بعد أن تعرفنا لحديث المؤلف عن هجوم أبطال الثورة على الإذاعة التي لم يجدوا فيها أحداً يقول: مع ذلك بقيت أنا وزملائي في الإذاعة وكان عددنا في حدود ثلاثين طالباً، وكان المسؤول علينا هو الأخ/ علي الحبيشي الذي يشغل منصب مساعد الكلية وأقدم الطلاب جميعاً، والذي كان يتميز بالصفات العسكرية والأخلاق الحميدة ولا يحبذ العمل الحزبي أو الدعوة إلى الشللية والمناطقية فقد كان شعاره وشعار المرحلة الوطن والثورة الجمهورية و"الموت" ولا يغيب عن الذهن أن الفترة التي مكثناها في الإذاعة تزيد عن أسبوعين وفي تاريخ 23/11/1967م كثف أعداء الثورة الضغوط على العاصمة صنعاء، وخاصة عن طريق صنعاء تعز وفي منطقة نقيل يسلح، وبلاد الروس وسنحان.
الجمهورية أو الموت
زاد ضغط القوات المعادية للثورة وتقدمهم نحو مشارف العاصمة صنعاء بهدف الاستيلاء عليها والقضاء على الثورة والجمهورية.
وهنا قامت قوات الثورة بالسيطرة والتمركز على المواقع الإستراتجية والمحيطة بالعاصمة والقيام بواجبها للدفاع ودحر قوات المرتزقة وفي هذا الوقت شعرنا بالنقص الشديد في كل شيء وفي المقدمة التسليح والتموين والاتصالات عموماً بما في ذلك الاتصالات السلكية واللاسلكية، وأضف إلى ذلك الجوانب المتعلقة بالنقل و الانضباط والإدارة والتخطيط ، غير أن الذي طغى على كل تلك النواقص وأحقيه اليمن بالتخلص من كل أشكال التخلف الذي سيطر على كل شبر من الأرض اليمنية بأن ذلك الحكم البغيض ومن هذا المنطلق كان يجب التأكيد على تلاحم القوات المسلحة والأمن والمقاومة الشعبية التي ساهمت بفاعلية كبيرة مع من شارك معهم من أبناء القبائل الجمهوريين والمواطنين الشرفاء الأبطال يقود الجميع الفريق/ حسن العمري والكثير من القادة الشرفاء.
وكان ذلك الصمود والتضافر في الاستبسال والشعار المتفق عليه كل ذلك يؤكد مدى حرص كل اليمنيين على ثورتهم ووطنهم وأن الوحدة اليمنية تجملت بتلك المواقف حاملين شعار تلك المرحلة وهو "الجمهورية أو الموت" ولذا كان كل فرد منا سعيداً بالدور الذي يقوم به وهو يدافع عن الثورة ومن هذا المنطلق كان الصمود والتصدي المستميت ومواجهة أعداء الثورة في جبهة واحدة وتكتل وطني جمع كل فئات وشرائح المجتمع اليمني.
فشل محاولات أعداء الثورة في السيطرة على ناحية سنحان
وفي نفس الوقت وصلت أخبار مفادها بأن أعداء الثورة على مقربة من وادي الأجبار والذي يقع جنوب شرق العاصمة ، ووصل الخبر بأن الملكيين احتلوا جبل حروة ذلك الجبل الذي يقع جنوب ريمة حميد ناحية سنحان. . ومع ذلك لم تحصل على معلومات تؤكد ذلك ولم يكن لدينا أي خيار إلا التوجه للإطلاع وبصورة مباشرة على ما يجري في المنطقة والذي هو بالطبع حلقة من حلقات التآمر على الثورة والجمهورية إذ أتضح أن المال والسلاح والإغراءات قد قدمت لبعض القرى المجاورة والمحيطة بالمواقع والمناطق المهمة ذات الطابع الإستراتيجي ، فقد كان أعداء الثورة معهم قوافل المرتزقة يسعون جاهدين للسيطرة عليها.
فأتضح بأنه تحرك من ريمة حميد وأنه مرسل من صنعاء إلى جبل حروة بهدف تموين الدبابات والسيارات في موقع حروة ولكنه لم يتمكن من الوصول إلى الموقع المشار إليه ، وأن الطريق قد قطعت والتي تربط ما بين موقع حروة وريمة حميد، وقوة الملكيين تحكم السيطرة على الطريق وأن المعدات التي هناك شبة محاصرة وربما يكون انسحابها بطيء. . وفي نفس الوقت كانت قد وصلتنا معلومات عن الشيخ/ عبدالله بن حسين الأحمر وجماعته وأنه توجه إلى المنطقة في اليوم السابق لخروجنا لذا كان لابد من استفسار سائق الوايت عن الشيخ وجماعته فأفاد وبعد التأكد من هذه المعلومات عندها قررنا التوجه إلى القرية واللقاء بالشخ/ عبدالله بن حسين الأحمر والاطمئنان عليه، وجدناه جالساً جوار نافذة تطل على وادي الأجبار وتبادلنا التحية وحمدنا الله على سلامته وبادرنا بالسؤال من أين وصلتوا فرد عليه الأخ/ عبدالله فرج قائلاً وصلنا من صنعاء لا نعرف ما يجري في البلاد ويجب أن نسمع منكم ونتعرف على ما يحدث في المنطقة ومن أين تأتي مصادر الرماية، فأشار بيده إلى أطراف وادي الأجبار وقال أن الرماية تأتي من منطقتكم ولربما يكون مصدرها أصحابكم وبعد توقفه عن الحديث أشرنا إلى الشيخ بأن أبناء المنطقة حريصون كل الحرص حتى لو وجد في صفوفهم من المغرر بهم ولا أعتقد أن هناك من يجرؤ على توجيه بندقيته نحوك، طالبين منه الإذن بالتحرك إلى هناك لمعرفة ما يجري في المنطقة "البلاد" من تآمر وكان التحرك سريعاً وبعد وصولنا إلى القرية لم نجد الناس كعادتهم ، ويمكن وصف القرية حولها بأنها خالية من سكانها عندها سيطر علينا الاستغراب وأين ذهب الناس؟ سمعنا بأن البعض منهم في التبات المحيطة "يحتلون مواقع حميد الدين"، والجدير بالذكر أن تلك المعلومات مصدرها إبن الإمام كان يفيد من نلتقي به حاولنا بشتى الوسائل معرفة الحقيقة ولكن دون جدوى بعد ذلك قمنا بالبحث على من يرد على بعض الاستفسارات ومنها أين يتواجد المدعو/ الأمير حسين بن الحسين المكلف بقيادة المنطقة وما هي المهام الذي يلزم الناس القيام بها وأتضح بأنه متواجد في قرية الهجرة وأنه يطلب ويجند السكان مشترطاً أنه بحاجة لكل من يقدر على حمل السلاح ما عدا النساء والأطفال وأن الاستعدادات تتم للتقدم في اليوم الثاني نحو جبل نقم ومدينة صنعاء.
وحكاية ابن الإمام تعني وكأنها رسالة موجهة لكل مواطن وأتذكر في حينها أنه لم يبق مع الثورة والجمهورية سوى عدد محدود بما في ذلك أنا والأخ/ عبدالله فرج من قرية الحضور التي ننتمي إليها وهناك أشخاص من القرى الأخرى ولا يتجاوز عددهم أصابع اليد قد ربطوا أنفسهم مع الأعداء بعد ذلك أشعرناهم بأن الأفضل لهم السيطرة على حدود المنطقة خاصة الحدود التي يريد الأعداء اختراقها إلى قرى وادي الأجبار، وبذلك الحديث أتضح لنا بأن من نتحدث معهم على ولاء كامل للملكيين حيث أن البعض يصف لنا تواجد الملكيين من الشرق إلى الغرب وأن الجميع على ولاء كامل للإمامة ما عدا القليل من الناس ونحن نتحدث معهم ويبالغ البعض منهم بحديثه بأن الإمامة ستبقى حتى قيام الساعة.