;

المرأة الإيرانية في معركة الحرية 914

2009-07-08 02:59:47

وحيد عبدالمجيد

أضفت د . زهراء رهنافارد زوجة المرشح الإصلاحي مير حسين موسوي طابعا جديدا علي الانتخابات الرئاسية الإيرانية العاشرة . فهذه هي المرة الأولي التي تقوم فيها زوجة مرشح لمنصب الرئاسة بدور ظاهر في حملته الانتخابية . فهي لم تكتف بمرافقته في كثير من جولاته الانتخابية , وإنما تحركت بشكل مستقل لدعم حملته اعتمادا علي حضورها في المجال العام وشخصيتها القوية التي لا تستمدها منه .

وكان دورها هذا سببا في توسيع مساحة الاهتمام بقضية المرأة في الحملة الانتخابية في مجملها , وإثارة حماس أنصار هذه القضية ونصيراتها . ولفت انتباه بعض المراقبين شعار رفع بشكل متكرر في كثير من المؤتمرات الانتخابية , وهتف به الهاتفون خلالها , وهو ( لا لطالبان في كابول وطهران ).

ولم تكن د . رهنافارد وحدها التي جعلت قضية المرأة أساسية في حملة الانتخابات الأخيرة . شاركتها في ذلك السيدة فاطمة زوجة المرشح الإصلاحي الآخر مهدي كروبي , التي نشطت بدورها في حملته الانتخابية ولكن بدون هذا الحضور القوي الذي تميز به دور زوجة موسوي .

وبالرغم من أن هذه ظاهرة جديدة في حملات الانتخابات الرئاسية , فهي لم تأت من فراغ . فالدكتورة رهنافارد أستاذة جامعية معروفة تولت رئاسة جامعة الزهراء الخاصة , وهي أول امرأة تصل الي هذه المرتبة الأكاديمية في إيران .

كما أنها مثقفة وفنانة وكاتبة نشطت طويلا في مجال العمل الاجتماعي عموما , وفي العمل الهادف الي تعزيز مشاركة المرأة والشباب خصوصا . كما عملت مستشارة للرئيس السابق محمد خاتمي .

ولذلك فهي كانت معروفة لقطاع غير قليل من المجتمع الإيراني عندما أطلت عليه في صورة زوجة مرشح لرئاسة الجمهورية . وقل مثل ذلك , وإن بدرجة أقل , عن السيدة فاطمة كروبي , باعتبارها أمرأة عاملة أيضا وصلت الي درجة وكيلة وزارة , ونشطت في العمل الخيري علي نطاق واسع وساهمت في حملات لبناء المستشفيات في إطار مؤسسة الشهيد التي يرأسها زوجها .

ولكن بينما أخذ عليها البعض أن عملها في هذه المؤسسة أضفي عليها طابعا عائليا غير مريح , ظلت د . رهنافارد فوق مستوي الشبهات في الأغلب الأعم , ولذلك فعندما شكك الرئيس أحمدي نجاد في سلامة درجة الدكتوراه ( في العلوم السياسية ) التي تحملها , كان ردها عليه قويا واثقا .

ويجمع بين المرأتين , وكثيرات غيرهن ممن يخضن معركة الحرية , الالتزام بالزي المفروض علي المرأة في إيران , ولكن اقتناعا به وليس رضوخا . ترتدي د . رهنافارد الشادور الأسود , وتغطي رأسها تماما حسب مايطلق عليه الحجاب الجيد أي الذي لايكشف أي خصلة من شعرها .

وهذا دليل علي أن حجاب الرأس لا يحجب العقل , وأن المرأة تستطيع انتزاع دورها في الحياة العامة إذا آمنت به وسعت وراءه مهما يكن حجم القيود المفروضة ونوعها . فقد دخلت المرأة الإيرانية مختلف مجالات العمل العام إلا خوض الانتخابات الرئاسية المحرومة منها . ومع ذلك , فهي تناضل من أجل انتزاع حقها في الترشيح لهذه الانتخابات .

فلا يفتح الباب لهذا الترشيح إلا ويكون بين المرشحين عدد من النساء . وكان أبرزهن في الانتخابات الأخيرة رأفت بيات العضوة السابقة في البرلمان , والتي استبعدت كالعادة مع 41 مرشحة أخري شكلن مايقرب من 10 في المائة من إجمالي المرشحين المستبعدين وعددهم 470 مرشحا .

