عصام المطري
هذه الدنيا فيها من الآلام والغصص ما يجعلها رتيبة كئيبة، وفيها من الآمال والحبور ما يجعلها كلها -سعادة في سعادة، فقد جبلت وطبعت الحياة، في هذه الدنيا على التقلب، فلا هي سعادة باستمرار، ولا هي حزن وأقدار وشقاء على طول الخط.. إنما يوم بيوم، ويوم لك ويوم عليك على أن هنالك أناساً خارجون عن هذا الناموس، ، فهم إما في سعادة دائمة أو في شقاء دائم، وهذا حظهم ونصيبهم في هذه الحياة، فلقد عرفوا طريق السعادة وعملوا له، وعرفوا أسباب ومسببات الشقاء فاجتنبوها.. إنهم أناس كمل عقل سعداء.
لقد جال أهل الثقافة والفكر والأدب بخواطرهم بحثاً عن إتباع الحق ، والتحلي بالإيمان وبالبعد عن المآثم والمعاصي، والتحليق عالياً في فضاءات واسعة من الالتزام بالصلاة وأدائها في أوقاتها جماعة في المسجد وإصلاح ذات البين، وطاعة الوالدين فإن طاعة الوالدين سبب كبير في تعرض البعض لشحنات من السعادة الفياضة، فإذا كنت في غربة تقعد قلقاً متوتراً حيراناً حتى ترفع سماعة التلفون وتهاتف والدتك أو والدك، فيخيل إليك أن سحابات الصيف المظلمة ولت إلى حيث رجعة فأنصحك في أن تكون المبادرة دوماً إلى الاتصال بوالديك وأنت في الغربة فهذه طاعة يرضى عنك الله عز وجل ثم ترضى عنك والدتك وأبوك ويدعوان لك ودعواتهما سبباً أكيداً في السعادة يزال بها الهموم والأكدار والأحزان ، ويختفي دونها القلق والتوتر وتوفق في حياتك العامة ، وتسعد أيما سعادة.
إن علينا أن ننظم حياتنا وأوقاتنا، فإن ذلك من السعادة ولا نسوف أو نرجأ عملاً فإن ذلك مجلبة للضيق والهم والكدر، وليكن شعارنا قليلُ دائم خير من كثير منقطع، ونسعى إلى المعالي، ونتزود بالطموح وتكون لدينا أهداف عامة وأهداف خاصة نبغي تحقيقها في الواقع العملي المعيش فالإنسان الذي يمضي في هذه الحياة بدون أهداف خاصة وعامة هو كالرجل الأعمى، فتأتي النتائج والنهايات كمفاجآت لذلك الإنسان الأعمى، ومن كان في هذه الحياة الدنيا أعمى، فإنه في الآخرة أعمى وأضل سبيلاً علماً بأن الناس في هذه الحياة البسيطة لا يتزودون ولا يتسلحون بالأمل، فسرعان ما يتكدرون لغياب مصلحة ، ولضياع منحة دراسية أو حينما يعجزون عن تحقيق بعض أهدافهم الخاصة والعامة في هذه الحياة مما يجعلهم فريسة سهلة للحزن وللهم وللكدر ، فيسودون حياتهم ، ويظلمون على من حولهم، ويكتسبون العنف والاكتئاب والتوتر والقلق الذي قد يصيبهم بقرحة المعدة ويعجل بفنائهم فالقلق ضار جداً بصحة الجسم، وهو يهلك الجسم بسرعة ، ويحطم مقدرات الفرد ويصيبه بالعديد من الأمراض الفتاكة كالسكري وارتفاع ضغط الدم علماً بأن الأمر سهل ولا يحتاج إلى قلق أو تكدر أو اكتئاب أو توتر، فقليل من تلاوة القرآن الكريم تذهب عنك الأحزان والأكدار والاكتئاب والتوتر.
ولئن كانت الحياة مليئة جداً بالاكدار والأحزان والأسقام النفسية فإن ذلك مدعاة إلى الرجوع إلى الله عز وجل والعيش في كنفه، وكنف الهدي القرآني الذي هو شفاء لأمراض الصدور، وتحقيق الاستقامة بمنهج الله عز وجل، وتحقيق التمسك بالدين الإسلامي الحنيف كتاباً وسنة نبوية مطهرة عقيدة وشريعة منهاج حياة، ومن ثم التسلح بالأمل من النائبات وعاديات الزمن وفي أيام الأراجيف والشائعات، وفي ساعات الحزن والهم والكدر ، فحاول أن تعيش للمستقبل وتتطلع وتسلح بالأمل، وكن تواقاً إلى نيل المعالي، وانتظر حظك ورزقك ونصيبك في هذه الدنيا، وثق بالله عز وجل أنه لن يلت عملك ولن ينقصه، فتأمل منحة دراسية على الأبواب واسعى لها، وتأمل بل وأقل تغير حالك المعيشي إلى الأفضل ولا يعرف الحزن واليأس إلى قلبك سبيلاً ، واهتم في أمور دنياك وكن حسن المظهر حسن الباطن والجوهر، واستمع إلى من هو أدنى منك ودع الوساوس والظنون والشكوك،وأحسن معاملة زوجتك شريكة حياتك، واهتم بأبنائك وتابع تحصيلهم العلمي ، ,شجعهم على اكتساب المعالي، واصنع منهم القادة والزعماء وعودهم على الحوار، وثق بأن الله عز وجل أبداً لن يضيعك، وسوف يثيبك على ما تقوم به من أعمال صالحات، وقد يعجل لك الجزاء في هذه الدنيا ، وقد يدخره لك إلى الدار الآخرة، واحرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز وإلى لقاء يتجدد والله المستعان.