من تكتيك أعداء الثورة لحصار صنعاء تم تعيين قادة مكلفين على المحاور والاتجاهات الأربعة للعاصمة وذلك على النحو التالي: الاتجاه أو المحور الشمالي كلف المدعو الأمير / عبدالله بن الحسن ومعه عبدالوهاب سنان من أرحب وابن بدرالدين من عيال سريح وآخرون.
الاتجاه أو المحور الجنوبي كلف المدعو الأمير / الحسين بن الحسين ومعه ناجي بن علي الغادر ،وعلي أحمد شعلان والدباء والقاضي وآخرون من مشائخ خولان الطيال.
الاتجاه الشرقي كلف المدعو/ قاسم منصر وبجانبه يحيى القاضي وأحمد مسعد وآخرون الاتجاه الغربي / كلف المدعو الأمير / أحمد بن الحسين وبجانبه شردة وبيت غوبر وآخرون.
وكانت تلك الخطة تركز على قطع الطريق المؤدية إلى العاصمة من كل الاتجاهات والسيطرة على كل المرتفعات المحيطة بها.
وبالرغم من تزايد الضرب العشوائي على المدنيين فقد كان سكان العاصمة في مقدمة المدافعين عن ثورتهم ومدينتهم غير أبهين بتلك الداعيات وأساليب التشويه الهادفة إلى الإساءة للثورة والجمهورية.
وفي الأسابيع الأولى لذلك الحصار تمكن أعداء الثورة من السيطرة على الطرقات المؤدية إلى العاصمة إضافة إلى الاقتراب المتزايد من صنعاء، ومع تزايد الخطر تم استدعاء عدد كبير من القادة العسكريين إلى القيادة العامة لوضع خطة دفاعية متكاملة.
الكلية الحربية في مواقع الدفاع عن الثورة
يقول المؤلف: الحديث عن ملحمة السبعين وكيف تم تنفيذ الخطة الدفاعية يصعب رسم صورة كاملة لها ، ففي تلك الآونة كنت من طلاب الكلية الحربية التي كانت تحتوي على ثلاثة أقسام ، القسم النهائي لطلاب الدفعة السادسة ، والقسم المتوسط طلاب الدفعة السابعة ، والقسم الإعدادي طلاب الدفعة الثامنة.
وقد كلف الجميع بالتمركز في اتجاه جبل نقم ، مع تدعيم أفراد الكلية بثلاثة مدافع من عيارات مختلفة ودبابتين ، كما توجهت كتيبة من لواء النصر مع أسلحة المشاة إلى جبل براش كما تم تكليف فصيلتين مشاة مع دبابتين بالتوجه إلى المرتفعات المحيطة ببراش والمرتفعات المطلة على وادي سعوان، أما في اتجاه المحور الشرقي والطريق المؤدية إلى بني حشيش وغرب جبل الطويل وخشم البكرة فقد سيطرت عليها كتيبة من اللواء الخامس وثلاث دبابات وفصيلة مشاة من الوحدات المركزية ، أما تبة المطلاع والواقعة جنوب طريق مأرب فقد سيطر عليها العميد/ عبدالله دارس والتي سميت فيما بعد "تبة دارس" وأما شمال شرق الروضة فقد تم السيطرة عليه من قبل سرية مشاة ومدفعية م/ ط "مضاد للطيران"، أما موقع مطار الرحبة فقد كان من نصيب كلية الشرطة مع مدفعية وفصيلة دبابات وسرية مشاة من لواء الوحدة وأعداد كبيرة من أفراد المقاومة الشعبية بعد تكوينها وتدريبها.
وبالنسبة لأفراد المقاومة فقد كان معظمهم من طلاب المدرسة الثانوية بصنعاء "مدرسة الثورة سابقاً عبد الناصر حالياً" ، وقد تمت السيطرة على رأس وادي ظهر وجنوب قرية القابل بواسطة فصيلة دبابات ومدفع م / ط مع مجموعة من قبائل همدان، بينما تمركزت سرية مشاة بقيادة/ عبود مهدي في بداية الحصار في موقع جبل قرة المطل على ضلاع وشمال قرية عذران شمال غرب العاصمة.
كما تمركز في غرب العاصمة وبالقرب من منطقة عصر طريق صنعاء الحديدة اللواء العاشر الذي كان حينها حديث التشكيل ، وبالرغم من ذلك فقد كانت له مواقف بطولية نادرة في مقاتلة أعداء الثورة.
وفي جنوب العاصمة تمركزت بعض قبائل حاشد بقيادة الشيخ/ عبدالله بن حسين الأحمر وذلك عند مرتفعات ما يسمى بالنهدين التي بالقرب منها يقع المطار الجنوبي للعاصمة "ميدان السبعين حالياً" الذي تمركزت فيه الوحدات المركزية والشرطة العسكرية مع بعض المدافع م / ط "37 ملم"، أما منطقة الحفاء فقد كانت مزودة ببطاريتين مدفعية ومشاة من النظام ، وفي الجنوب من ذلك الموقع يقع حصن الحمراء علب الذي سيطرت عليه سرية صاعقة مع بداية الحصار لتعود بعد ذلك وفقاً للتوجيهات أما منطقة الجرداء الواقعة جنوب الحفاء وحصن علب فقد تمركزت بها مجاميع من قبيلة سنحان، وأتذكر حينها بأن تلك المجاميع كانت بقيادة / علي عبدالله العرار ومحمد عبدالله صالح، كما تواجدت في الموقع نفسه مجاميع من قبيلة الحداء في بداية الحصار ثم نقلوا بعد ذلك إلى مواقع أخرى.
أبرز معالم ملحمة السبعين
ولعل من أهم معالم ملحمة السبعين وحصار صنعاء هو تكوين المقاومة الشعبية بقيادة المرحوم / غالب الشرعبي ، والتي إنضم إليها أعداد كبيرة من كل أبناء الشعب اليمني ، وكانت قيادتهم تقوم بتوزيعهم وفقاً لخطط وبرامج بالتنسيق مع بقية الوحدات والمواقع المحيطة بصنعاء ويعتمد ذلك التوزيع على الطلب وحجم المهمة.
ويمكن القول بأن فكرة تشكيل المقاومة الشعبية كانت فكرة ناجحة ذات أبعاد وطنية واعية ،ولا يغيب عن الذهن بأن تشكيل المقاومة الشعبية كان بمثابة دعم وسند قوي للقوات المسلحة في ذلك الوقت من تاريخ الثورة والجمهورية خاصة تلك التي كانت داخل العاصمة فقد أثبتت قدرتها في سند القوات المتمركزة خارج العاصمة.
أنواع الأسلحة. . ومهام جديدة
عندما نبحث في نوع الأسلحة التي كانت تمتلكها الجمهورية للدفاع على صنعاء نجدها من الأنواع القديمة والعتيقة ،والبعض منها استخدمت في الحرب العالمية الثانية والبعض الآخر وصلت إلى اليمن قبل الثورة أما الأسلحة للمشاة فكانت من المدافع بي 10 والرشاشات الخفيفة وأسلحة شخصية مثل بنادق تشيكية الصنع،ونصف روسي وجرمل وكندة وشرفا وشميزرات روسية.
ومن الصعب مقارنة تلك الأسلحة بالتي كان يستخدمها أعداء الثورة من ملكيين ومرتزقة ومغرر بهم ذلك لأن أغلبية أسلحتهم كانت من النوع الحديث ذات أعيرة مختلفة ، منها المدفعية ذات المدى البعيد التي يعود إليها ذلك التدمير الكبير الذي تعرضت له العاصمة وغيرها من المدن والقرى المحيطة بها، ومن الجدير بالذكر بأن معظم تلك الأسلحة ذات مصدر أمريكي ، كما أن حجم القوات المسلحة اليمنية المخصصة للدفاع عن العاصمة لا تحتمل المقارنة بقوات العدو، إذ لا يتجاوز أعدادها أربعة آلاف فرد بالإضافة إلى المقاومة الشعبية وبعض رجال القبائل التي أدركت في حينه أهمية المحافظة على الثورة والجمهورية وقد تم توزيع المهام إلى: المحور الشرقي بقيادة / حمود ناجي قائد المظلات المحور الشمالي بقيادة / محمد عبدالخالق والذي يشغل حينها قائد سلاح المدرعات المحور الغربي بقيادة / عبدالرقيب عبدالوهاب الذي كان يشغل مهمة رئيس هيئة الأركان وقائد قوات الصاعقة.