وتقدم المرأة الإيرانية , علي هذا المستوي العام , درسا لنظيرتها في العالم العربي , فكلما ازداد طموح المرأة في الحيز العام , ازداد دورها وقوي حضورها . أما حين تفقد هذا الطموح , أو تقعد في انتظار من يأخذ بيدها , يصبح حضورها رهنا بتشريعات تجعله نوعا من الديكور في معظم الحالات .

وينطوي هذا الدرس علي مفارقة لافتة , وهي أن حضور المرأة الإيرانية غير المرغوب من الدولة وسلطتها العليا أقوي وأكثر تأثيرا منه في حالة المرأة التي تسعي الدولة الي تمكينها في مصر وبلاد عربية أخري . فمشكلة المرأة في هذه البلاد ليست مع الدولة , بخلاف الحال مع إيران . مشكلتها هي مع المجتمع الذي أصابته ردة ثقافية اجتماعية معتبرة , ومع نفسها باعتبارها جزءا من هذا المجتمع .

وهذا الفرق يخلق مفارقة أخري , وهي أن المرأة العربية تتعرض الي تمييز شديد في حياتها الخاصة والشخصية . فهي ترزح تحت نير قوانين وإجراءات تسلب حريتها الخاصة وتحرمها من أبسط حقوقها الشخصية وتجعلها مواطنة من الدرجة الثانية في مسائل الزواج والطلاق وحضانة الأطفال وغيرها , بالرغم من كل ماحققته من نجاح في العمل العام .

فمازالت المرأة الإيرانية هي الفريسة المفضلة للجهاز الذي يطلق عليه شرطة الإرشاد التي تفتش في أخلاق الناس , إذ يهوي كثير من العاملين في هذا الجهاز تعقبها ومحاصرتها وتحويل حياتها الي جحيم . فلهذا الجهاز سلطة علي المرأة ربما تبدو خيالية في عصرنا هذا , إذ تصل إلي حد اعتقال فتيات لمجرد الاشتباه في سلوكهن وإخضاعهن لكشف طبي للتحقق من عذريتهن علي نحو يكسر روحهن ويدمر معنوياتهن .

ولذلك فعندما برز دور د . زهراء زوجة المرشح موسوي في حملته الانتخابية , ألقي مراقبون أضواء علي فيلم سينمائي يعالج مأساة المرأة الإيرانية في حياتها الخاصة لأن بطلته تحمل الاسم نفسه ( زهراء ). وفي هذا الفيلم تسعي زهراء الأخري ( بطلته ) الي تعريف العالم بما يحدث للنساء في قريتها , وتقنع صحفيا تعطلت سيارته عند هذه القرية بزيارة منزلها لتطلعه علي هذا الذي يحدث .

ويقول النقاد الذين يعرفون هذا الفيلم إنه مؤثر الي حد يصيب مشاهده بألم عميق , وخصوصا في معالجته لمأساة ثريا ابنة أخت زهراء . وهي أم لأربعة أطفال يخونها زوجها ويسيء معاملتها , ثم يتهمها بالزنا زورا ليتخلص منها , فيحكم عليها بالموت رجما بالحجارة وفقا للقانون المعمول به في إيران .

وما هذا الفيلم إلا واحد من أعمال إبداعية متزايدة تعبر عن مأساة المرأة الإيرانية في حياتها الخاصة . والي جانب الفن السينمائي , يسهم الأدب بدور لا يقل أهمية في معركة حرية المرأة في إيران . وقد صدرت أخيرا ترجمة عربية لأحد أهم الأعمال الأدبية في هذا المجال , وهو كتاب لوليتا في طهران للأكاديمية الإيرانية أستاذة الأدب الإنجليزي آذر نفيس التي طردت من جامعة طهران بسبب رفضها ارتداء الشادور , فقامت بالتدريس في بيتها .

وهكذا , تواصل المرأة الإيرانية معركتها من أجل الحرية .. بين العمل العام الذي نجحت في فرض حضورها في قلبه , وحياتها الخاصة التي فشلت حتي الآن في الحصول علي حقها في أن تعيشها بدون القيود الهائلة المفروضة عليها .

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد