;

أزمـــــة المــيـاه في اليـــمـــن .. الحلقة الرابعة: هدر واستنزاف المياه الجوفية في زراعة القات 1569

2009-07-12 02:46:33

شكري عبدالغني الزعيتري

يواجه اليمن تحديا كبيرا ومتصاعدا في توفير المياه التي يتناقص مخزونها الجوفي مقابل تزايد الطلب عليها والاستنزاف الجائر للأحواض المائية حيث باتت العديد من الأحواض المائية في المدن الرئيسية مهددة بالنضوب خاصة في المحافظات والمدن التي تنتشر فيها زراعة القات وان الزراعة ترتبط بمشكلة الاستنزاف والهدر الجائر لمياه الشرب النقية الجوفية وبدرجة رئيسية يتم من وراء زراعة (القات) اذ يصل استهلاكه للمياه النقية الجوفية إلى 30 %- من المخزون المائي الجوفي وعلى حساب الاستخدامات المنزلية والصناعية، ويقدر استهلاك القات من الماء بحوالي (800) مليون متر مكعب سنوياً، وفي أمانة العاصمة صنعاء وحدها تقوم حوالي (4) آلاف بئر بري القات بطريقة غير منظمة وهو يؤدي إلى انخفاض المياه بمتوسط (3 - 6) أمتار سنوياً، وقد ارتفع الطلب على القات في العقود الثلاثة الأخيرة بسبب ارتفاع الدخول (طفرة الثمانيات) والتوسع في حفر الآبار الجوفية؛ مما جعل مضغ القات يتحول من عادة تمارس من حين إلى آخر، إلى سلوك يومي لدى المجتمع اليمني رجالا و نساءً. وتتوقع "الإستراتيجية اليمنية حتى عام 2025" أن الاستمرار في استخراج المياه-وفقا ًلمعدلات الإنتاج والاستهلاك الحالية - سيؤدي إلى اضطرار سكان الريف المعتمدين على الري إلى ترك الزراعة والهجرة إلى المدن -التي بدورها تعاني من شح المياه وهو ما سيترتب عليه آثار اجتماعية واقتصادية مزعجة. وأن العدد الهائل من الآبار الإنتاجية في حوض صنعاء التي بلغت ( 7 ألاف و 963 ) بئر إنتاجي من إجمالي الآبار المحفورة على الحوض والبالغة ( 13 ألف و425 ) بئر حتى عام 2002م حسب تقرير وزارة المياه والبيئة، مؤشراً خطيراً يهدد بنفاذ مخزون المياه الجوفية. حيث أن الاستهلاك السنوي من مياه الحوض تصل إلى 258 مليون متر مكعب مقارنة مع الكمية القليلة المتجدد سنويا في الحوض والتي تقدر ما بين( 80 إلى 120 ) مليون متر مكعب فقط. وبحسب الدراسة فإن الطرق الاصطناعية في عملية تغذية وزيادة المخزون الجوفي للمياه والمتمثلة ببناء السدود والحواجز المائية التي تعد أحد العوامل المساهمة في إيجاد توازن مائي، لا تشكل سوى ( 1 - 2) بالمائة مقارنة بمشاريع حفر آبار جديدة للشرب والزراعة. معتبرة تلك الآبار النزيف الأكبر للأحواض المائية في عموم محافظات. وقد حذر خبراء وأكاديميون في مجال الزراعة في اليمن من أزمة متفاقمة جراء الاستنزاف الجائر لمخزون المياه الجوفية، خاصة أن الجزء الأكبر من المياه المستخدمة في الزراعة تذهب للقات الذي يستهلك ما يزيد عن 30 % من المياه. وتضمنت التقديرات الإحصائية والتي تشير إلى إن عدد أشجار القات المزروعة في اليمن وصلت إلى قرابة 260 مليون شجرة عام 2007م. وأن مساحة الأراضي المزروعة بالقات في اليمن بلغت العام الماضي( 136 ألف و138 ) هكتار مقارنة ب(123 ألف و933 ) هكتار عام 2005، و( 110 آلاف و293 ) هكتار عام 2002م. إن هذا التوسع الهائل في زراعة القات يترتب عليه أضرار وخيمة تتمثل في استنزاف مخزون المياه الجوفية. إلى جانب تقليص الرقعة الزراعية