جميل شمسان
عندما كنا أطفالاً نقرأ في المعلامة كنا نسمع عن المصاحف وطباعتها ومن أشهر تلك المصاحف المصحف العثماني الذي يحتوي على الزخارف الإسلامية الرائعة وكذا عن المصاحف التي خطها علمائنا الأجلاء باليد وزينوها وزخرفوها بأروع الزخارف الإسلامية ودونوها بقراءات متعددة وقد حرصوا على أن لا يشوبها أي أخطاء أو قصور في النصب والكسر والسكون، وعلى أن يطبع القرآن الكريم كما أنزل من الله جل جلاله ومن الملاحظ بأن بعض الدول الإسلامية تتولى عملية طباعة المصحف الشريف ومنها بلاد الإيمان والحكمة التي خط علمائها المصاحف بأيديهم منذ ظهور الإسلام حتى القرن العشرين وقبل حوالي 24 عاماً وجه فخامة الرئيس وزارة الأوقاف والإرشاد بطباعة المصحف الذي خطه علمائنا بالقراءات السبع فتم رصد مبلغ آنذاك بالدولار وتم الإنفاق على طباعة المصحف مع إحدى المكتبات وحددت المواصفات المطلوبة لطباعة المصحف وتقرر المكان الذي سيطبع فيه المصحف بدولة أوروبية تسمى إيطاليا المشهورة بصناعة المطابع أيضاً.
وشكلت اللجان تلو اللجان وسافرت إلى إيطاليا وصرفت بدلات السفر تلو البدلات وكل ذلك من خزينة الأوقاف ونتج الخلاف بين الوزارة والطرف الآخر المتعهد بطباعة المصحف فتوقفت إجراءات الطبع وتوالت القيادات على الوزارة حتى جاء عام 2005م تقريباً وقد نمت فوائد المبلغ المرصود بالإضافة إلى فارق صرف العملة الذي زاد أيضاً وصارت بمئات الملايين وتم الاتفاق على طباعة المصحف بين الوزارة والتوجيه المعنوي وكان الهدف الأساسي هو شراء مطبعة حديثة لأن المبلغ الذي رصدوا فوائده يكفي لإنشاء مطبعة وزيادة لكن الأقدار حالت بين الإنشاء للمطبعة وطباعة المصحف فغلبت الطباعة على الإنشاء وعلى إثر ذلك تشكلت اللجان والسفر إلى سوريا ولبنان وتعدد الوسطاء الظاهروين والمخفيون وتمت الطباعة للمصحف وظهرت الأخطاء تلو الأخطاء ورغم المراجعة لتلك الأخطاء من قبل اللجنة المشكلة برئاسة الشيخ الجليل وأعيد المصحف إلى الجهة المتعهدة بطباعته لتصحيح الأخطاء وأعيد ومازالت الأخطاء وشكلت اللجان تلو اللجان للمراجعة ولا تزال الأخطاء قائمة وبائنة وتحملت الوزارة مبالغ إضافية باهضة مقابل أجور اللجان المراجعة للأخطاء وأجور اللجان التي سافرت والتي صححت.
ولو نظرنا إلى التكاليف التي طبع بها المصحف لوجدناها أضعافاً مضاعفة عن الأسعار الذي تباع بها المصاحف والتي يحصل من ورائها التجار على أرباح باهضة . والغريب في الأمر أيضاً أن المصاحف التي تطبع وتدخل البلاد لم يكن لوزارة الأوقاف والإرشاد أي دور يذكر للقيام بواجبها هذا ما يخص المصاحف التي تم إدخالها للبلاد أما ما يخص مصحفنا وهو المهم وما به من أخطاء وما نتج من نزوله للأسواق والتداول ببيعه بدون علم الوزارة صاحبة الامتياز والحق.
ونتيجة للتكاليف الباهضة التي دفعتها وزارة الأوقاف والإرشاد مقابل طباعة المصحف اليماني والتي كانت ستنشأ بتلك التكاليف أضخم مطبعة بالجمهورية اليمنية وطبعت الكمية التي ترغب بطباعتها من المصاحف وبعد الانتهاء من الطباعة يمكن للوزارة بيع تلك المطابع ولو بخسارة تساوي الربع أو النصف من التكلفة التي طبعت بها المصاحف الحالية والتي لم يتم توريد ما تبقى منها إلى مخازن الأوقاف وهذا الإجراء يمكن أن نسأل به الاقتصاديون والمختصون في هذا المجال ونتلافى الخسائر التي تعرضت لها وزارة الأوقاف والإرشاد نتيجة تصرف مسؤوليها الغير مدروسة ونحمي حقوق الوقف والواقفين من المتلاعبين الذين لا يهمهم إلا مصالحهم الشخصية فقط.