بقلم :محمد خالد الأزعر
يوجد في عالمنا اليوم 439 مفاعلاً نووياً للاستخدامات السلمية، يعملون بالفعل في 31 دولة. وهناك 36 مفاعلاً تحت الإنشاء و32 آخرين قيد الدرس. المفاجأة أن الدول العربية تخلو من أي مفاعل في هذا المجال! ليس هذا هو المظهر الوحيد لتخلف العرب عن مسايرة الاتجاه العالمي المتنامي للتوسع في استخدام الطاقة النووية.
فهناك نقص في الثقافة الذرية وكيفية الاستفادة السلمية من علوم الذرة، وتفاوت كبير بين الدول العربية من حيث وجود البنى التحتية العلمية والتقنية ذات الصلة، وفي الأطر القانونية المنظمة للحالة النووية في ضوء الأحكام الدولية، وهناك ضمور كبير في خطط التدريب وتوفير الخبرات، كما يفتقر المواطن العربي لأساليب الوقاية وتحقيق الأمن النووي ، وثلث الدول العربية لم ينضم للهيئة العربية للطاقة الذرية.
كذلك، مازالت الدول العربية معتمدة تماماً على مصادر الطاقة المستنفذة كالنفط والغاز والفحم.. هذا علي الرغم من أنها جميعا ملتزمة بمنع انتشار الأسلحة الذرية، بما يمنحها الحق في تطوير الاستخدامات السلمية للطاقة النووية وتلقي مساعدة الدول المتقدمة وذات الخبرة علي هذا الصعيد. العرب من أحرص الأقوام علي تنظيف منطقتهم من أية أنشطة تطبيقية لتوظيف الطاقة النووية عسكرياً.
وهناك أكثر من دعوة ومبادرة عربية، جماعية إقليمية ووطنية، لإخلاء «الشرق الأوسط» من الأسلحة الذرية وإخضاع دوله للتفتيش وللقوانين الدولية الخاصة بهذا الهدف. لكن هذا التوجه لا يتعارض، بل يتطابق، مع ضرورة الانشغال جدياً وعاجلاً بدخول عصر الاستخدامات السلمية لهذه الطاقة. وقد ثبت يقيناً أن من يتأخر عن هذا العصر سيبلي بخسائر فادحة علمية وتقنية واقتصادية.
كيف لا والطاقة الذرية تمضي بثبات لتصبح من أبرز مدخلات الصناعات الطبية والصيدلانية ومجالات الهندسة والاتصالات والتطور الزراعي ومقاومة الآفات وتوليد الكهرباء وتنمية الموارد المائية وتحلية المياه وتسيير أقوي وأكبر وسائل النقل البري والبحري والجوي؟!
بارقة الأمل وسط هذا المشهد المقبض، هو تصاعد الاهتمام العربي بالقضية، حتى ان آخر ثلاث قمم عربية عقدت بالرياض 2007 ودمشق 2008 والدوحة 2009، خصصت وقتاً وجهداً لبحثها، وأصدرت قرارات تتعلق بها؛ كان من نتائجها الملموسة خروج الهيئة العربية للطاقة الذرية علي الأمة بعمل جامع هو «الإستراتيجية العربية للاستخدامات السلمية للطاقة الذرية حتى العام 2020» وقد نوقش هذا الإنجاز في اجتماع لكبار مسؤولي الطاقة النووية العرب عقد بالقاهرة مؤخراً . الأمر الذي ينبغي متابعته بعد الثناء عليه.