نواصل في هذه الحلقة ما أشرنا إليه في الحلقة الفائتة عن محاولة العدو استعادة قواه بهدف إحكام الحصار على صنعاء الذي فشل فيه مراراً رغم كل المحاولات.
ويواصل المؤلف الحديث بقولة : وقد كلف أحمد الحسين للقيام بالمهمة على أمل تحقيق نصر لتعويض تلك السلسلة ن الخسائر التي تكبدتها قواهم في السابق، خاصة في المرتفعات الشرقية بصنعاء، وقد كان يعد العدة بهدف إحكام السيطرة على المرتفعات الغربية بما في ذلك طريق عصر الذي كان يتواجد عليه اللواء العاشر مع فصيلة دبابات، وأن معظم أفراد اللواء كانوا حديثي العهد في الالتحاق بالقوات المسلحة إضافة إلى صغر سنهم وكان يقود اللواء المرحوم/ طاهر الشهاري الذي كان مسؤولاً عن حماية جبل عصر خلال فترة الحصار ، كما أن الأخ/ حمود الشبامي كان قائداً لأحدى الكتائب وكان حينئذ برتبة نقيب والأخ/ محمد ريحان قائداً لفصيلة الدبابات ويساعده الأخ/ علي زيدان الذي فقد يده ورجليه،وهناك الكثير من الأبطال الذين قاموا بأدوارهم البطولية ومن جرح أو استشهد.
وقد كان / أحمد بن الحسين يسعى لتحقيق ما يهدف إليه مستخدماً المال والسلاح وما يروجه من إشاعات خادعة وكاذبة لحشد مجاميع كبيرة من المواطنين حوله.
وقد تمكن من مخادعة وتضليل البعض عن طريق الودود بالرتب العسكرية والعمل في وظائف معينة.
ثم قام بتحديد موعد الهجوم بتاريخ 4/1/1968م غير آبه بما قد يتعرض له المواطن المخدوع من هلاك ، وفي الساعة العاشرة من مساء ذلك اليوم كانت بداية الهجوم الذي استمر حتى قرب الفجر وكان يخيم على الموقف الكثير من الغموض والتخوف باعتبار أن معظم أفراد اللواء العاشر كانوا يفتقرون إلى الخبرة القتالية لعدم اكتمال برامج التدريب، وكان ذلك اللواء من ألوية المشاة التي شكلت بعد قيام الثورة في سبتمبر 1962م، إذ تأسس ذلك اللواء في سبتمبر 1967م وقد تعايشت مع تلك المعركة من البداية وحتى النهاية بين الطرفين حتى توقفت المعركة دون معرفة المهزوم أو المنتصر ومع بزوغ فجر يوم 5/1/1968م هلت علينا بشائر النصر العظيم تلوح في الأفق معلنة انتصار الثورة والجمهورية، وتم إيصال عدد كبيرة من جثث قتلى الأعداء إلى ميدان التحرير ليثبت بذلك أفراد وضباط اللواء العاشر قدرتهم وكفاءتهم في الصمود والدفاع عن العاصمة في المواقع التي كانوا يتمركزون فيها ومن معهم من الأحرار والوطنيين من أبناء القبائل.
وبالرغم من حداثة اللواء واعتماده على نسبة كبيرة من صغار السن إلا أن القيادة الناجحة والشجاعة النادرة لأفراده وضباطه الناتجة عن الإيمان بالقضية التي يدافعون من أجلها كل ذلك مكن لهم من دحر المرتزقة والمغرر بهم ومن معهم من خبراء الحروب العرب والأجانب وفي نفس الوقت كانت أغلب المواقع المدافعة عن العاصمة تراقب القتال في ذلك الاتجاه الذي استمر أكثر من ثمان ساعات متواصلة وهو الدرس الرابع من نوعه منذ بداية الحصار وبعد رحيل الجيش المصري بقوامه الكبير وتشكيلاته الحديثة والذي ترك فراغاً على إثره توهم أعداء الثورة بإمكانية تحقيق طموحاتهم، دون أن يضعوا في حساباتهم إيمان الشعب اليمني وصلابته التي جعلت من الجيش اليمني الحديث العهد والخبرة يضرب المثل الفريد في الصلابة والاستبسال في الدفاع عن الثورة وحمايتها من كل محاولات الأعداء.
العملية الثانية لطلاب الكلية الحربية
بعد نجاح العملية الأولى لطلاب الكلية التي شاركت فيها مجموعات الإغارة في قصف أعداء الثورة الذين كانوا يسيطرون على مواقع متقدمة في سلسلة جبل براش المجاور لجبل نقم والذين كانوا يستخدمون مدفعية ورشاشات من عيار "75 ، 50 بوصة" في ضرب المواقع التي كان يتمركز فيها أفراد السرية الثانية في المرماحة التي أصبحت شبه محاصرة داخل الخنادق والدشم خاصة أثناء فترات وضوح في النهار نتيجة لقرب المواقع من بعضها.
بعد ذلك قام الأخ/ محمد علي الجبري مدير الكلية الحربية بزيارة لمسرح العمليات إذ كان متابعاً للأحداث أولاً بأول وشاهد القصف الذي تعرض له الموقع، وحينئذ أصدر توجيهاته بتنفيذ عملية إغارة على تلك الأسلحة مسنداً قيادة العملية للأخ الملازم أول/ عبدالرحمن فايع وصدور تلك التوجيهات كان يعني بالنسبة لنا بداية العملية الثانية عندها قام الأخ/ عبدالرحمن فايع بدورة بوضع خطة الإغارة والإعداد للجماعات المكلفة بالقيام بالعملية وحددها بثلاثة مجاميع وكنت أحد أفراد تلك الجماعات، ومن ثم طبقنا عملياً مفهوم الإغارة والتي أجاد الأخ/ عبدالرحمن شرحها ومراحل تنفيذها وفقاً لتلك القواعد التي تلقاها طلاب القسم النهائي من الكلية الحربية،وبنهاية التدريب ومعرفة الجوانب المهمة في العملية كنا في انتظار أوامر التحرك.
وقبل ظهور ملامح صباح اليوم التالي صدر ما كنا في انتظاره وبدأ التحرك من الموقع وفقاً للترتيب المتعارف عليه ابتداءً بمجموعة فتح الثغرة، تليها مجموعة الاقتحام وأخيراً مجموعة الوقاية.
وعندما تقدمنا في اتجاه مواقع أعداء الثورة شاهدنا أحد أفراد المرتزقة يجلس على صخرة كبيرة وظهره نحونا ومباشرة قام أحد الزملاء بإلقاء قنبلة يدوية كان يحملها بيده في اتجاه ذلك الشخص ولكن صيحات النصر المعتادة لذلك لم تردد!! وذلك لأن القنبلة الملقاة لم تنفجر! وكانت القنبلة صينية الصنع وكان يطلق عليها اسم "أبو عودي" ومن ثم فقد صار لزاماً علينا إطلاق النار قاذفين القنابل الهجومية ترافقها صيحات النصر، وبهذه العملية يكون طلاب الكلية قد نفذوا العملية الثانية ليتحول الدفاع إلى هجوم ومطاردة أعداء الثورة والاستيلاء على الأسلحة.