الدولية المرفوضة.