للمحاصيل الأخرى اللازمة للأمن الغذائي، إضافة إلى ظهور الأمراض المستعصية بسبب الأثر المتبقي من المبيدات على أعشاب القات". وتشير الدراسة إلى أنه ما لم تنخفض مسحوبات المياه وتقليص استخدامها في الزراعة وخاصة زراعة القات فستكون هناك آثار وخيمة على موارد المياه للاستخدامات المختلفة في الزراعة والصناعة والمنازل، كما أن تكاليف ضخ المياه سترتفع إلى مستويات غير اقتصادية؛ مما يؤدي إلى نهاية الزراعة المروية والمعتمدة على مياه الآبار. وتشير إحصاءات وزارة التخطيط والتنمية اليمنية إلى أن ( 95%) من استخدام المياه في اليمن يتجه للزراعة؛ مما اقتضى البحث عن خطة ترشيد استهلاك الماء في الإنتاج الزراعي، والتوفيق بين الرغبة في تحقيق اكتفاء ذاتي في إنتاج الغذاء - التي قطعت اليمن فيه أشواطا ًمعقولة إلا انه كان علي حساب استنزاف وهدر مخزون مياة الشرب النقية الجوفية. نخلص إلي القول لما قاله الخبراء بان عملية استنزاف المياه الجوفية لزراعة القات تشكل بؤرة خطيرة أثرت على كمية المخزون المائي للأحواض والمصايد المائية في أودية وقيعان اليمن وخاصة تلك التي تتناسب الظروف المناخية فيها لزراعة شجرة القات. حيث تعتبر شجرة القات من أكثر المزروعات استنزافا للمياه في اليمن فطبقا لنتائج البحوث التي أجرتها هيئة البحوث الزراعية واستمرت ثلاث سنوات وعرضها الدكتور احمد الحضراني في كتابة موسوعة القات العلمية، أن القات يستحوذ على( 11% ) من إجمالي المياه المستخدمة في الزراعة ويقدر الاستهلاك المائي للقات ب(6279 ) متر مكعب للهكتار أي أنة يفوق استهلاك القمح ب(4252) متر مكعب هكتار ويستهلك القات في محافظة صنعاء حوالي( 60 ) مليون متر مكعب سنويا من المياه وهو ضعف ما يستهلكه سكان العاصمة من الماء، أما منظمة الأغذية والزراعة "الفاو"فقد أصدرت تقريرا في عام (1995)أشارت إلي أن استهلاك القات للمياه يقدر ب( 800 ) مليون متر مكعب سنويا مقابل 25 ألف طن من القات أي أن الطن من القات يستهلك (32 ) ألف متر مكعب من المياه بمعنى آخر تستهلك ربطة القات الواحدة (16 ) متر مكعب من المياه وتشكل هذه الكمية من المياه(8% ) من متوسط نصيب الفرد في اليمن من المياه في السنة. أضف إلي ذلك انه يتم عملية هدر ظالم للمياه الجوفية المسخرجه سنويا بسبب استخدم طريقة الغمر في ري مزارع القات وهي طريقة تقليدية تستنزف المخزون المائي بطريقة كبيرة جدا وسريعة وتكمن المشكلة في زراعة القات أننا لا نملك رؤية واضحة وشفافة في كيفية التعامل مع هذه الشجرة فإما رؤية وهدف تمنع زراعة و تسويق القات وإستراتيجية وطنية لمحاربته والقضاء علية أو عمل مراكز بحثية وإرشادية تعمل على إيجاد شتلات أكثر تحملا للجفاف وأكثر إنتاجية ومقاومة للحشرات والأمراض التي تصيب هذه الشجرة وكذلك إرشاد المزارعين ودعمهم في استخدام الطرق الحديثة في ري مزارع القات سواء كان عبر التنقيط أو الرش أو استيراد القات من أثيوبيا حفاظا على المخزون المائي وبالتالي نساهم في الحفاظ على المخزون المائي من العبث اللامسؤول. اتبع بالعدد القادم غدا الحلقة الخامسة بعنوان ( أسباب استنزاف مياه الشرب النقية الجوفية)

Shukri_alzoatree@yahoo. com

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد