محاولات خطيرة تتحطم على صخرة الدفاع البطولي
يواصل المؤلف حديثه في هذه الحلقة عن حادث الانفجار الذي أودى بحياة النقيب/ أحمد حميد إذ استشهد زميله في موقف مفجع تهشمت كل أعضائه فيه ويقول المؤلف كما سادت الفاجعة والأحزان عامة الناس وأهله وذويه، عندها توجهت بالحمد والشكر لله عز وجل، على نجاتي من الحادث حيث كنت قاب قوسين أو أدنى من التعرض لنفس المصير، فترحمنا على الشهيد مواسين أهله وذويه بالتعازي والمجابرة.
وتلك كانت أول محاولة خطيرة من جانب المرتزقة لقطع الطريق ومعهم المأجورين، وكنت وقتها أتذكر إصراري على الخروج معه، والعودة إلى الإيمان وقدرة الخالق سبحانه وتعالى وأن الحياة والموت بيد واحد أحد لا يتقدم فيها ساعة ولا يتأخر وأن ما حدث أجل محتوم وعلمه عند الله.
وقد كان الأخ/ أحمد حميد من أبناء قرية الجرداء التي كان عرضةً للضرب كل يوم بما في ذلك الهجمات الشرسة ليلاً، الأمر الذي أشاع اعتقاد أعداء الثورة بأن تلك القرية بأيديهم وأنه بإمكانهم الانقضاض عليها في أي وقت حيث لم يبق فيها إلا عدداً محدوداً ، ومنهم قائد المنطقة النقيب/ علي القاضي وأبناء البهسلي وجميعهم من بني الأحمر عدا علي العرار الذي هو من أبناء قرية الجيرف سنحان، وأبناء البزاغي الثلاثة ، أما أبناء الهيجة/ علي وقناف منهم من دار سلم، وأتذكر من أبناء وادي الأجبار/ أحمد سجين والأخ/ عبدالله صالح فرج وكذلك الأخ/ محمد علي حنش، وهنالك من شباب الجرداء، والذين كان لهم أدوار في الدفاع عن قرية الجرداء.
إضافة إلى ذلك كانت هنالك مجموعة من قبائل الحداء في بداية الحصار بقيادة الشيخ/ ناجي بن علي البخيتي والذي استشهد عندما أنفجر به لغم، وقد وجدنا بعد استشهاده صارت تلك المجموعة بدون قيادة، الأمر الذي أدى إلى وجود بعض المشاكل وعدم الالتزام من قبلهم حتى طلبنا منهم مغادرة القرية خلال ثمان ساعات وذلك بعد حدوث أعمال نهب وتقطعات، حيث كانت تلك المجموعة لا تلتزم بالمسؤولية والواجب الذي جاؤوا من أجلة وبعد رحيلهم لم يبق في القرية سوى قبيلة سنحان الذين تميزوا بالتحلي بالمثل وكانوا على إيمان بالمسؤولية وعلى إدراك لخطورة الموقف وبالتالي استشهد منهم عدد كبير أذكر منهم / أحمد يحيى القاضي.
أول عملية على طريق ريمة حميد ووادي الأجبار
كان من ضمن المهمات في تلك المرحلة المهمة التي قام بها الأخوان/ أحمد شجين، وعبدالله صالح فرج، بتكليف من قيادة منطقة الجرداء مع فرد من المهندسين العسكريين المرابطين في موقع الحفاء،وهي قطع طريق "ريمة حميد ووادي الأجبار" والتي كانت تمد مواقع الملكيين في "دار الحيد" بالذخيرة والعتاد وتمكنهم من نقل الخبراء والأجانب التي المواقع الذي يتمركز فيها المدعو/ أبن الحسن في غول فاقل جنوب قرى وادي الأجبار ومنها يتناوبون على قصف مواقع الثورة والجمهورية.
وبتنفيذ تلك المهمة فإن الأعداء سيفاجؤون بوضع ألغام في المداخل المؤدية إلى المواقع الهامة لهم.
وفي نفس الوقت كانت الدولة قد سبق لها الإعلان لكل المواطنين عن منح أي مواطن يقوم بإلقاء القبض على أي مرتزق من الأجانب أو يتمكن من قتل أحدهم فإن الدولة سوف تمنحه مكافأة مالية قدرها "عشرة ألف" ريال وكان ذلك المبلغ يساوي أو يزيد عن عشرة ألف دولار ولذلك يعتبر مبلغاً مغرياً في ذلك الوقت.
وعودة إلى تلك المهام التي كلفنا أولئك الزملاء القيام بها خاصة بعد أن تدربوا على كيفية زرع الألغام مع المهندس الذي وصل من موقع الحفاء والذي خرج معهم في تلك المهمة، عندما كان النقيب / علي عبدالله العرار غائباً عن المنطقة وكنت أقوم بعمله شاعراً بحجم المسؤولية وأتحاشى أي خطأ قد يحدث نتيجة التصرفات الخارجة عن حدود الدفاع عن القرية.
سيارات الجمس الأمريكية تناصر الملكيين
وتلك هي الحقيقة فقد كانت فكرة الأخ/ أحمد مهدي شجين التي تبناها نتيجة لإيمانه بالثورة والجمهورية إيماناً لا يتزحزح حيث كان لا يفرق بين حجم المهمة مهما كبرت أو صغرت باعتبار ذلك واجباً طالما نحن ندافع عن الثورة ونواجه الأعداء من ملكيين ومرتزقة. . . وأننا كنا في انتظار وشوق لمعرفة نتيجة المهمة حيث لم نسمع أي انفجارات بالرغم من أننا نشاهد أعداداً كبيرة من السيارات الخاصة بالملكيين متحركة من ريمة حميد إلى وادي الأجبار والتي كان يطلق عليها "بالونيتات" وهي في الغالب سيارات من ماركة فورد أو جمس الأمريكية الصنع، وبالطبع كانت هي التي تجوب المناطق دون غيرها علماً بأن المواطنين في ذلك الوقت كانوا لا يملكون سيارات من ذلك النوع أو من أي نوع آخر.
وبعد انتظار طويل حتى قرب الفجر حدث انفجار شديد في نفس الاتجاه الذي تحركت المجموعة المكلفة بالمهمة نحوه وبعد مرور ما يقارب من ساعة ونصف من الانفجار وصل الأخوان / أحمد شجين وعبدالله صالح فرج ولم يصل معهم المهندس وهو رفيقهم الثالث في المهمة وعندها طلبنا منهم معرفة أين ذهب المهندس وما هي أسباب التأخير في أداء مهمتهم، حيث اتضح من حديثهم بأن ذلك المهندس قليل الخبرة في وضع الألغام لأنة زرع ألغاماً ومرت عليها أعداد كبيرة من السيارات ولكنها لم تنفجر، وأثناء ذلك كانوا جميعهم يراقبون على مقربة من المكان الذي زرعوا الألغام فيه وبعد ذلك قاموا بإعادة وضع اللغم من جديد وصحب ذلك قدوم سيارة في اتجاه مكان اللغم والذي أطاح "بالتاير الخلفي" لها.
إضافة إلى سماع صوت السائق دون غيره،ونتج عن الانفجار تجمع الحرس من كل الأماكن المحيطة بالطريق الأمر الذي دفع بالأخوين/ أحمد شجين وعبدالله صالح فرج بالاتجاه نحو المزارع الموجودة والاختفاء بعض الوقت بينما اتجه المهندس للاتجاه المخالف ولم يظهر بعد ذلك.