زياد ابوشاويش
مضت حتى اليوم ست جولات من الحوار ولا شيء يبشر بقرب انتهاء الأزمة رغم إعلان مصر الراعية للحوار عن نفض يدها منه إن فشل هذه المرة، ووصلنا لتاريخ السابع من تموز"يوليو" دون الوصول لاتفاق، ولإنجاح مساعيها وضعت طرفي المشكلة الرئيسيين تحت تهديد فرض الحل بالقوة أو التخلي عنهما كلياً، ثم عادت لتعطي فرصة جديدة لجولة سابعة تبدأ في الخامس والعشرين من الشهر الجاري على أن تعقبها جلسة التوقيع على الاتفاق في الثامن والعشرين من نفس الشهر بحضور الأمناء العامين للفصائل أو من ينوب عنهم، وهذا يعني أن الجولة السادسة لحقت بسابقاتها وتكرر الفشل.
الحديث عن أسباب الفشل المتكرر للوصول للمصالحة وإرساء اتفاق القواسم المشتركة يطول ويتشعب كثيراً في دهاليز الخلافات على عناوين متعددة، لكن ما سمعناه أخيراً من تصريحات للطرفين وخاصة من حماس وخطاب رئيس مكتبها السياسي حول الجولة الحالية للحوار تحدد سبباً رئيسياً للعرقلة يتركز في عملية الاعتقال السياسي الذي تمارسه السلطة في رام الله، ورد فتح بأن ذات السلوك الخاطئ تمارسه حماس في غزة، وكما نرى فقد تراجعت حسب هذه التصريحات باقي الخلافات السياسية والتنظيمية لتصبح ثانوية. إذن أين هي المشكلة والمسألة تنحصر في قرارات إجرائية من السهل تطبيقها الآن أو بعد الاتفاق ويطلق من خلالها سراح كافة المعتقلين من الطرفين؟ لماذا لا يتم الإعلان عن الاتفاق لنريح شعبنا ونبدأ مرحلة الإعمار والتصدي لحكومة نتنياهو المتطرفة؟
هناك على ما يبدو مسائل تخص طرفي الخصومة تحول دون إنجاز الاتفاق، أولها أن الخلاف لم يعد شأناً فلسطينياً خالصاً بل أصبح ضمن آلية البحث عن حلول إقليمية ودولية لجملة قضايا معقدة.. والمسألة الأخرى أن فتح وحماس تشعران أن الاتفاق على الحل قد يرتب عليهما التزامات وتنازلات لا يستطيع الطرفان تقديمها.
وفي نفس الوقت لا يجد الطرفان مناصاً من الاتفاق لأن هامش المناورة ضاق كثيراً ولم يعد بالإمكان الاستمرار في عملية الشد والجذب لإضاعة الوقت في انتظار تغير الظروف أو تنازل أحدهما للآخر.. لهذا نرى ونسمع جملة من المعطيات والتطورات في سياق الحوار تدعو للقلق وتؤشر لإمكانية وقوع الطرفين في المحظور للخروج من مأزقهما الراهن.
وحتى نوضح ما نقصده هنا لا بد من التنويه لخطوة الاحتجاج الشديدة التي أعلنت عنها فصائل ثمانية من فصائل منظمة التحرير عبر مذكرة مشتركة قامت بتسليمها للمستشار بالسفارة المصرية وممثل الوزير عمر سليمان راعي الحوار في مدينة رام الله يوم الاثنين 29/ 6. وقد تضمنت المذكرة جملة من الملاحظات والمحاذير:
- الحوار الثنائي يتسم بمعالجات جزئية تتعلق برؤية الطرفين ومصلحتهما الفصائلية وليس بالرؤية الوطنية الشاملة، ولهذا يجب أن يتوقف هذا الآن ونعود للحوار الشامل..
- خطورة التراجع عما تم الاتفاق عليه سابقاً في عناوين عديدة أهمها ضرورة تشكيل حكومة توافق وطني انتقالية تتولى إعادة إعمار غزة وتوحيد مؤسسات السلطة، والإعداد للانتخابات العامة في موعدها الدستوري، والاستعاضة عن ذلك بإحالة بعض هذه المهام إلى لجنة فصائلية مشتركة دون ضمانات لإنهاء الأمر الواقع المتمثل بوجود حكومتين تدير كل منهما جزء من أرض الوطن.
- إذا جرى فعلاً تشكيل مثل هذه اللجنة الفصائلية فإنها "بلا أي ضمانات" لن تكون اكثر من صيغة تنسيق كونفدرالية بين حكومتيين وكيانيين منفصلين، الأمر الذي يعني قوننة وشرعنة واقع الانقسام.
- إن الحديث والاتفاق على قوة أمنية مشتركة بدل إعادة تشكيل الأجهزة الأمنية على أسس وطنية غير فصائلية وتخضع للقانون يمثل خطوة خاطئة تأكل من شرعية تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية التي ستضم الجميع كما أن مثل هذه الصيغة تعني بقاء الإنقسام أو إبقاء بذور انفجار الوضع مجدداً بالحد الأدنى.
- إن أي تراجع عن صيغة التمثيل النسبي التي تطالب بها كافة الفصائل باستثناء حماس وكذلك التراجع عن نسبة الحسم التي أقرتها كل القوى الفلسطينية بمن فيها المستقلون يعني استبعاد قوى لها حضور كفاحي وتاريخي وليس من مصلحة الشعب الفلسطيني استبعادها...
حان الوقت ليقال للإخوة في فتح وحماس إن عقلية الاستئثار والسيطرة يجب أن تتوارى لمصلحة وحدة الشعب الفلسطيني وأن الوقت ليس مفتوحاً لبقاء هذا الحال المؤسف وأنتم ترون كيف تقوم حكومة العدو الصهيوني بابتلاع المزيد من الأرض وكيف تزداد معاناة أهلنا في غزة والضفة وقد انتظركم شعبنا طويلاً فمتى تمزقون أغلال الوصاية والتخويف.<