فاروق مقبل الكمالي
وأنا أشرع في كتابة هذه السطور راودتني فكرة أن أبدأ كتابة موضوعي هذا بأداء اليمين القانونية ذاتها التي قرأها أعضاء الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد أمام الشعب اليمني برمته ممثلون بفخامة رئيس الجمهورية لكني تذكرت أن الهيئة نفسها قد أعفتنا من هذه المهمة الشاقة بتوقيعها اتفاقية تعاون مع نقابة الصحفيين اليمنيين في مكافحة الفساد وحينها تذكرت إنني ملزم طبعا كشاب يحول الفساد بينه وبين حق الحصول على وظيفة عامة مثل عشرات الآلاف من الشباب المؤهل من ناحية وكصحفي طبعا بيني وبين الهيئة اتفاقية تعاون ملزمة على قول الحقيقة وفضح الفساد من ناحية أخرى , وليس هذا فحسب فقد تذكرت أيضا أن الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد قد دربتني كصحفي على عمليات التقصي والتحري وأن نائب رئيس الهيئة قد شرفني ضمن ثلاثون صحفيا وصحفية بأجهزة الكمبيوتر المحمول لمساعدتنا على القيام بعملنا بطريقة صحيحة وسليمة , ومن هنا ولهذا كله وجدت نفسي معفيا من أداء القسم الذي لم يعد عندي شك بأنه صار يبحث عن شخص واحد ممن تحملوا المسئوليات الوطنية يبربه ولو خلسة .
وعلى كلٍ مازالت الاتفاقية المبرمة بين كياننا الصحفي والهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد خضراء طرية لم يجف حبرها بعد وهذه فرصة لن تتكرر يجب على كصحفي أن أستغلها في طرح تساؤلاتي التي أستقيها من خضم الأحداث لكي أطرحها بكل صدق وأمانة على مكتب رئيس الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد فوحده رئيس الهيئة من يقدر أن يفتي في هذه التساؤلات التي ربما تكون مهمة جدا في نظري طالما أنني بحاجة لمعرفة رده عليها فكيف سيكون علينا كصحفيين أن نلتزم بالاتفاقية ونشرع في فضح الفساد وفتح ملفاته أين وجد ونحن ندرك أن ثمة عشرات الملفات الخطيرة والكبيرة من ملفات الفساد المالي والإداري قد ضلت طريقها في تحريات الهيئة ولم يعد لها وجود ومن تلك الملفات على سبيل الذكر والتذكير وليس الحصر والتشهير ملف فساد الجمارك وملف فساد شركة سويسرية تعمل في الجانب النفطي لم أعد أتذكر أسمها الآن ؟؟
سيدي رئيس الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد إن الحرص على أن تقوم الهيئة بعملها بكل شفافية يقتضي أن أطرح عليكم هذا التساؤل ليس نكاية بأحد , ولكن لأننا ندرك أن طبيعة عمل الهيئة يفرض عليها وعلى أعضائها أن يكونوا فوق كل الشبهات وبعيدين عن أي تشويه لسمعة الهيئة الوطنية التي يعلق عليها نحو 24 مليون مواطن يمني كل الأمل في تطهير هذا الوطن من الفساد مهما بدت درجة اليأس لديهم بنجاح هذه الهيئة ومهما قسوا في الحكم عليها .
وكيف سيكون علينا كصحفيين أن نرصد حالات جرائم الفساد ونفتح الطريق أمام الهيئة للتحري والتحقيق بعد أن نكون قد شفعنا ما نتناوله بالوثائق والأدلة الدامغة بما يسهل سرعة تحرك الهيئة لملاحقة جرائم الفساد , كيف ونحن نسمع عن اعتماد الهيئة على بلاغات وشكاوى شخصية لا تقدم أية وثائق فيما تداعيه بل تشغل الهيئة في عمليات تقصي وتحري لينتهي بها المطاف أمام بلاغات كيديه في أغلب البلاغات والقضايا ؟
كيف سيكون علينا أن نكون مصدر ثقة من مصادر الهيئة وهو ما يفترض أن يكون ولو لم يكن ثمة اتفاقية , في الوقت الذي تعتمد فيه الهيئة على بلاغات شخصيات وجهات حكومية ملفاتها الشخصية والوظيفية مليئة حد القرف بالفساد بل وتتباهى به بكل عنفوان ؟؟
كيف ينبغي علينا أن نتحدث عن جرائم فساد الأشخاص والمؤسسات والوزارات والمصالح والشركات الحكومية والخاصة وعلى وفق أية معايير للنزاهة , ونحن حتى الآن كصحفيين وصحف لم نلمس أن قامت الهيئة بنشر الذمة المالية لأعضائها قبل مزاولتهم لعملهم الوطني حتى يكون ذلك مقياسا للنزاهة والشفافية ودرءا للشبهات والشائعات وسابقة وطنية تحسب للهيئة وأعضائها ؟؟
وكما تعلمون سيدي رئيس الهيئة فوفق القانون الخاص بالهيئة ووفق قانون مكافحة الفساد فإننا قد وجدنا في العديد من الملفات التي رفعت إليكم من قبل ومن ضمنها ما سبق وأشرنا إليه من قبل جرائم فساد حرمت وتحرم الخزينة العامة للدولة من ملايين الدولارات , ومليارات الريالات , وتحرم الوظيفة العامة من آلاف الكفاءات والمؤهلات البشرية وهذه الملفات ضاعت داخل أروقة الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد بسابق الإهمال أو التساهل ومن حقنا كصحفيين أن نحصل على إجابات وافية وكافية بخصوصها وإن لم تكن قد وصلت بعد فإننا نطالب الهيئة بالقيام بتحرياتها حول تلك الملفات بكل شفافية والإفصاح عن نتائج تحرياتها في هذا الجانب فما نتعشمه أن نكون نحن الصحفيين على خطأ من أن تكون الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد إضافة نوعية إلى الأعباء القاتلة التي يتحملها الوطن وجداراً واقياً يمارس خلفه الفاسدون أبشع صنوف الفساد رغما عما نكتبه ونتحدث عنه بكل صدق وأمانة ومسئولية.<