;

أزمـــــة المــيـاه في اليـــمـــن ..الحلقة الثالثة : مشكلة شحة مياه الشرب النقية وتناقصها 2411

2009-07-09 06:18:07


شكري عبدالغني الزعيتري

تعتبر الثروة المائية عماد الحاضر والمستقبل وركيزة التنمية والتطور لأي بلد. والجمهورية اليمنية بلد يعاني من مشكلة شح في الثروة المائية لكونه بلد بالأصل يقع ضمن نطاق منطقة جغرافية مناخها الجغرافي (جاف وشبه الجاف ) مما أدي إلي المعاناة من شحة المياه والتي تعتبر اليوم من احد المشاكل الهامة في اليمن و تأخذ أكثر من بعد وتلقي بظلالها على أكثر من صعيد وتمثل تحدياً حقيقياً أمام العلماء والباحثين وواضعي الخطط والبرامج والسياسات العامة لان مشكلة شح المياه تعتبر من أعقد مشكلات التنمية في اليمن وأهم تحدياتها ويمثل تحدي توفير مياه الشرب النقية للسكان في الحضر من المعضلات. إذ أنها ذات أهمية لحياة الإنسان كما أن المياه تعتبر ذات أهمية لإنتاج الغذاء هي أساس للتنمية المستدامة ولأنه يوجد ترابط شديد بين توفر المياه وبين البطالة والفقر والصحة العامة وغيره فان انعدام أو الشحة في توافر المياه يمثل إعاقة للتنمية وإفراز مشاكل اجتماعية فاليمن تعاني الكثير من المشاكل المائية ومقبلة على أزمة مياه خطيرة لطالما تم التحذير منها وشكها وخاصة في الأحواض التي بدأت تعاني الاستنزاف الجائر لمخزونها الجوفي مثل حوض صنعاء وصعدة وذمار ورداع وكثير من المناطق إذ تشير الدراسات المختصة إلى أن حجم الموارد المائية المتجددة في السنة تصل إلي 2500 مليون م3 فيما تصل الاستخدامات المائية إلى 4300 مليون م3 في السنة بعجز سنوي يقدر وفق إحصائيات 2005م 900 مليون م3، ويصل معدل زيادة الطلب على المياه بفعل النمو السكاني والاقتصادي والتمدن السريع إلى 8/سنوياً، وتشير الدراسات إلى أن نصيب المواطن اليمني من الموارد المائية المتجددة يقدر بحوالي 731م3 وفي بعض المصادر 150م3 وفقاً لعدد السكان أي أقل من خط الفقر العالمي المقدر بحوالي 1000م3 في السنة المتوسط العالمي ونكتشف من خلال هذه الأرقام حقيقة الأزمة التي تعانيها اليمن من المياه. وتشير الهيئة العامة لحماية البيئة في تقريرها للوضع البيئي في الجمهورية اليمنية للعام الماضي إلى أن القدرة المتجددة من المياه الجوفية لا تتجاوز 40% من الموارد المائية العذبة مضيفاً أن من تلك النسبة يوجد هناك استنزاف جائر لمعظم الأحواض الجوفية خاصة في الجزء الغربي من البلاد حيث يقطن 90% من السكان الريفيين المعتمدين على الاقتصاد الزراعي إضافة إلى وجود ميزان مائي مختل نتيجة للاستخراج غير المراقب للمياه الجوفية واستنزافها بوتيرة عالية من الآبار الارتوازية المحفورة آلياً التي بلغت نهاية 2004م بحسب تقديرات البنك الدولي أكثر من 55. 000 بئر، كذلك عجز مائي سنوي مقدر بأكثر من بليون متر مكعب وتوقع تقرير الوضع البيئي أن حوض صنعاء سوف ينضب في اقل من عقد من الآن نتيجة كمية المياه الجوفية المسحوبة سنوياً التي تصل إلى 264 مليون متر مكعب مقارنة بتغذية قدرها 59 مليون متر مكعب بمعنى أن هناك عجزاً سنوياً ب 205 ملايين متر مكعب إي حوالي 50% من كمية التغذية تسحب من الرصيد المائي المخزون حديثاً وقد وضحت الإحصائيات في تقرير خاص عن الوضع البيئي أن عدد الآبار في حوض صنعاء بلغت 13425 بئراً منها 4048 بئرا أصابها الجفاف وبلغت نسب السحب من مجموعة أحواض المرتفعات الوسطى 500 مليون متر مكعب بالمقارنة مع تغذية قدرها 100 مليون متر مكعب اي بنسبة 400% عجز يسحب من الرصيد. كذلك لا يختلف الأمر في حوض تهامة الذي ارتفع السحب السنوي فيه ليصل إلى 810 ملايين متر مكعب بالمقارنة مع تغذية قدرها 550 مليون متر مكعب بزيادة قدرها 47% من معدل التغذية. وتبقى اليد الطولى في تدهور الموارد المائية إلى سوء استهلاك الإنسان له، فالإفراط المستمر باستخدامات المياه من المصادر الشحيحة يفاقم المسألة ويعرض معظم الأحواض الجوفية لخطر النضوب خاصة في أحواض تعز وأب والمرتفعات الوسطى والشمالية والمناطق الساحلية، وفي محافظة عمران يؤكد الخبراء أن ارتفاع عدد الآبار بقاع البون بعمران إلى أكثر من 2600 بئر مطلع العام الجاري، مشكلة حقيقية تهدد حوض قاع البون بنفاذ مخزونه المائي. ولفت إلى أن معدل ما يستنفذ من المياه الجوفية في قاع البون يصل إلى77 مليون متر مكعب، فيما لا يتجاوز معدل التعويض لتلك المياه عشرة ملايين متر مكعب وبحسب تقرير حماية البيئة يستثنى من ذلك حوض حضرموت في المنطقة الشرقية الذي يقدر مخزونه الجوفي ب «4- 10» مليار متر مكعب إي بنسبة 96% من إجمالي المياه الجوفية في البلاد. إلا أن الخبراء يحذرون من خطر تلوث وشيك يهدد مصادر الحوض ناجم عن إعادة الحقن للمياه العادمة المصاحبة لإنتاج النفط خاصة في أحواض المسيلة وشبوة من خلال 15 بئراً في المنطقة مما قد يحد مستقبلاً من استغلالها اقتصادياً واجتماعياً وانعدام جدواها الفنية للتنمية والاستثمار. كثير من يعتقد ان الفرد واستهلاكاته الشخصية للمياه هو مصدر أزمة المياه في اليمن وهذا اعتقاد يجانبه الصواب فما تشير إليه البيانات أن حصة الفرد في بلادنا من الموارد المائية المتاحة لا تتعدى 110 أمتار مكعب سنوياً. والذي يستأثر بمعظمها هو قطاع الزراعة بنسبة تصل الى 95%. حيث يقدر نسبة عدد المستهلكين من شبكة المياه العامة في المراكز الحضرية بحوالي 60% وفي المناطق الريفية بحدود50%. واعتماداً على مصادر هيئة حماية البيئة فإن أمانة العاصمة التي يبلغ المقيمين فيها ما يقارب مليوني نسمة فقط يتم إمداد 46% من المستهلكين بالمياه النقية للمنازل و80% من الحوض الذي كان يمدها بمياه الشرب قد نضب وتلوث بيئياً وجفت اغلب الآبار التي يتم تعميقها من 1200 متر إلى 1700 متر ما يؤكده المراقبون وخبراء البيئة أن الوضع الحالي لمدينة صنعاء كارثي يجعل منها من أوائل عواصم العالم المهددة بالجفاف، وكذلك الحال في محافظة تعز الذي نضب الحوض الجوفي الذي يمد المدينة بمياه الشرب المتردية النوعية التي يبلغ ملوحتها 1350 ملغم لكل لتر. وبحسب تقرير الوضع البيئي في الجمهورية اليمنية للعام الماضي المتعلق بالموارد المائية بمحافظة تعز انه تم هذا العام حفر 17 بئراً في حقل حوران بالحوجلة للتخفيف من المشكلة، وهذه الأوضاع المأزومة تكررت في مدن أخرى وقابلة للتكرار في باقي المدن وقد بدأت مؤشراته في مدينة عدن حيث تعاني من اختناقات شديدة تصل فيها المياه مرة في الأسبوع في مدينة ساحلية حارة شديدة الرطوبة. تقول البيانات والدراسات التي جمعتها هيئة حماية البيئة عن وضع الموارد المائية في عدن ولحج وأبين إن حقل تبن في لحج الذي يبلغ إجمالي الآبار فيه 19 بئراً ينتج 1000 متر مكعب في الساعة الواحدة، هذا البئر انخفضت إنتاجيته إلى 250 متراً مكعباً في عام 2008م كذلك الحال في حقل الرواة بالحصين في محافظة أبين الذي يضم 19 بئراً كان ينتج 30 ألف متر مكعب في الساعة يتم سحب 30% منها لمحافظة أبين ويبقى 21 ألف متر مكعب في الساعة تضم لمحافظة عدن والآن تراجعت إنتاجية الحقل إلى 1000 متر مكعب في الساعة بسبب حفر أكثر من 500 بئر في الأعوام 2003- 2005م ويصل للمشتركين في عدن منها 750 متراً مكعباً. هذا الوضع المأزوم التي عليه كبرى المدن اليمنية لاشك انه سيسحب نفسه على باقي المحافظات اليمنية وها هو الواقع يسفر عن حقيقة صارخة فلحج الخضيرة وأبين وشبوة يستنجدون الغيث والأطفال والنساء يتدافعون على مصادر المياه وكذلك الحال في محافظات أخرى. ورغم ذلك فالمواطن اليمني مازال بحاجة لكميات أعلى مما هو متاح له في الوقت الراهن لتغطية احتياجات أكثر من 20 مليون نسمة للاستخدامات المنزلية والمحددة وفقاً للمعايير الدولية 100 متر مكعب لكل فرد بالسنة، إي انه يحتاج أكثر من ملياري متر مكعب فقط للاستخدام المنزلي. . اتبع بالعدد القادم غدا الحلقة الرابعة بعنوان ( هدر واستنزاف المياه الجوفية في زراعة القات )

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد